التوقيت السبت، 18 مايو 2024
التوقيت 07:05 م , بتوقيت القاهرة

"فن الانقلاب".. هل تعلم السادات من النميري؟

سلطت صحيفة "الانتباهة" السودانية الضوء على تفاصيل جديدة حول "انقلاب مايو"، الذي قاده الرئيس السوداني الراحل، جعفر نميري، عام 1969، عبر عرض قدمته الصحيفة لكتاب "الرجل والتحدي" الذي ألفه السكرتير الصحفي للنميري، محمد محجوب سليمان.

مولد وصاحبه غايب

ورصدت الصحيفة، في عددها الصادر، يوم الأحد، خطوات نميري للسيطرة على أفرع القوات المسلحة التي بدأها بسلاحي المدرعات والمظلات، اللذان توليا مهمة السيطرة على المراكز الإستراتيجية في الدولة، التي بدأت فجر ليلة انهكم فيها السودانيون أصحاب النزاعات الصوفية بالاحتفال بذكرى المولد النبوي، وسط حذر وترقب من قبل قادة الانقلاب، الذين وسعوا دوائر اتصالاتهم تدريجيا بأفرع القوات المسلحة في الولايات المختلفة.

وما إن وصلت الساعة السادسة صباحا حتى كان أمر كافة الولايات تحت سيطرة قادة الانقلاب.

بداية الصراع

وفي صباح اليوم التالي بدأت الموسيقى العسكرية تنطلق من راديو "أم درمان"، ثم توالت البيانات العسكرية، عقب إعلان التشكيل الوزراي لحركة "مايو"، التي وصفها البعض بأنها مدعومة من الحزب الشيوعي السوداني، الذي سعى للقفز فوق الحركة.

لكن نميري فطن لهذه المحاولات وحاول أن يرفع شعار "الاشتراكية السودانية" كمشروع خاص بالحركة، لكي يزيح عنه الالتصاق بالفكر الشيوعي المفروض جماهيريا آنذاك، من قبل قطاعات واسعة في الحزب.

محاكمات الشجرة

اخترق الشيوعيون مجلس قيادة انقلاب "مايو"، عبر 3 أركان أساسية، هم: هاشم العطا وبابكر النور وفاروق حمد الله، عبر سكرتير الحزب الشيوعي، عبدالخالق محجوب، الذي عندما فشل في السيطرة على مفاصل الانقلاب من الداخل، مهد للانقلاب على نميري، في 19 يوليو 1971، وتمكن من السيطرة على مفاصل الدولة لمدة 3 أيام.

لكن سرعان ما استعاد نميري السيطرة على الدولة، وجمع القيادات الشيوعية السودانية من سياسين وكتاب وفنانين وزج بهم في السجون، إضافة إلى إعدام قادة الانقلاب في محاكمات عرفت باسم "محاكمات الشجرة"، وسط إدانة دولية كبيرة من قبل قوى اليسار، التي انقلبت على نميري في أوائل السبعينات، وأولها الاتحاد السوفيتي.

العالم يتجه غربا

نميري، الذي كان مولعا بالتجربة الناصرية في الخمسينات والستينات، ضحى باليسار الذي نشأ الانقلاب في كنفه في أوائل السبعينات، واتجه غربا للولايات المتحدة عقب تصفية التيار الشيوعي في السودان في "محاكمات الشجرة".

وأذاع نميري في إحدى اللقاءات الجماهيرية أن الولايات المتحدة ستمد السودان بالسلاح، وأنه يفكر في إعادة العلاقات معها، بالتزامن مع ما فعله السادات في أعضاء الاتحاد الاشتراكي في عرف بثورة "التصحيح" في مايو 1971، ما كان مؤشرا لبسط الولايات المتحدة نفوذها على مناطق مؤثرة للاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط.

فالسادات الذي تعلم من صديقه النميري سارع عقب حرب أكتوبر للتحرر من المعسكر السوفيتي ليدخل أحضان المعسكر الأمريكي خاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد للسلام.

ورغم العلاقة الحميمة بين نميري وحلفاؤه الأمريكيان، إلا أنهم اكتفوا بدور المراقب في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في أبريل 1985 وأطاحت بالنميري إثر زيارة خارجية له لأمريكا.

ليبدأ السودان مرحلة جديدة من الديمقراطية، لكنها لم تدم طويلا، وانتهت بانقلاب عسكري آخر، لكن ذو صبغة إسلامية، في 1989 وصل به البشير إلى السلطة.