التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 03:01 م , بتوقيت القاهرة

الحشد الشعبي في العراق.. "حاميها حراميها"

تنفيذا لاتفاق أبرمه رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، مع الحكومة المحلية في مدينة تكريت وقيادات أمنية، بعد اتهامات وجهت إلى مجموعات من "الحشد الشعبي" بارتكاب أعمال نهب وحرق في المدينة، عقب استعادتها من سيطرة تنظيم "داعش"، بدأ مقاتلون شيعة من هذه المجموعات، أمس السبت، الانسحاب من تكريت إلى خارجها.


وأعلن المتحدث باسم "الحشد الشعبي"، النائب العراقي أحمد الأسدي، خلال مؤتمر صحفي أمس، تسليم مدينة تكريت - مركز محافظة صلاح الدين شمالي العراق - الجمعة، إلى الأجهزة الأمنية والشرطة المحلية، داعيا وزارة الداخلية وقيادة عمليات صلاح الدين إلى الإشراف والسيطرة على مداخل ومخارج تكريت بشكل مباشر.



الحشد الشعبي
يعرف أيضا بالحشد الوطني، وهو عبارة عن قوات شبه عسكرية تعمل ضمن إطار قانوني، تكونت من شيعة العراق قبل أن تنضم إليها عشائر سنية من محافظتي صلاح الدين ونينوي، وكذلك من الكرد الفيليين، وقد برز دورها بشكل خاص خلال الأشهر القليلة الماضية، من خلال التعاون مع القوات الأمنية العراقية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بعد فتوى للمرجعية الدينية للشيعة، علي السيستاني، بالجهاد الكفائي لتحرير البلاد من التنظيم.


وظهر الحشد الشعبي بوصفه تشكيلات عسكرية نظامية منذ 13 يونيو/ حزيران الماضي، حيث يؤكد مراقبون أن لهذه القوات دورا مهما في استعادة الكثير من المناطق التي وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش، وكان للانتصارات المتكررة لقواته دفعة استراتيجية ومعنوية للجيش العراقي.


حاميها
"الحشد الشعبي مؤسسة عراقية ضمن منظومة الأمن الوطني، تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء وشرعها مجلس النواب وتم تخصيص ميزانية لها ضمن الموازنة العامة للدولة"، هكذا دافع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في بداية الأمر عن هذه القوات، أمام منتقديها، لافتا إلى أن "الحشد مؤسسة أمنية تعبر عن التلاحم بين المدنيين والقوات العسكرية والأمنية".


غير أن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، لمحاربة "داعش" اشترط على الحكومة العراقية، أواخر الشهر الماضي، سحب 7 فصائل شيعية وكذلك المستشارين الإيرانيين، من مدينة تكريت، مقابل تسديده ضربات جوية على التنظيم، بحجة أنها ممولة من إيران، قبل أن يتم تحرير المدينة من مسلحي "داعش"، في الأول من أبريل/ نيسان الجاري، بعد معركة دامت شهرا.



حراميها
فرحة أهالي تكريت باستعادة مدينتهم من التنظيم أفسدتها ممارسات الحشد الشعبي التي استباحت محلات وبيوت المدينة، فضلا عن النزول إلى الشوارع التجارية وتحطيم أبواب المحلات والأسواق وسرقة محتوياتها ونقلها في شاحنات عسكرية وأخرى تعود للحشد، بحسب مسؤولين أمنيين وسكان محليين.


وأظهرت صور وتسجيلات مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت قيام عناصر مجهولة بحرق ونهب منازل وممتلكات السكان في المدينة. 



إدانات دولية
منظمة العفو الدولية أعلنت، الخميس الماضي، أنها تحقق في انتهاكات لحقوق الإنسان قد تكون ارتكبتها القوات العراقية وحلفاؤها من "الحشد الشعبي" أثناء الهجوم لاستعادة تكريت، فيما قال مكتب العبادي إن الأخير أصدر أوامر بالتصدي لحالات التخريب "التي تمارسها عصابات تريد الإساءة إلى بطولات الجيش والمتطوعين".


فيما أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا لها يندد بانتهاكات مليشيات الحشد الشعبي في العراق، وأورد التقرير، أن هناك عمليات تدمير عشوائية عمدت إليها مليشيات ومقاتلون متطوعون إلى جانب قوات الأمن العراقية، وإن تلك الميليشيات أقدمت على الإضرار بممتلكات المدنيين بعد إجبار عناصر تنظيم الدولة على الانسحاب منها.


