التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 04:52 م , بتوقيت القاهرة

صور| "البارون".. تحفة معمارية أم مأوى للعفاريت؟

تصوير : محسن نبيل


ماذا لو بنينا حيا في صحراء شرق القاهرة؟ كانت هذه هي الفكرة التي عرضها المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان على الحكومة المصرية في أواخر القرن التاسع عشر، بعد أن قرر البارون أن يعيش في الأرض التي عشقها، ويدفن فيها، كما كتب في وصيته، وكان من الغريب اختياره لهذا المكان.

جهز إمبان كل ما هو مطلوب لنجاح فكرته، فقرر إنشاء مترو يربط الحي الجديد بوسط العاصمة، وهو "مترو مصر الجديدة"، وكلف تلك المهمة للمهندس البلجيكي أندريه برشلو، الذي تولى أيضا بناء منازل على الطراز البلجيكي، وفندقا ضخما، هو الآن أحد القصور الرئاسية.

حيث لا تغيب الشمس


"البارون"، وهو لقب أرستقراطي ويعني بالفرنسية المحارب، قرر أن يبني قصرا أسطوريا في ذلك الحي، تدخله الشمس من كل مكان، ولا تغيب عنه أبدا، وسمى الحي بأكلمه "مدينة الشمس"، أو "هليوبوليس".



استُلهم طراز القصر من واحد من أجمل 8 أماكن أثرية في العالم، وهو معبد أنكور وات في كمبوديا، وبُني على مساحة 12.5 ألف متر، وخرج تحفة معمارية لا مثيل لها في مصر، فالقصر من الداخل أشبه بمتحف يضم تماثيل من الذهب والبلاتين، وساعة أثرية لا يوجد مثلها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن، توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين، مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة.

القصر المسكون


لا يتعدى القصر الطابقين، ويضم 7 حجرات فقط، أرضياتها من الرخام والمرمر، وعلى الجانب الأيسر من القصر شيد برجا من 4 طوابق، يربطها سلم حلزوني يمتزج الخشي بالرخام في جوانبه، والبرونز على سوره، يزين التماثيل الهندية الدقيقة.




أشهر ما يميز القصر، هو ذلك البرج الذي بُني على قاعدة متحركة، حيث كان يدور دورة كاملة كل ساعة، والطريف أن البسطاء من المصريين يعتقدون أنه "مسكون" لأنه يدور، وتوقف القصر عن الدوران منذ عقود، وتقول الرواية التاريخية إن وفاة أخت البارون، وفي روايات أخرى ابنته أو زوجته، من أعلى البرج، هو سبب توقفه.



غرفة مُحرّمة


غموض القصر كان واضحا من خلال الغرفة التي شيدها البارون في بدروم القصر، وقيل إنه حرم دخولها على زوجته وابنتيه، وتفتح الغرفة أبوابها على مدخل طويل ممتد حتى كنيسة البازيليك، الواقعة في شارع الأهرام بروكسي.


توفي البارون عام 1929، وترك تحفته المحببة إلى قلبه، عرضة للإهمال، وبالفعل خُربت الحديقة المحيطة بالقصر، وأصبح مهجورا كئيبا، تحيطه الشائعات، فقيل إن المرايا المجلدة لحوائط الغرفة الوردية أسفل القصر، تحولت إلى اللون الأحمر، الأقرب للدم.



حاول كثيرون شراء القصر، لكن ورثة البارون رفضوا، إلى أن اتخذت الحكومة المصرية قرارا بضمه إلى قطاع السياحة وهيئة الآثار، ولم يُفتح إلا أربع مرات، الأولى عند جرد محتوياته بعد وضع الحراسة على أموال البلجيكيين، والثانية والثالثة والرابعة لتصوير أعمال فنية.



ارتبط القصر بالغموض والرعب، ونُسجت قصص عن وجود أوراح وأشباح بداخله، تظهر في الليل، أكد هذه الشائعات شهادات أهل المنطقة المحيطة به، الذين أكدوا خلال فتنرة الثمانينيات، سماعهم أصوات لجر أثاث القصر، وأن حرائق تشب وتختفي في الحديقة.


في عام 1997 ألقت الشرطة القبض على مجموعة من الشباب، كانوا يقيمون حفلات صاخبة، يرقصون فيها على موسيقى "بلاك ميتال"، المرتبطة بـ"عبدة الشيطان"، وهو الاسم الذي عُرفت به القضية، الأولى من نوعها في مصر، والتي فسرت نسبيا، الأصوات التي تبعث من القصر ليلا.



ويدخل "البارون" مجال السينما مجددا، في فيلم هو بطله الأساسي، ويحمل اسمه، ليكون أول فيلم مصري بتقنية الأبعاد الثلاثية "3D"، لفريق عمل مشترك مصري فرنسي أمريكي، وإنتاج إحدى الشركات الأمريكية والمصرية، ويصنف الفيلم تحت قائمة الأفلام الرعب، ليؤكد أسطورة قصر البارون المخيفة.


وتطلق وزارة البحث العلمي، اليوم السبت، فعاليات الجولة الأخيرة من مسابقة مختبر الشهرة، التي ينظمها برنامج البحوث التنمية والابتكار التابع للوزارة، للعام السادس علي التوالي، والممول من الاتحاد الأوروبي والمجلس الثقافي البريطاني في مصر، بقصر البارون، في أول مرة يُفتح فيها منذ سنوات.