التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 01:40 ص , بتوقيت القاهرة

هل أعتزل الكتابة؟

لمن نكتب؟.. ومن يقرأ؟.. وما جدوى السهر للتنقيب عن أفكارٍ جديدة؟ ما جدوى الانتظار لتجد ما كتبته يطل على جمهورٍ تتوقعه؟


أسئلة تعبث بذهني، وتنذر بحالة لا أحبها، هي أقرب إلى اليأس والاستسلام أمام تيارٍ جارف من الجهل؛ وهي أحوال لا أحب البقاء فيها طويلاً، وأتقن غالبًا، فن النجاة منها، لأن الحياة تستحق أن نقاتل لأجلها، الحياة في حد ذاتها رزق؛ علينا أن نظهر الامتنان له، بأن نسعى طالما في العمر بقية.


لكن السؤال يعود ليطل برأسه، معاندا بسخرية آليات مقاومته التي أعتدتها، هل هو الإنهاك؟ هل هي المعارك الصعبة التي خضناها في السنوات القليلة الماضية، وكان لمعظمنا معاركه المتفرقة قبلها؟ الإنهاك المتراكم من ضرب الرأس في حائط المجتمع المتحجر؟


يدفعني هذا لأن أتذكر، لما كان اختيار فعل الكتابة؟ ولما فعل مقاومة السائد من الأساس، لما التمرد على ما هو "معلوم من العادات والسلوك بالضرورة"؟ عن نفسي فالكتابة بالنسبة لي هي فعل ممارسة الحياة، هي الحرية، والذات، والكينونة، ومالا يقدر واصف يوصفه.


ولأني اخترت العمل بالصحافة، فالكتابة ليست فعل أنانية بالنسبة لي، ليست كتابا أطلق سراحه من مخبأ الروح، الكتابة فعل قادر على التغيير، "في البدء كانت الكلمة، نعم ..هكذا أؤمن وسأظل، ولأنى اختزلت أفعال المقاومة في الكتابة؛ فأنا أدرك تمامًا أن التخلى عنها الكتابة/ المقاومة؛ محض رفاهية لا أكثر.


أقول قولي هذا، لأنى أكاد أوقن بأن السؤال نفسه يدور في نفوس الكثيرين، من رفاق المهنة ،ومن جيلي، الذي خرج إلى العالم وهو يودع عصرًا ويستقبل عصرًا جديدًا ، على أصعدة السياسة والتكنولجيا وغيرها؛ فلا نحن ركنا إلى ما عاش فيه آباؤنا، ولا نحن نعمنا بمستجدات الزمن الجديد، دفعنا ثمن انسحاب عصر، وأيضًا ثمن عصر جثم بقسوته دون أدنى رحمة على جيل "البين بين".


ربما أتساءل أحيانًا: ما جدوى الكتابة؟ وربما أركن إلى أن الانسحاب من المعركة قد يكون انتصارًا إن نجونا بما تبقى لنا من عقل؛ لكننى لا ألبث أن أفزع لأحمي حلمى بوطنٍ عادل، ومجتمع صحي، لأولادي ربما، ولأبناء كل هذا الوطن.


التقاعس عن حماية الوطن / المجتمع ليس رفاهية، واعتزال الكتابة ترفًا لا يملكه محترفوها، وربما أن كل ما ورد فى هذا المقال، لا يهم سوى أفراد  قليلين، لكنّه يهمني، ويهم فئة تحتاج كل فترة من الزمن أن تسأل نفسها: لماذا؟.


الكتابة نعمة،ومسؤولية، والوطن "حمل تقيل"، والمجتمع المصري "شيلته تقيلة"، لكن .. يا معين.