اتهامات بالطائفية
أما الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي القرة داغي، فقد أعرب، عبر حسابه على موقع "تويتر"، عن أسفه بسبب الازمات التي تواجه الطائفة السنية بالعراق، مشيرا إلى أنهم يواجهون القتل من تنظيم داعش وقوات الحشد الشعبي "تدخل داعش على مدينة سنية فتقتل من لا يبايعها ويهاجر من يخاف ويبقى من يبايعها ثم يأتي الحشد الشعبي فيقتل من بايع داعش.. هذا حال سنة العراق".


 



 



تحرك محلي
من جانبها، أعلنت الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين، الجمعة، انسحابها "احتجاجا على الممارسات غير المسؤولة للعديد من العناصر المندسة التي حاولت سرقة فرحة العراقيين بالنصر الذي تحقق في تكريت". 


ونقلت وكالة أنباء "رويترز" عن رئيس مجلس المحافظة، أحمد الكريم، أن "مئات المنازل أحرقت" في تكريت ونهبت محال تجارية، مضيفا أن أجهزة الأمن الحكومية تخشى التصدي لمرتكبي هذه الانتهاكات، في وقت حذر رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، الحكومة من وجود جهات تحاول إسقاط تجربتها "وتشويه انتصاراتها"، داعيا الأجهزة الأمنية كافة إلى الوقوف بحزم ضد الذين "يتآمرون" على أمن العراق واستقراره.



القبائل تضغط
ودعما لموقف حكومة صلاح الدين، طالب مجلس شيوخ عشائر المحافظة، في بيان أصدره في اليوم نفسه، المرجعية الدينية ورئيس الوزراء بالتدخل العاجل لوقف "الأعمال التخريبية التي يقوم بها مندسون في صفوف الحشد الشعبي" في تكريت، مؤكدا أن "هذه الأعمال تسيء للبلاد أولا ولقواتها المسلحة وللقيم الإسلامية والأخلاقية والإنسانية، وتشوه صورة العراق والعراقيين وتسعى لخلق فتنة بين مكونات الشعب".


فيما طالب مجلس عشائر ووجهاء تكريت بانسحاب "الحشد الشعبي" من المدينة "فورا" وتسليمها للشرطة الاتحادية والمحلية ومحاسبة الأطراف المسؤولة عن تدمير المدينة، مهدداً باللجوء إلى المجتمع الدولي.


العبادي يستجيب
العبادي استجاب للضغوط، وقرر بعد اجتماع مع حكومة صلاح الدين وقيادات أمنية، ليلة الجمعة - السبت، سحب مجموعات "الحشد الشعبي" من المدينة، وتسليم مسؤولية الأمن لقوات الشرطة المحلية، موجها بـ"إحالة المتهمين بالاعتداء على ممتلكات المواطنين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".


الحشد يرد
وفي المقابل، قال المتحدث باسم "الحشد الشعبي"، النائب أحمد الأسدي، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده السبت، لإعلان تسليم تكريت إلى الشرطة المحلية والأجهزة المعنية "تطهر المدينة كلفنا دماء غالية، لكننا فوجئنا خلال اليومين الماضيين، بوجود حملة من التشويش والتشويه، أطلقها بعض الذين لم يبالوا بأمر مدنهم، وبدل الحديث عن المجازر التي ارتكبها الدواعش، أطلقوا سهامهم تجاه أبناء الحشد الشعبي، بهدف النيل من الانتصار".



ويعترف
وما هي إلا ساعات حتى اعترف الناطق العسكرى باسم قوات الحشد الشعبى العراقى، كريم النوري، مساء أمس، بأعمال وصفها بالجبانة من قبل بعض المندسين داخل فصائل الحشد الشعبي، والقيام بأعمال نهب وسرقة في مدينة تكريت المحررة حديثا من قبضة "داعش". 


وفي تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، قال النورى، إن منفذي هذه الأعمال، يريدون "تعكير الانتصار الوطني للقوات العراقية والحشد الشعبي وأبناء عشائر محافظة صلاح الدين، مخالفين لأوامر المرجع الشيعي الأكبر في العراق، علي السيستاني، الذي صدرت فتوى تشكيل الحشد منه".