التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 07:04 م , بتوقيت القاهرة

أحوال مصر وكلام في المتن !

جرت الأقلام في مصر المحروسة بمقالات ضافية لكتاب كبار، حاولت رسم صورة عام من حكم الرئيس السيسي، تنوعت بين نقد الأداء السياسي أو الاقتصادي أو المؤسسي بشكل عام، وأوضاع الحقوق والحريات وجدية مكافحة الفساد والترهل في الكثير من مؤسسات الدولة،  تضمنت بالطبع الكثير من الحقائق والأباطيل معا، لكنها في تقديري دارت في معظمها في الهامش وليس في المتن حيث اكتفى الكثيرون ببسط مظاهر الخلل وأعراض المرض دون تشخيص دقيق للمرض ذاته، ووضع العلاج المناسب الذى ان توفرت الإرادة لتعاطيه لبرء الوطن مما يعانيه خلال وقت قصير نسبيا مما لو استمر التعاطي على هذا النحو.


تصور كثير من المصريين أن حل مشاكلنا في ثورة تجتث جذور الفساد والاستبداد وغياب الكفاءة والعشوائية، دون أن نعي أن الفوضى تبدأ في العقل والضمير قبل أن نعاين آثارها في الواقع الذي نعيشه، عند الحديث عن الفساد من هو الفاسد هل المبنى أم من يعمل به أو يديره ؟  من المستبد قصر الحكم أم من يسكنه ؟ من قليل الكفاءة مهنة الطب أم الطبيب؟


الإنسان يا سادة هو أصل الداء، بالله عليكم هل يستطيع أحد ان يدعى أنه لازال لدينا كود أخلاقي مصري يتميز به المصري دون خلق الله، أليست الفهلوة أو العشوائية والفساد في العقل والضمير أهم مفرداته هل هذه مفردات مما تصلح به مسيرة أي أمة أو تقودها سوى للهاوية.


هل كنا بحاجة لثورة؟ نعم لكنها لم تكن فقط على النظام السياسي الذى حكمنا، بل على البيئة التي أنتجت هذا النظام ولازالت قادرة على إنتاج الأسوأ.


ليحاول كل من هؤلاء الشباب الرائع الذى يذخر به هذا البلد تحديد ما هو الأقرب لميوله وأهدافه ومواهبه وطاقته، هل هي مما يناسب العمل السياسي أم الاقتصادي أم الاجتماعي أم الثقافي، وليدلف مباشرة إلى هذا الفضاء ليكون جزءا من خطة عمل، ترص صفوف المصريين في خلايا عمل وليس على المقاهي أو في الطرقات أو في الأندية الفارغة.


في البيئة السياسية هل من الممكن أن نحظى بأحزاب حقيقية تربي كوادر وتنتج برامج بديلة دون أن تبني تنظيما سياسيا في كل قرية ومدينة ومحافظة، في كل حوار يجمعني مع أي دائرة في قرية أو مدينة أجد نماذج رائعة فهما واستنارة وخيالا، لكنها تكتفي ربما بنقد الأوضاع وتوصيف المشكلة دون أن تسعى أبدا لتكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، أكثر من 60 % من تركيبتنا السكانية من الشباب فما هي نسبتهم في الأحزاب السياسية ؟ ولماذا لا يوجد حزب سياسي واحد للشباب ؟ سيقولون أن البيئة السياسية لا تسمح أقول جزء أصيل من مهمتك ونضالك السلمي السياسي أن توسع مساحاتك وتجعلها تسمح، فالكون قائم على المدافعة، لكن حاول أن تحدد أهدافك بعمق وبتدرج يناسب مستوى تأهيلك، ابدأ بإنشاء الحزب والنقاش حول الأفكار والبرامج، وحين تشعر أنه أصبح لديك بنية حزبية ووجود تنظيمي تقدم لانتخابات المحليات، وأبدأ التجربة واحتك بواقع العمل السياسي والتنفيذي، كل أحزاب الدنيا بدأت هكذا ومع النجاح في المحليات تتطور القدرات وتبرز الكفاءات لبرلمان وحكومة في هدوء وبلا ضجيج ، لنتعلم ممارسة السياسة ككل العالم.


في البيئة الاقتصادية ضعوا أيها الشباب أفكاركم الخلاقة بمشروعات مبتكرة تليق بما تملكونه من خيال، يرتبط فيها رأس المال من خلال المسؤولية الاجتماعية ليكون جزءا منه في خدمة تلك الأفكار تمويلا وتسويقا، لابد من ربط البحث العلمي بالإنتاج والأمر يحتاج مبادرة من الرئيس تدعم وترعى ذلك بإزالة العوائق وفتح الأبواب وتهيئة البيئة التشريعية لذلك هذه هي التشريعات الملحة يا سيادة الرئيس، وليكن صندوق تحيا مصر نواة لدعم تلك الأفكار.


في البيئة الاجتماعية نحن بحاجة إلى دعاة للدين وليس دعاة للسياسة، فلكل مكانه نريد الداعية المستقل الذى تحركه قيم الحق والحرية والجمال والعدل، يخلص لها دون الإخلاص لجماعة أو تيار، يرص الصفوف تحت راية الوطن الجامعة، نريد طاقة الشباب في العمل الاجتماعي والخيرى والتنموي وهناك مبادرات فردية نجحت تقدم لنا المثال كمصر الخير ورسالة وغيرها، أطلقوا مبادرات العمل الأهلي في القضاء على الفقر والمرض والجهل فهي أولى بالاهتمام والعمل.


في البيئة الثقافية نريد محاصرة القبح والتردي الذي حاصرنا في كل منتجات الثقافة فيلما وأغنية ورواية ومسرحية، أين هي القوة الناعمة في مصر أيها الشباب أخرجوا طاقاتكم قدموا إبداعاتكم قدموا ما يليق بهذا البلد وما تملكونه من ابداع وموهبة.


نريد بناء الإنسان الذى دونه لا تحيا الأوطان ولا تزدهر،  نريد إعادة صياغة الشخصية المصرية لتكون جديرة بحياة الإنسان في كل العالم، ولن يحدث ذلك ونحن نرفع رايات النقد ونتشاحن ونتشاجر دون أن يمضي كل منا في سكون ووقار لأداء ما يحسن صنعه من أجل هذا البلد.


كن حلا في بلدك أو جزءا من الحل، فمصر لا تحتمل المزيد من المشكلات كن إجابة ولا تكن سؤالا.