التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 11:10 م , بتوقيت القاهرة

ويسألونك عن السيسي.. قُل أفلا تذكرون

(1)
ما بين العريش والإسماعيلية حوالي 180 كم . ها قد قسنا المسافة التي كانت بين الجيش الوطني والعصابات المسلحة. ها قد حددنا ما كان يفصل بين النظام المهتز في سعيه للثبات والفوضى الهادرة في سعيها لإدارة التوحش. وهي المسافة بين الأمن والخوف بين نور الدولة المصرية وظلام تنظيم الدولة الإسلامية.


لابد وأن نعترف أن شمال سيناء كانت قاب قوسين أو أدنى من الضياع التام. لا أمتلك معلومة حاسمة لما كان مخططاً لها . لكنني أظن أن ضمها لغزة هو أرق الطموحات وأكثرها بساطة ونعومة .. فمن قال أنها لم تكن لتتمدد على الساحل حتى بورسعيد وإلى العمق، حيث الإسماعيلية معطلة الملاحة في القناة مهددة قلب الدلتا والقاهرة!


(2)
هل من عاقل يمكن أن يتخيل أن إدارة النظام المصري في عهد مرسي كانت ستمانع!... لن نضرب الودع ولكن سنتذكر فواتح الشهية  من مقدمات لتوريط الجيش المصري في قتال (روافض) سوريا أو الشحن والوعيد بتدخله ( لنصرة ) غزة، أو أن يتيه في مغامرة في مستنقعات اثيوبيا.!! ومن قال إن سلفيي مطروح في هذه اللحظة كانوا سيقفون مكتوفي الأيدي فضلاً عن إخوان الصعيد وعشوائيات القاهرة.


(3)
المقللون من كل شأن والمهونون من كل خطب أراهم يبتسمون في سخرية وكأن ما أقول خيال مريض مفرط في الهلع من أمور غير معقولة . لكنهم وكعادتهم يختفون عند الكارثة التي طالما أكدوا استحالة حدوثها.. ويتركوننا نبحث عنهم لنقتص من غباء طرحهم واستعلائهم غير المبرر. فهم أنفسهم من هونوا يومًا من مظاهرات السوريين المرتبة وغير العفوية، والتي جذبت العفويين من بيوتهم ثم أخذت كرة الثلج سرعتها، فكان ما كان وضاعت سوريا فسكتوا ونسوا سخريتهم ممن رأى الخطب يومًا جلل.


وهم أنفسهم من دبجوا المقالات تسبح بحمد الثورة الليبية وتتوقع انطلاق ليبيا إلى آفاق التقدم وتتخيل كيف برحيل القذافي سيرفل الشعب الليبي في النعيم .. ونسوا ما على الأرض من تناقضات وأغفلوا عن عمد تلك الأفكار التي تتراقص على ناصية كل زقاق ( زنقة ) ليبي فتفتحه لكل راع من أجلاف الصحاري المترامية بل وتمنحه المال والسلاح والنفط والعصبية .. فضاعت ليبيا وصارت مأدبة دائمة تفوح رائحتها غير الشهية في ممرات (جنيف).


(4)
أرى حوارا طويلا عريضا عما فعل السيسي خلال عام .. مبدئياً نحن لا نسبح بحمد شخص أياً من كان ولا يجب أن ننتمي لغير الدولة المصرية ( ولا أقول مصر ).ومن العجيب أن يتجه الحوار لمنظومة الخبز أو سلع التموين أو الكهرباء أو الطرق الجديدة أو المليون فدان أو حتى درة تاج الفعل التنفيذي وهو المجرى الجديد الاضافي لقناة السويس.


فيا من تجادل فيما فعلت الدولة المصرية بعد ( 3 يوليو )، وحتى اليوم اعلم أنه أجل وأهم وأعمق من حديث الأسعار وتقليل تخفيض الأحمال وترشيد استخدام التكييف.. ما فعلت الدولة المصرية هو تأكيد بقائها.. نعم لقد بقيت على قيد الحياة  أفلا تعقلون.


