التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 02:42 م , بتوقيت القاهرة

ملاحظات حول جلسة استماع بالكونجرس

اهتمت وسائل الإعلام بجلسة الاستماع التي عقدتها لجنة الشرق الأوسط بمجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان "مصر: عامين بعد مرسى"، الجلسة شارك فيها بالطبع نواب الكونجرس الأعضاء في تلك اللجنة، بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص من خارجها تم استدعاؤهم للشهادة وعرض وجهة نظرهم حول الموضوع، اثنان منهم من أصول مصرية هما نانسي عقيل مديرة ما يُعرف بمركز التحرير لدراسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن، والثاني صمويل تادروس الباحث بمعهد هادسون الأمريكي، والثالث هو إيريك تريجر الباحث بمركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.


بعض وسائل الإعلام خرجت بعنوان "محاكمة مصر فى الكونجرس"، والبعض الآخر حمل عناوين إيجابية تشيد بالعلاقات المصرية الأمريكية والدعوة لإجراء "حوار استراتيجي بين البلدين".


ما أهمية هذه الجلسة؟


بالرغم من اهتمام العديد من وسائل الإعلام بما جاء في هذه الجلسة، فيجب عدم المبالغة في ذلك. فجلسات الاستماع، وخاصة في لجنة الشرق الأوسط التابعة للجنة العلاقات الخارجية، تتضمن فقط حوارات وعرض لوجهات نظر، ولا يترتب عليها بالضرورة أي مبادرات تشريعية.


ومع ذلك فإن هذه الجلسات تُعبر عن التوجهات العامة السائدة بالكونجرس تجاه مصر. والكونجرس مؤسسة هامة في صنع قرار السياسة الخارجية الأمريكية وخاصة بالنسبة للموافقة على برامج المعونات وصفقات السلاح وكذلك اتفاقيات التجارة.


هل هناك جديد في هذه الجلسة ؟
أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي أعادوا التأكيد على أهمية تقوية العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وعلى دور مصر المحوري في تحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط، والتزامها بمعاهدة السلام مع إسرائيل، ودورها في مكافحة الإرهاب، وأهمية قناة السويس كمعبر استراتيجى للتجارة العالمية وللسفن الحربية الأمريكية المتجهة من البحر المتوسط لمنطقة الخليج.


الجديد في الأمر أن هناك تباينا واضحا في بعض المواقف بين الأعضاء المنتمين للحزب الديمقراطي والأعضاء الجمهوريين. الديمقراطيون طرحوا بقوة قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والملفات التقليدية المرتبطة بها مثل قانون الجمعيات وقانون التظاهر، وأحكام الإعدام.. إلخ. فى حين أكد الجمهوريون على قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، وضرورة إيجاد التوازن المناسب بين الديمقراطية وأمن المواطن، واستخدام المعونة الأمريكية لتحقيق الهدفين فى نفس الوقت، كما أشارت رئيسة اللجنة السيدة إلينا روزليتين.


قضية أخرى حظيت بمساحة من النقاش في الجلسة وهي العلاقات المتنامية بين مصر وروسيا، حيث أبدى العديد من الأعضاء قلقهم من تطور هذه العلاقة، وإن أشار أحدهم (العضو دانا روبكر من كاليفورنيا) إلى أن التقارب المصري الروسي نتاج لعدم وقوف إدارة أوباما بشكل قوي مع مصر في حربها ضد الإرهاب، وأنها أرسلت لمصر طائرات هليكوبتر لا تحتوي أنظمة مناسبة لمواجهة هجمات الجهاديين!!


في هذا الإطار أيضا أشار الباحث إيريك تريجر في شهادته أمام اللجنة إلى خطأ الفكرة السائدة في واشنطن، والتي تقوم على أن مصر ليس لديها خيارات أخرى غير الولايات المتحدة، ومن ثم يُمكن الضغط عليها باستخدام المعونات، فالواقع أن تجميد المعونات العسكرية لم يؤد إلى شيء، بل ربما يكون قد دفع مصر لتوقيع صفقة طائرات الرافال مع فرنسا بقيمة 5.4 بليون دولار، وصفقة سلاح أخرى مع روسيا بقيمة 3.5 بليون دولار.


كان هناك اهتمام أيضا لدى بعض الأعضاء بالدور الذي يُمكن أن تلعبه مصر في مواجهة تزايد النفوذ الإيراني المتصاعد بمنطقة الشرق الأوسط، وأن تطوير العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة يمكن أن يبعث برسالة طمأنه لدول الخليج العربية بخصوص هذا الأمر.


أثير أيضا موضوع تطوير الخطاب الدينى وكلمة الرئيس السيسي بجامعة الأزهر بهذا الشأن، وأن الفكر المتطرف للجماعات الإرهابية لابد من مواجهته بفكر إسلاميّ معتدل.


الخلاصة أن العلاقات المصرية الأمريكية هى علاقات متعددة و متشابكة، وكما أن لمصر أعداء بالكونجرس فلها أيضا أصدقاء ومتعاطفون مع وجهة نظرها، ولا يجب اختزال ما يُقال في جلسات استماع الكونجرس استنادا لوجهة نظر واحدة أو رأي واحد.


ويجب أن نبذل جهدا أكبر في توصيل وجهات نظرنا لصانع القرار الأمريكي والحوار معه من خلال قنوات رسمية وغير رسمية، وليس فقط انتقاده من خلال وسائل الاعلام المصرية التي لا يطلع عليها.