التوقيت الخميس، 02 مايو 2024
التوقيت 01:53 م , بتوقيت القاهرة

الشيخ أحمد ياسين.. "قعيد" وقف له شارون

في مثل هذا اليوم 22 مارس/ آذار من عام 2004، استيقظ الشعب العربي عامة، والفلسطيني خاصة، على نبأ إعلان الحداد العام في الأراضي الفلسطينية لمدة 3 أيام، وعلقت الدراسة في المدارس، ليخرج الآلاف إلى الشوارع في مسيرات غاضبة، تتوعد بالثأر والانتقام لمقتل مؤسس حركة (حماس)، وزعيمها الروحي، أحمد ياسين.

رجل ضعيف الجسد، قعيد على كرسي متحرك، بالكاد يستطيع الإبصار بعينه اليسرى، ورغم ذلك، ظل واحدا من  أبرز الرموز "الحمساوية" في القرن الماضي.

مولده

ولد أحمد إسماعيل ياسين في قرية تاريخية عريقة تسمى "جورة عسقلان" جنوبي فلسطين، في 28 يونيو/ حزيران عام 1936، وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الإسرائيلي المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية، ومات والده وعمره لم يتجاوز 5 سنوات.

درس قاس

"الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على الغير، سواء كان الدول العربية المجاورة أو المجتمع الدولي".

كان ذلك أول درس يخرج به ياسين، الطالب بمدرسة الجورة الابتدائية، الذي لم يتجاوز عمره 12 عاما، حين عايش الهزيمة العربية المسماة "النكبة" عام 1948 على يد الجيش الإسرائيلي، وأجبر على الهجرة مع أسرته إلى غزة، وهناك تغيرت الأحوال وعانت الأسرة - شأنها شأن معظم المهاجرين آنذاك - مرارة الفقر والجوع والحرمان.

وترك ياسين الدراسة لمدة عام 1949 - 1950 ليعين أسرته المكونة من 7 أفراد عن طريق العمل في أحد مطاعم الفول في غزة، ثم عاود الدراسة مرة أخرى.

نقطة تحول

في السادسة عشرة من عمره، وأثناء لعبه مع بعض أقرانه عام 1952، تعرض أحمد ياسين لحادثة خطيرة أثرت في حياته كلها، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق، وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس، اتضح بعدها أنه سيعيش بقية عمره رهين الشلل.

نشاط مبكر

وشارك، وهو في العشرين من عمره، في المظاهرات التي اندلعت في غزة احتجاجا على العدوان الثلاثي، الذي استهدف مصر عام 1956، وأظهر قدرات خطابية وتنظيمية ملموسة.

وبعد هزيمة 1967، التي احتلت فيها إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة، استمر أحمد ياسين في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباسي، الذي كان يخطب فيه لمقاومة المحتل.

وبعدما أصبح ياسين مدرسا، حاول إكمال مسيرته التعليمية، غير أن ذلك لم يثنه عن العمل الذي بدأه منذ صغره على خدمة المجتمع الفلسطيني من كل النواحي، وأولها الاجتماعية، فعمل في جمع التبرعات والمعونات لأسر الشهداء والمعتقلين، ثم عمل رئيسا لجمعية المجمع الإسلامي، الذي له تاريخ عريض في خدمة القضية والشعب الفلسطينيين.

الاعتقال الأول

في عام 1983، اعتقل الشيخ أحمد ياسين، بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري والتحريض على إزالة الدولة اليهودية من الوجود، وأصدرت عليه إحدى المحاكم الإسرائيلية حكما بالسجن 13 عاما، لكن أفرج عنه بعدها بعامين في عملية تبادل للأسرى.

تأسيس حماس

بعد خروجه من السجن، ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987، أسس الشيخ أحمد ياسين مع مجموعة من قادة جماعة الإخوان في قطاع غزة، تنظيم "حركة المقاومة الإسلامية"، المعروف اختصارا باسم "حماس".

الاعتقال الثاني

ومع تصاعد الانتفاضة، بدأ السلطات الإسرائيلية التفكير في وسيلة لإيقاف نشاط ياسين، فقامت عام 1988 بمداهمة منزله وتفتيشه، وهددته بالنفي إلى لبنان، ثم ألقت القبض عليه مع المئات من الفلسطينيين عام 1989، في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.

وفي عام 1991، أصدرت إحدى المحاكم الإسرائيلية حكما بسجنه مدى الحياة، إضافة إلى 15 عاما أخرى، بتهمة التحريض على اختطاف وقتل جنود إسرائيليين، وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني، لكن تم الإفراج عنه بعد 6 سنوات، بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الأردن وإسرائيل على إثر عملية فاشلة قام بها جهاز الموساد الإسرائيلي في عمان، التي استهدفت حياة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

مصدر إلهام

الشيخ ياسين مثّل مصدر إلهام كبير للأجيال الفلسطينية الصاعدة، الذين خيبت العملية السلمية المتعثرة مع إسرائيل آمالهم، وقابلوا محاولات إعاقة نشاطات الشيخ بمقاومة عنيفة، ففي ديسمبر/ كانون الأول عام 2001، قتل رجل في اشتباكات مع الشرطة الفلسطينية بعد وضع الشيخ ياسين تحت الإقامة الجبرية.

واندلع إطلاق النار ثانية في يونيو/ حزيران عام 2002، عندما أحاطت الشرطة الفلسطينية منزله، بعد سيل من عمليات التفجير الدامية ضد إسرائيل.

محاولة فاشلة

وحاول الجيش الإسرائيلي، في سبتمبر/ أيلول عام 2003، اغتيال الشيخ ياسين، بينما كان في منزل زميله في حماس، ونائب رئيس مكتب الحركة السياسي الحالي، إسماعيل هنية، بغزة، إلا أن إصابته لم تكن بالقاتلة.

اغتياله

وفي الرابعة والنصف فجر يوم 22 مارس 2004، وبينما كان الشيخ في طريقه إلى سيارته، مدفوعا على كرسيه المتحرك من قبل مساعديه، عقب انتهائهم من صلاة الفجر بمسجد المجمع الإسلامي في غزة، أطلقت طائرات مروحية إسرائيلية كانت تحلق فوقهم، 3 صواريخ كانت كافية لأن يسقط ياسين قتيلا مع 7 من مرافقيه، ويصاب اثنان من أبنائه، في عملية أشرف عليها رئيس الحكومة الإسرائيلية (آنذاك)، أرئيل شارون، بنفسه.

وفيما تناثرت أجزاء الكرسي المتحرك الذي كان ينتقل عليه ياسين في أرجاء مكان الهجوم، الذي تلطخ بدمائه ومرافقيه خارج المسجد، كان ذلك شرارة توحيد صفوف المقاومة الفلسطينية في مواجهة إسرائيل.