التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 01:02 م , بتوقيت القاهرة

لماذا يتصارع الإرهابيون؟

حينما ترى فصيلين متشددين يقاتلان بعضهما البعض تندفع إلى رأسك عدة أسئلة حول الأسباب التي تجعل تنظيمات تدعي أنها تدافع عن دين واحد وتحمل رايته أن تستخدم السلاح في معاركها ويستحل كل منها دماء الآخر.


"ما عدوك إلا ابن كارك".. هذا المثل الشعبي ينطبق تماما على تفسير هذه الحالة حيث الهدف الرئيسي من وراء ظهور هذه التنظيمات هو بسط النفوذ على المناطق والجماعات التكفيرية الأصغر التي تنتشر في أرجاء الشرق الأوسط، في ظل السعي الدؤوب لهذه التنظيمات إلى الهيمنة على ما يسمي بالحركة الجهادية العالمية، وعلى التمويل، وعلى إمكانية كسب مقاتلين جدد، وأيضًا على المكانة والهيبة بين صفوف الميليشيات المسلحة، حيث يحاول كل تنظيم كسب المجموعات المحلية لأجندتها الأيديولوجية.


تنامي تنظيم "داعش" بعد انشقاقه عن تنظيم القاعدة وإعلانه دولة الخلافة المزعومة ورفض أيمن الظواهري ذلك رسمت ملامح الصراع المحتدم بين التنظيمات الإرهابية، وتطور الأمر وبدأ الطرفان في إعلان معارضتهما الفجة لبعضهما البعض، وكذلك ظهرت خلافاتهما الإيديولوجية بشدة، وقد وصل الخلاف إلى أشده بعد تبادل الطرفين الاتهامات والسباب العلني على المواقع والمنتديات التكفيرية، ووصلت لحد تكفير كل طرف للآخر، فقد وصف تنظيم منشقي القاعدة داعش الظواهري بـ"الشيخ الخرف"، واتهم داعش قيادات القاعدة بالانحراف عن المنهج الجهادي، معتبرًا أنها لم تعد تمثل قاعدة الجهادالعالمي، وأن قيادتها باتت معولاً لهدم مشروع الدولة الإسلامية والخلافة على حد قولهم.


في المقابل، وصف الظواهري داعش بأنها فئة منحرفة ووصفها بعدم الالتزام "بأصول العمل الجماعي"، و"إعلان دول دون استئذان". وأصبحت جبهة النصرة – الموالية لتنظيم القاعدة – تصف تنظيم داعش  بأنه "جماعة باغية" يجب قتالها، بينما يرى أنصار داعش أن النصرة عبارة عن"صحوات خائنة"، مما أدى إلى نشوب معارك عنيفة بين الطرفين قتل فيها آلاف الأشخاص في سوريا.


من هنا يتضح أن لكل تنظيم معتقداته وأفكاره التي يرى أنها تمثل الحق المطلق، فتنظيم القاعدة الأم يرى مخالفيه أنهم فاسقون، أما تنظيم داعش فيرى أنهم كفار ومرتدون ويجب قتالهم. لكن تنظيم داعش يتميز عن القاعدة الأم بزيادة جرعة الفكر التكفيري حتى تحول من الفكر الجهادي التقليدي إلى الفكر التكفيري، وقد ظهر ذلك جليًّا في إسراف تنظيم داعش في القتل تجاه مخالفيه. حيث أن تنظيم داعش يتشدد تجاه الطوائف والأديان الأخرى فهم جميعًا كفار من وجهة نظرهم ويجب قتالهم وقهرهم.


من بين النقاط الخلافية بين التنظيمات التكفيرية مسألة البيعة، حيث ترى القاعدة أن من حقها الحصول على البيعة من قبل كل التنظيمات الجهادية، لأنها هي الأولي بأخذ البيعة للخلافة، في حين يرى تنظيم داعش أنه ليس فرعًا تابعًا للقاعدة، وأنه قام بإعلان الخلافة الإسلامية، لذا يجب على قيادة القاعدة وأفرادها مبايعة خليفة المسلمين البغدادي لأنه قرشي.


أيضا التنظيمات التكفيرية تختلف فيما بينها أيضا حول استراتيجية "العدو البعيد والعدو القريب". حيث تركزت حرب تنظيم القاعدة ضد "العدو البعيد" الولايات المتحدة وحلفائها، أما تنظيم داعش فيهاجم مباشرة جميع الدول في محيطه"العدو القريب" في الدول العربية والإسلامية، ولا يقوم بأية هجمات في أوروبا أو الولايات المتحدة.


الصراع المحتدم بين التنظيمات التكفيرية المسلحة لا يوحي بشيء إلا أن قيادات هذه التنظيمات لا تهتم بما تدعو إليه من شعارات فضفاضة تجذب بها المقاتلين إلى صفوفها، بل إن الشاغل الأكبر لهذه القيادات هو بسط النفوذ وتتبدل ولاءاتها بحسب تغير المصالح لا لمن يشترك معهم في العقيدة والمبدأ.


اقرأ أيضا