التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 10:33 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| استقالة وزير العدل.. مشهد غائب في "عمارة يعقوبيان"

ـ أنت والدك بيشتغل إيه يا طه؟

ـ موظف يا فندم

ـ موظف ولا حارس عقار؟

ـ يا فندم ما هو حارس العقار موظف برضه

ـ شكرًا يا طه.. انصراف.. اللي بعده

حوار لم تزد مدته عن 50 ثانية، دار بين الفنان محمد عادل إمام، واللواء، الذي أجرى له اختبارات كلية الشرطة، في فيلم "عمارة يعقوبيان"، عندما ذهب طه بعد انتهاء امتحانات الثانوية العامة طامحًا كغيره من الشباب أن يكون ضابطًا يخدم وطنه، واثقًا من نفسه، وأجاب على كل الأسئلة بمنتهى الثبات، الذي يؤهله لاجتياز الاختبار، والتأهيل لما بعده.

ولكن جاء سؤال وظيفة الأب صادمًا لـ"طه"، الذي كان من الممكن أن يصبح في يومٍ من الأيام ذا شأن، إن لم يقلل المسؤول من شأن والده، بشكل غير مباشر، بعدما عرف أنه مجرد "حارس عقار"، فصرفه بمنتهى الإهانة، ليوصل له رسالة "احلم على قدك".

لم يكن المشهد مجرد لقطة في فيلم درامي، من وحي خيال المؤلف، بل أصبح مجسدًا، على أرض الواقع، ويُصرح به المسؤولون علنًا، غير مبالين بالدساتير والحقوق الإنسانية، آخرهم وزير العدل المستشار، محفوظ صابر، والذي قال في أحد البرامج: "كتر خير عامل النظافة إنه ربى ابنه وساعده للحصول على شهادة، لكن هناك وظائف أخرى تناسبه، غير القضاء".

أغُلقت كل الأبواب في وجه "طه"، وتأثرت نفسيته سلبيًّا، بعدما تأكد أنه يعيش في مجتمع، يتم تقييمه فيه، حسب وظيفة الوالد، فانضم "طه" -وفقًا لأحداث الفيلم- لإحدى الجماعات الإسلامية، بعدما وجد نفسه مرفوضًا من المجتمع، ومنبوذًا من كلية الشرطة، لأن والده لم يكن ضابطًا أو مهندسًا أو طبيبًا؛ فهل فكر وزير العدل، ماذا سيفعل تصريحه في آلاف الشباب؟!

ولو تخيلنا أن "طه" أصر على مطالبة حقه وحشد قوى المجتمع لرفض هذا الواقع بكل السبل الممكنة ووصلنا إلى مشهد غاب في فيلم "عمارة يعقوبيان" فهل كان سيستقيل وزير العدل أو المسؤول عن أزمته التي عاشها في أحداث الفيلم؟.

في هذا الإطار علق أستاذ الطب النفسي، جمال فرويز: إن تصريحات وزير العدل تُعد من الكلام غير المسؤول على لسان شخص مسؤول، مؤكدًا أنها قد تؤتي بالخراب على مصر، فإحساس الأشخاص بأن المسؤولين والمجتمع ينظرون لهم نظرة دونية، يجعلهم يرفضون المجتمع، ويبحثون عن مجتمع يحقق لهم عدالة، أو يشتركون في جماعات تخريبية للانتقام من هذا المجتمع.

وأكمل فرويز، قد يكون هناك وظائف لها خصوصية معينة، لكن ماهية التعبير عن اللفظ مرفوض تمامًا، فلابد أن يشعر كل شخص بأن قيمته عالية، ليكون عضوًا فعالًا في المجتمع مهما كانت وظيفته.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي، في الجامعة الأمريكية في القاهرة، ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، سعدالدين إبراهيم: إن "التصريح كان سيئا، ولابد أن يخرج ويعتذر عنه، أو يخرج علينا رئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، ليعتذر عما بدر من وزير عنده، فلا يجب قياس الشباب بناءً على وظائف أهلهم، ويتم قياسهم طبقًا لما يفعله كل فرد".