التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 03:54 م , بتوقيت القاهرة

عبد الرحمن رشاد: الإذاعة الآن "أتلفها الهوى"

"أستمع إلى الراديو ولن تندم، الراديو يقدم نجيب محفوظ وجمال حمدان وأم كلثوم، الراديو مائدة ثقافية شاملة، وأرجو من التلفزيون أن يتعلم"..


كلمات الكاتب الراحل أحمد رجب في عموده "نص كلمة" بجريدة الأخبار، التي ظل يتذكرها هذا الإذاعي طيلة الوقت، وكانت دافعا له لتطوير الإذاعة خلال فترة رئاسته لها.


الإذاعي الكبير عبد الرحمن رشاد، الذي ارتبط بعمله لحد جعله يقوم من نومه، لسنوات عدة، ويصرخ قائلا: "نشرة الأخبار"، لاعتقاده أنه تأخر على موعد إذاعة النشرة، حسبما يقول خلال حواره لـ "دوت مصر"، بمناسبة الذكرى الـ 81 لبدء بث الإذاعة المصرية.


يعود رشاد بذاكرته إلى عام 1973، حين التقى بميكروفون الإذاعة للمرة الأولى، في برنامج "اقتصاديات"، الذي يقدمه الإذاعي على سعفان، واستضافه ضمن لقاء يجمع طلبة كلية إقتصاد وعلوم سياسية "كنت مشتركا في الإذاعة المدرسية، وكنت أحب أن أسمع الراديو باستمرار، ولما استضافني أستاذ علي سعفان، واحد من جيراننا قال لأمي ابنك هيبقى مذيع في الإذاعة، لأن صوته مميز جدا، وهو اللي خلاني ألتفت للموهبة دي".


تمر 6 سنوات، ويخبره إعلان بصحيفة الأهرام أن الإذاعة فتحت باب التقديم للعمل بها، فيتقدم الشاب صاحب الـ 25 عاما بأوراقه للجنة المكونة من كبار الإذاعيين، ويجتاز الامتحانين الشفوي والتحريري، ويروي عن تلك الفترة: "مكنتش أتوقع النجاح، وكمان يكون ترتيبي الثالث، وأن اللجنة توصي أن يتم تدريبي في البرنامج العام، على يد الإذاعي الكبير صبري سلامة، اللى عملني أصول المهنة لمدة 6 أشهر تدريب، ومن بعده الإذاعية هالة الحديدي في ستوديو الهوا".


"نقدم هذا المساء".. البرنامج الأول لرشاد، الذي كان يعرض خلاله ماذا تقدم البرامج الإذاعية كل ليلة، إلى جانب تقديمه النشرات الإخبارية اليومية، لينتقل بعد أشهر لمنطقة أخرى، اعتبرها الأكثر خطورة في الإذاعة من وجهة نظره، وهى تقديم برامج المنوعات، كبرامج "ضحك ولعب وجد وحب"، و"سكة سفر"، و"من الألف إلى الياء".


قاده نجاحه في هذه البرامج، وتقديم الحفلات الغنائية، والتي كان أولها حفلة للمطربة وردة، إلى تقديم برنامج "قصائد وألحان"، "كان نجاحي ملحوظا في تقديم الحفلات الغنائية، بخاصة أنها كانت أكتر حاجة بتتسمع في الإذاعة، ولما وردة عجبها تقديمي للحفلة، قدمت لي هدية، وأشاد بي وقتها الإذاعي الكبير وجدي الحكيم".


"مين المذيع المجنون ده، اللي بيقول عرائض وقوافي على الهوا من غير ميغلط"..


قالها الموسيقار محمد عبد الوهاب، خلال اتصاله بالإذاعة عقب سماعه إحدى حلقات "قصائد وألحان"، في الوقت نفسه الذي كان يتصل يوميا الملحن سيد مكاوي، ليرشح أغاني لتقديمها بالبرنامج، وهو ما قال عنه رشاد: "من الأشياء التي لا يمكن أن تُمحى من ذاكرتي حتى هذه اللحظة".


يسافر عام 1991 في إعارة للعمل بالإذاعة القطرية، ويعود بعد 5 سنوات في شهر رمضان، ليقدم أهم برامج الإذاعة المصرية، حسبما وصفه، وهو "عازم ومعزوم"، الذي يقول عنه: "كانت فكرة البرنامج إننا نجيب كبار الشخصيات في الدولة من أول رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، وصولا إلى الوزراء، ورئيس مجلس الشعب، ويتكلموا في التليفون، ويخلوا أسرتهم تتكلم معانا سواء كانوا عازمين أو معزومين".


ويعتبر رشاد أن أهم حلقة قدمها في تاريخه كانت في هذا البرنامج، وهى حلقة الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأيضا من أهم ما قدمه هو اللقاء الأخير للصحفي الكبير مصطفى أمين قبل وفاته، ونشرة أخبار الثانية ظهرا، التي أذاع فيها خبر غزو صدام حسين الكويت عام 1990، لكن أحب الحلقات إليه هي حلقة قدمها في برنامج آخر، لا يتذكر اسمه، مع الشاعر السوري نزار قباني.


وعن أطرف المواقف التي صادفها أمام ميكروفون الإذاعة، فيتذكر موقفين، ويقول: "الأول لما دخلت الهواء ومش معايا الورق اللي بقرأ منه، واضطريت أخلي الفني يمليني في السماعة وأردد وراه، والثاني لما واحدة فتحت باب الأستوديو وإحنا على الهواء، وبتسأل على حد عايزاه، فقفلت المايك لغايت لما خرجت".


أكثر من 35 عاما قضاها عبد الرحمن رشاد داخل حجرات مبنى الإذاعة، تدرج خلالها في العديد من المناصب، حتى أصبح رئيسا لها، ما دفعنا لسؤاله في ختام الحديث معه عن رأيه في الإذاعة حاليا، فأجاب بكلمة واحدة رآها كافية، قائلا: "الإذاعة الآن، هي إذاعة أتلفها الهوى".