التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 08:52 ص , بتوقيت القاهرة

العرب وكامب ديفيد الثالثة

كامب ديفيد هو المنتجع الرئاسي الأمريكي الذي يقع على بعد 100 كم من العاصمة واشنطن.. "كامب ديفيد" يرتبط في الذهن العربي بعددٍ من الأحداث الهامة.


هناك كامب ديفيد الأولى، حيث استضاف هذا المنتجع عام 1979 المباحثات الثلاثية بين الرئيس المصريّ أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، والتي انتهت بتوقيع اتفاق كامب ديفيد الشهير في 17 سبتمبر 1979، والذي مهد لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.


هناك أيضًا كامب ديفيد الثانية، والتي اجتمع فيها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي يهود باراك في الفترة من 11 الى 25 يوليو 2000. ولكن تلك الاجتماعات فشلت في التوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني- إسرائيلي، ولكن نتج عنه ما عُرف بمعايير كلينتون Clinton    Parameters، وهي الرؤية التي ما تزال تتبناها الولايات المتحدة لتسوية القضايا الشائكة في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وخاصة القدس والحدود واللاجئين والمستوطنات.


بعد أيام، وفي منتصف الشهر الحالي سوف تشهد كامب ديفيد قمة ثالثة، تضم الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي. قمة كامب ديفيد القادمة لن تقل أهمية عن القمم السابقة، وستضع خطوطا فاصلة لمستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية.


القمة الخليجية الأمريكية الأولى عقدت في 14 فبراير 1945، على متن السفينة "يو إس إس كوينسي" في قناة السويس بين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والعاهل السعودي الملك عبد العزيز، وتم فيها تدشين العلاقة الأمريكية الخليجية التي قامت على توفير ضمانة أمريكية لأمن الخليج مقابل تدفق النفط من هذه المنطقة.


هذا الشهر، وبعد مرور ما يقرب من 70 عاما على وضع أسس العلاقات الأمريكية الخليجية، يبدو أن هناك تحولات في هذه العلاقة سوف تظهر ملامحها في قمة كامب ديفيد بين أوباما وقادة الخليج. ويُمكن رصد تحولين أساسيين في هذا الصدد.


التحول الأول يتعلق بدرجة الالتزام الأمني الأمريكي تجاه منطقة الخليج. الولايات المتحدة التزمت لسنوات طويلة بما يعرف " بمبدأ كارتر"، وهو المبدأ الذي أعلن  عام 1980، ردا  على الثورة الإيرانية في عام 1979 وعلى الغزو السوفيتي لأفغانستان، ونص على أن "أية محاولة من قوة خارجية للسيطرة على الخليج هي بمثابة اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، وستتم مواجهة هذا الاعتداء بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية."


الولايات المتحدة تسعى الآن لتخفيف تواجدها فى منطقة الخليج والشرق الأوسط بصورة عامة، ولا تتحمس للتدخل بتلك المنطقة، وتفضل أن تتولى دول المنطقة الاعتماد على نفسها في أمور الدفاع، مع استعدادها لتزويدها بما تحتاجه من أسلحة للقيام بهذا الدور.


رسالة أوباما لقادة الخليج في قمة كامب ديفيد ستكون أن الولايات المتحدة على استعداد للمساعدة على زيادة قدراتهم العسكرية، ولكن ينبغي عليهم أيضًا أن يُبدوا استعدادا أكبر لاستخدام قواتهم البرية لحل المشاكل الإقليمية.


التحول الثاني يتعلق بإيران، رؤية أوباما التي عبر عنها في حواره مع الصحفي الأمريكي توماس فريدمان الشهر الماضي، والتي سيكررها لقادة الخليج هي أن عليهم أن يتعايشوا مع إيران وأن " أكبر التهديدات التي يواجهونها ربما لن تأتي من غزو إيراني"، ولكن تأتي من تهديدات داخلية "كيف يُمكننا أن نقوي الدولة في هذه البلدان حتى يشعر الشباب السنة بأن لديهم شيئا غير (داعش) ليختاروا منه".


كامب ديفيد الثالثة ستؤرخ لمرحلة جديدة للدور الأمريكي في الخليج، ولمستقبل هذه المنطقة.