التوقيت الثلاثاء، 16 أبريل 2024
التوقيت 07:21 ص , بتوقيت القاهرة

معركة مرتقبة في القلمون السوري.. ماذا يريد حزب الله؟

يذهب "حزب الله" اللبناني إلى معركة واسعة في منطقة القلمون السورية، المحاذية للحدود اللبنانية، ضد مقاتلي جبهة النصرة والمعارضة السورية المسلحة، بعد الخسائر التي تعرض لها في المنطقة، إذ تخوض عناصر المعارضة والنصرة معارك كر وفر مع الحزب في منطقة ذات تضاريس بالغة الصعوبة.


من جانبه، يؤكد حزب الله على لسان نائب أمين عام الحزب، نعيم قاسم، أن معركة جرود القلمون قادمة، وهي تطل برأسها وتثبت مرة أخرى أن التكفيريين غير قادرين على التوسع كما يريدون، معتبرا أن هذه المعركة لحماية القرى اللبنانية، فيما تؤكد النصرة والمعارضة إطلاق معركة "الفتح المبين" ضد عناصر الحزب والقوات الحكومية السورية.



صعوبة الحسم


المحلل العسكري اللبناني، العميد نزار عبدالقادر، قال لـ"دوت مصر"، إن هذه المعركة الثانية لحزب الله في القلمون، وكما حدث في المعركة الأولى عام 2013، من الصعب جدا أن يتمكن الحزب من حسمها بصورة نهائية، نظرا لوعورة المنطقة الجبلية، كثيرة الوديان والمغارات، لذلك يسهل على مسلحي المعارضة الانسحاب إلى مواقع حصينة والتمترس في الوديان العميقة، ومن ثم الظهور بين الحين والآخر.


يضيف "يجب أن يدرك حزب الله أنه سيكون من الصعب جدا عليه طرد مقاتلي المعارضة من هذه المنطقة، لأن وجودهم يرتبط بحد كبير بمخيمات اللاجئين الموجودة ضمن الأراضي اللبنانية، خصوصا ضمن عرسال، وهم من سكان قرى وبلدات القلمون، وأهاليهم لجأوا إلى المناطق الحدودية القريبة، لذلك ارتباطهم ليس بالأرض، لكن بسبب وجود عائلاتهم على مقربة من هذه الأرض".



عجز حزب الله


ويشير المحلل العسكري اللبناني إلى إمكانية تمكن حزب الله من إبعاد مقاتلي المعارضة من بعض المناطق والمواقع، لكن لا تتوفر الأعداد الكافية من المقاتلين لنشر قوى بشكل دائم في المواقع التي يسيطر، وتحصينها ومنع العودة إليها من قبل المعارضة، خصوصا أن المنطقة وعرة، وطولها يزيد عن 50 كم، وعرضها بين 12 و16 كم.


وأكد أنه من الصعب جدا على حزب الله أن تتوفر له الأعداد اللازمة لشن العملية الهجومية، وإذا ما حصلت فإنها ستركز على السيطرة على بعض المحاور الطرقية والمناطق المجاورة لها، وسيكون من الصعب عليه نشر قوات لتأمين هذه المواقع التي يجتاحها".


ويؤكد العميد عبدالقادر أن "المعركة الحالية كما هي المعركة الأولى عام 2013، لن يكون هناك نجاح كامل بل نجاح مؤقت وجزئي، قد يحرر المناطق المحيطة ببعض المحاور الطرقية ليس إلا".



ارتدادات سياسية


على الصعيد السياسي، استبعد عبدالقادر وجود ارتدادات داخل لبنان حول هذه المعركة، لأن حزب الله تدخل في سوريا بالأصل بمبادرة ذاتية، وبتوافق مع النظام السوري وبدعم إيراني، لذلك هذه العملية لا تلزم الدولة اللبنانية أو الجيش اللبناني بأي مسؤولية، على حد قوله.


