التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 06:39 م , بتوقيت القاهرة

القطر جااااااااااااااااي

أذكر ذلك المشهد للفنان "أحمد حلمي " في فيلمه اللي كسّر الدنيا وحطّم شباك الإيرادات واللي أنا مش فاكرة اسمه.. لكن بالتحديد في المشهد المصوّر في جنينة الحيوان وحين صرخ بأعلى صوته "الأســـــــد فـــــــــك ".


أذكر ذلك المشهد يوميا، حين ينادي "عم عزت" (أحد البائعين على شريط القطار) بأعلى صوت لديه "القطـــــــر جاااااااااااااي" .. حتى يسمع الجميع.. ويتفادى تناثر أشلاء جثة جديدة لا تنتبه لقدوم القطار.


* أعاني منذ نعومة أظافري .. أي منذ 23 عاما .. أي 276 شهر .. أي 8280 يومًا .. أي منذ ما يقرب من 198720 ساعة من مشكلة "القطار" !


* القطار يا سادة لا يمثل لي - كما البعض - السفر والتنقل من بلد لآخر أو قرية لأخرى.. ولكنه جزء لا يتجزأ من حياتي.. حيث فكّر مسؤول ما - منه لله - أن يصدر قرارا باستغلال قطعة أرض على حافة شريط القطار ليحوّلها إلى مساكن حكومية تتبع المحافظة - المنيلة - وكان قد كلّف مهندس ما - الله يجازيه - أن يخطط لهذا المشروع ويشرف على تنفيذه.


* لم يعلم هذا المسؤول أنه بجرّة قلم من يده الحمقاء سوف يعذّب أسراً وعائلات كثيرة وأنهم سيحملون أوزار هذا الذنب سنين.


* حياتنا يا سيادة المسؤول في هذه المساكن نحياها في الفواصل، أي الفاصل بين القطار والآخر ... وتتحدد مدة هذا الفاصل حسب نوع القطار وحسب شخصية سائقه.. فهناك القطار السريع ذو العربة الواحدة، وهناك قطار متوسط السرعة وعرباته يمكن عدّها.. لكن المأساة الحقيقية تكمن عند مرور قطار "البضائع" حيث العربات اللامتناهية والبطء المبالغ فيه.


* يومياً ومنذ الصغر ولأن في بيتنا "قطار" .. كان يزورنا الأقارب والأهل.. وبينما كان الكبار يتحدثون ما بين القطار والآخر، كان علي أنا "الطفلة البريئة "أن أتحمل سخافة أطفالهم، الذين ينظرون إلينا كعائلة خارقة، تقطن بجانب شريط القطار(كأنها ملاهي).. فما إن يصدح صوت القطار حتى يركض جميع الأطفال إلى النافذة ليرون القطار المتحرك المبهر!


* هذا غير أنه من حين لآخر.. يأتي رجل مكلّف من المحافظة ويحرق جميع العشب النامي على حافة القضبان، ونستقبل نحن بصدرٍ رحب رائحة الحرائق والدخان الذي يتخلل فتحات النوافذ ويتجه صوب صدورنا.


* لكن لا أخفي عليك أن عبور شريط القطار ذاك سهّل علينا نصف المسافات إلى أي مشوار.. لكن المصيبة تكمن في "المزلقان".. المزلقان هو مشروع "موت محقق" .. يعبر الآلاف فوق شريط القطار يومياً من أمام " الموت" هكذا بكل بساطة.. ومن الممكن في أي لحظة أن يأتي قطار من أمامنا أو يعود من خلفنا أو ربما يصطدم بنا !


* أقول لك وأنت أكيد سيد العارفين ... وإن كنت لا تعرف.. عليك أن تشاهد برنامج مدام "لميس " أو ربما مدام "ريهام سعيد" أو مدام "منى الشاذلي " أو أي مدام و خلاص !


* أذكر أنه يوماً كنت أعبر من فوق شريط القطار.. وبجانبي سيدة كبيرة في السن علق حذاؤها في قضيب من القضبان، وجاءتنا الزمارة من بعيد.. أذكر كم فزعنا.. حاول الجميع مساعدتها .. و لم نستطع حل الحذاء .... فعادت السيدة لبيتها "حافية القدمين" ( و غنالها كاظم على فكرة) !


* و أخيراً لا أطلب منك أن تقوم بعمل كوبري مشاة أو تنقلنا لمساكن افضل.. فنحن نعلم حدودنا.. ولكن فقط نطالب بميكروفون كهربائي، نضعه في عهدة "عم عزت" بدل ما الراجل صوته اتنبح وأحباله الصوتية دابت من كتر ما بينادي في الناس (الــــــــقـــــــــــــــــطر جاااااااي ) بقاله اكتر من 40 سنة.