التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 01:32 م , بتوقيت القاهرة

لماذا أجلت "النقض" نظر طعن النيابة على براءة مبارك؟

قررت محكمة النقض، اليوم الخميس، تأجيل نظر القضية الشهيرة إعلاميا بـ"محاكمة القرن"، المتهم فيها الرئيس الأسبق، حسني مبارك وآخرين، وذلك لمشاهدة الـ"سي دي" الخاص بجلستي نطق محكمة جنايات القاهرة بالحكم، وما سبقتها، والتي قرر فيها المستشار محمود الرشيدي، تأجيل القضية، بعد أن أطلع الفضائيات على أوراقها، الأمر الذي رأته النيابة بالإضافة إلى أسباب أخرى يطعن في نزاهة المحكمة، ويعد إفشاءا لأسرارها.


النيابة العامة كانت قد أشارت في مذكرتها، التي قدمتها لمحكمة النقض وانفرد "دوت مصر" بنشرها، إلى أن "الرشيدي" تسبب في فساد وبطلان الحكم الذي أصدره، بمخالفته أصول القضاء، بإعلانه رأيه في الدعوى قبل نطقه الحكم، الأمر الذي طمأن المتهمين بأن الحكم سيصدر ببراءتهم، وأدى إلى إحساس آخرين بغياب العدل.


إفشاء الحكم لأميني السر

وذكرت النيابة، أن المستشار الرشيدي سلم ذاكرة إلكترونية وعددا من الأقراص المدمجة إلى أميني سر المحكمة، عليها منطوق الحكم وملخصا لأسبابه، محرّرة بالحاسب الآلي ومزيلة بتوقيع رئيس المحكمة، قبل النطق بالحكم، الأمر الذي يفقده الحيادية.


وأكدت النيابة أن الحكم كان يتعين أن يظل سرا حتى النطق به وفقا للقانون، إلا أن الرشيدي سلم منطوقه لأميني السر، اللذين لم يكونا تحت رقابة المحكمة حتى النطق به. ومن المعلوم بالضرورة أن تشغيل أمناء السر للأقراص المدمجة والذاكرة الإلكترونية لا يستغرق بضع ثوان، بل إن الأمر أخطر من هذا بكثير، لأن تخزين منطوق الحكم على ذاكرة إلكترونية ووضعه في أمانة شخصين غير مراقبين يجعل إمكانية الحصول عليه وانتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي أمرا سهلا، وفي هذه الحالة، كان سيصل إلى الملايين من الناس. كما كان من الممكن أن تطرأ ظروف ما، تحول دون النطق بالحكم في موعده.


مشاركة متخصصون في كتابة الحكم

التبيان الذي وزعه "الرشيدي" على وسائل الإعلام حاويا أسباب براءة مبارك، كان ضمن أسباب الطعن على حكمه، حيث أشارت النيابة في مذكرتها إلى أن الأشكال التوضيحية الهندسية التي حواها التبيان عن أسباب الحكم، يتعذر على غير المتخصصين في مجال الحاسب الآلي عمله، ما ينبئ بأن المحكمة استعانت بغير أعضائها لإعداده، وبالتالي فقد اطلع هذا الغير على مضمون ما سُطّر من ذلك التبيان، خاصة وأن المدون داخل هذه الأشكال كان يحوى في مضمونه منطوق الحكم، وهو ما يضعف الثقة في الحكم على نحو يبطله ويوجب نقضه.


وفاة مبارك والتلميح ببراءته

جاء بمذكرة النيابة أن الرشيدي قال خلال الجلسة التي قرر فيها مد أجل النطق بالحكم على مبارك، إنه في حالة توافر شروط تطبيق المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية -المعني بها الإشارة إلى وفاة مبارك قبل جلسة النطق بالحكم عليه-  فسوف يعلن للشعب الحكم الذي كان سيصدره في حقه وأسبابه، وكان ذلك على مسمع ومرأى من الكافة، سواء الحاضرين بقاعة المحكمة أو المشاهدين لفضائية "صدى البلد" في جميع أنحاء العالم على الهواء مباشرة.


النيابة اعتبرت ما قاله الرشيدي رسالة لطمأنة المتهمين وإفصاحا عن نيتها في براءتهم، ما يعد غيابا للعدل لدى غيرهم، ما ينم بلا ريب أنها ماضية لا محالة إلى براءتهم، الأمر الذي فتح المجال للتعليق والتفسير والنقد بوسائل الإعلام المختلفة عن حكم لم يصدر بعد، وهو بلا شك أمر يتعارض مع خلو ذهن المحكمة، ويؤدي إلى عجزها على أن تزن أدلة الدعوى وزنا مجردا، ما قد يدفعها تجاه رأي بعينه حتى لو خالف مجرى العدالة – بحسب المذكرة-.