لكن التخوف الوحيد، من وجهة نظر المحلل العسكري، من نزوح المزيد من السكان السوريين من هذه المناطق تجاه الحدود اللبنانية، رغم أن المنطقة شبه خالية من السكان، لذلك التداعيات ستكون محدودة جدا، إلا إذا تطور الوضع وفشلت خطة حزب الله بالكامل، عندها يمكن أن ترد قوات المعارضة بعمليات عبر الحدود اللبنانية لتنال من بعض القرى التي تعتبرها حاضنة لحزب الله، أو استهداف مقرات الحزب داخل لبنان".



ضربة استباقية


من جانبه، يرى المحلل العسكري اللبناني، العميد هشام جابر، أن بيروت اليوم يهمها ما اعتبره طرد المسلحين من أراضيها، مضيفا "بالنسبة لحزب الله، وضعه مختلف، فهو يقاتل ضمن الأراضي السورية، لذلك يعتبر معركة القلمون مصيرية".


ويوضح جابر لـ"دوت مصر" أن حزب الله تعرض لضربة استباقية قامت بها جبهة النصرة، مشيرا إلى أن في لبنان 4000 مسلح يشغلون 600 كم مربع، وأن القلمون هي بقعة المعركة، وليس من واجبه أخد موقع دفاع محدد، لكن حزب الله يعتبر المنطقة مركز إمداد لوجستي للمسلحين داخل لبنان".


يشار إلى أن حزب الله تكبد الاثنين، عشرات القتلى في القلمون بعد هجوم شنه مقاتلوا المعارضة بالمشاركة مع جبهة النصرة، في عملية مباغتة في أثناء تجهيز حشود عسكرية في القلمون، حيث أعلنت النصرة معركة الفتح المبين ضد قوات حزب الله.



رفع المعنويات


عضو كتلة المستقبل اللبنانية، أحمد فتفت، قال لـ"دوت مصر"، إن  حزب الله يريد معركة القلمون لأسباب عديدة، أولا، هو يحاول رفع معنويات جمهوره في الداخل، ورفع معنويات النظام السوري من جهة ثانية، بعد الانتكاسات الأخيرة، بسبب كثرة الضحايا من حزب الله بين قتلى وجرحى".


يضيف "ثانيا، يحاول حزب الله الزج بالجيش اللبناني بشكل أو بآخر في المعارك، رغم أنه استولى على قرار الحرب والسلم نهائيا، بغض النظر عن وجود الجيش، فيريد الحزب أن يفرض شروط على الواقع السياسي اللبناني من خلال نتائج قد يجنيها في هذه المعركة".


مراجعة الحسابات


وحول الارتدادات السياسية على الساحة اللبنانية للمعركة المرتقبة، قال فتفت، "قد يتعقلن حزب الله أكثر داخل لبنان في حال فشل معركته، حتى لو لم يفشل في القلمون، الأمور مرهونة بما يجري على الساحة الإقليمية، فهي لا تميل لصالح تحالف حزب الله وإيران".


وأوضح "من هذا المنطلق إذا حصلت انتكاسة لحزب الله على الساحة العسكرية، ربما يصبح أكثر عقلانية، وربما يعود إلى الاندماج في الحياة السياسية، ويبتعد عن المشروع الإمبراطوري الإيراني، عدم تمكنه من تحقيق موضوع بهذه الأهمية قد يضطره لمراجعة حساباته الإقليمية والداخلية اللبنانية".


وأكد فتفت أن الإجراء السياسي الأول لتيار المستقبل هو الموقف السيادي الواضح، بأننا نرفض هذه المعركة، نرفض جر لبنان مجددا للوضع السوري، ونرفض الاستيلاء على قرار الحرب والسلم في البلاد، والهدف الأساسي عدم استجلاب النار السوري للداخل اللبناني، بالتالي تبقى المشكلة بالنسبة لنا كيفية استتباب الوضع الداخلي اللبناني بعيدا عن هيجان البركان السوري".