التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 03:17 م , بتوقيت القاهرة

اهرب

عزيزي الحالم الوطني ألا زلت تقول لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا؟


أقولها لك واضحا صريحا.. وحياة أمك؟!


نعم أمك ..


أمك التي تخشى عليها من السير آمنة سالمة في الشارع.. مجرد سير من أول الشارع لآخره.. أمك التي يجب أن تكون ماديا مستعدا لمصاريف علاجها من الأمراض التي ستُصاب بها من كل شيء فاسد.. سهّل وجوده فاسد.. وحماه فاسد.. وإلا ستموت وستهان وستُلقى بائسة على البلاط القذر في مستشفى حكومي.. أو مستشفى قائم على تسوّل التبرعات.. وربما كان أحد أقاربك مادة إعلانية خصبة للشحاتة عليها.


أتذكر جولاتي في مستشفيات علاج السرطانات الحكومية التي توفر علاجا مجانيا للمؤمن عليهم.. كدت أتقيأ كل أغنية في حب الوطن وأنا أرى ما أراه.. يومها شكرت الله على وجود ما يكفينا من أموال لعلاج أمي في القطاع الخاص.


نعم يا سيدي أمك..


أمك التي بسهولة تستطيع أن تستيقظ ثكلى.. أو تستقيظ أنت فتجد أنك يتيم.. دون سبب واضح سوى إهمال ما.. أو ظلم ما.. أمك وأمي وأبيك وأبي.. وكل من نحبه.. وأنت وأنا نعيش في خطر.


لقد أصبحت فاقدا لكل أمل وأي أمل في هذه البلد.. وآسفا أسعى جاهدا للسفر والهجرة.. لا يوجد لدي أي أمل لكتابة كلمات متفائلة وسط كل ما أراه.. سامحني.


لا يوجد عدل إلا في إعلامهم.. لا يوجد عدل إلا في لسان أحمد موسى وشركاه..


نظام مبارك لم يسقط ولن يسقط.. نظام مبارك لا يزال قائما أكثر قوة ولكن بشكل أكثر حنوا ورومانسية.. لا يزال من السهل جداااا أن تظلم شخصا ما عن طريق قريبك المستشار أو الضابط أو حتى أمين الشرطة.. ولو أراد المظلوم أن يرد هذا الظلم لا بد له من أن يجد واسطة أقوى.. فإن لم يجد واسطته فسينصفه القضاء ربما.. ولكنه، هتتقرص ودنه،  شوية.


لايزال لتخليص ورقة حقيرة في المرور أو السجل المدني أو أي مكان آخر من أماكن تكاثر وحياة الزومبي المصري  الشهير بكل سنة وأنت طيب.. تحتاج لدفع عشرين جنيها هنا وعشرة جنيهات هناك.. وأقلام ودبابيس وأوراق وطبعا شاي.


الفقراء ينامون على بطونهم ويُغتصبون لا يضربون فقط .. الفقير في هذا البلد يموت.. اهرب من هنا.. أنت هنا لست إنسانا.. أنت هنا كائن حي يعيش بعلاقاته وليس بعمله وقيمته.. إنت مجرد مجموعة أرقام لمعارف مهمين مسجلة على هاتفك.. نحن لسنا عبيدا يا دولة الأقنعة ولن نكون.


لم أكن أبدا ثوريا ولكن فاض بي الكيل.


أنت في بلدك فقير لا تملك سوى الأحلام وحتى هذه الأحلام يتاجرون فيها.. أنت في بلد يحتقرك يوميا مع كل طريق يقتلك وفاسد يسرقك وخادع يخدعك ورجل دين ينومك.. أنت في بلد تحبها ولا تعلم لماذا..! ولا أنا أعلم لماذا؟ لقد انطفأ تفاؤلي مع أول ظلم حقيقي أتعرض له.. ولكنه على الأقل قد فتح عينيّ على الحقيقة.


كفاكم كذبا ..


كفاكم حكاوي عن القعدة ع الكورنيش، عشان لو راجل تقعد خمس دقايق وحدك، وريحة الطعمية الصبح عشان هتاكلها وهي مقلية في زيت مدعم مسرطن وسخ، وكفاكم حكاوي عن حب الجيران اللي مابقوش طايقين بعض خلاص.


أنا حقيقي محتاج للهروب ..


هروب واجب للحفاظ على إنسانيتي وأحلامي.. هروب لازم للحفاظ على البقية الباقية من حب مصر.. هروب أفضل.. ليس لأكون غنيا أو أكثرنفوذا أو حتى أكثر راحة.. هروب "يادوب" لأكون إنسانا.. ولن أقول أبدا... لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا.. حتى تحدث معجزة ما.. تجعلني أقولها من قلبي حقا.. وتحيا مصر طبعا وكل حاجة.. بس أنا عاوز أنا كمان أعيش.


لمتابعة الكاتب