ما فعلناه خلال عام هو نجاح حقيقي في تحجيم الإرهاب وعودته لمربعه الأول وهو مربع أن يبقى محاولاً الصخب لا مربعه الذي كان فيه وهو مرحلة التمكين على بقعة من الأرض تمهيداً للتدويل لنستيقظ على مصر، وقد صارت قضية دولية يجلس فيها وزير الخارجية مع موفد جماعة أنصار بيت المقدس على طاولة مفاوضات.


(5)


الوهم الذي يصدره البعض أن الإرهاب هو نتيجة لرحيل مرسي، هذا الوهم هو بضاعة تروق فاقدي الذاكرة ومن يعانون من الخرف. تذكروا واذكروا 6 أغسطس 2012 أي حرفياً بعد شهر من تولي الإخوان لحكم مصر واسمها لمن نسي ( مذبحة رفح الأولى )، حيث بدم بارد تم ذبح 16 جنديًا مصريًا.. وأتحدى من يثبت أن إدانة رسمية قد صدرت عن الإخوان أو جماعات الدم المتأسلمة لهذا الحادث ولو حتى من باب التقية. لأنهم يعلمون بأن إدانة كهذه تحبط قواعدهم التي تتمنى لمصر كل شر ممكن. بل وحرفياً لم يحضر واحد منهم جنازتهم الشعبية التي أيقظتنا على ما نحن مقبلون عليه.


ثم بعدها بأيام مصرع وإصابة 9 جنود وبعدها بيوم قتل أحد شيوخ القبائل وابنه وهو من المتعاونين مع أجهزة الدولة في شمال سيناء ليصير عبرة. ثم شهداء بالعشرات من رجال الشرطة والجيش في هجمات لا حصر لها من سبتمبر إلى ديسمبر 2012 وهلم جرا بلا أي رغبة سياسية جادة للمواجهة.


لن ننسى نهر السلاح المتدفق من ليبيا يشق الصحراء ويعبر الوادي ليستقر هناك. ولن ننسى مئات الأنفاق وسيول المجرمين ترتع ما بين مصر وغزة كأنما في نزهة.


ولن ننسى اختطاف الجنود السبعة وتعليمات (رئاسة مرسي) بالحفاظ على سلامة الخاطفين مع المخطوفين في مايو 2013 .. كل ما سبق وأكثر وكان الإخوان يحكمون.. ولم نكن نعلم أو يعلمون ما يخبئ لنا القدر في يوليو.. فمن يقول إن العنف هو نتيجة لعزل مرسي فهو كذاب، يتحدث إلى من (على أحسن تقدير ) ينسون كثيراً .


(6)
قد يبدو الرئيس عند البعض قوياً حاسماً مخلصاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وعند آخرين يبدو مخطئاً في توجه.. ضعيفاً في مواجهة.. متناقضاً في تصرف أو متراجعاً في خطاب . لكن أين هذا مما كنا ننطلق نحوه بسرعة هائلة.


نحن اليوم دولة بها مشكلات صعبة.. وبالأمس كان من الصعب جداً أن نقول من الأصل إننا دولة. نحن اليوم لدينا قيادة يراها البعض عبقرية ويراها البعض ليست على قدر الطموح.. لكن لا أحد يراها خائنة. قيادة.. مصلحتنا ومصلحتها واحده و هي الحفاظ على الدولة. وإن اختلفنا أحياناً في الكيفية. 
(7)
يوم التفويض قال لي رجل عجوز
- ممكن الراجل مننا يستحمل مراته الفاشلة اللي ما بتعرفش تعمل حاجة عشان البيت يفضل والعيال ما تضيعش.. إنما لا ها يفكر في بيت ولا في عيال لو كانت خاينة أو حتى فيه شك أنها ممكن تخون.


وكان كلامنا في الأصل عن الإخوان.