التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 03:25 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| عيد الأم في دور الأيتام: "الأمهات البديلات تكفي"

حرمهم القدر من والديهم، فكان عليهم أن يواجهوا مصيرهم بين جدران دور الأيتام، التي فرضت عليهم أن يشعروا بأنها بيتهم وأن من يقوموا بتربيتهم هم أمهاتهم، لترتسم البسمة على وجوههم، ويسكت صراخهم لسنوات، إلى أن يكتشفوا عكس ذلك، فمن اعتادوا على أنهم أخواتهم، هم زملائهم في نفس المصير، ومن اعتادوا على أنهم أمهاتهم، هن "الأمهات البديلات"، اللاتي قررن التعرف على دورهن في عيد الأم هذا العام.

أطفال لم يتجاوز عمر أكبرهم الـ 6 سنوات، يلعبون، يبكون، يضحكون، غير عابئين بما حدث لهم أو بما سيحدث بعد ذلك، لا يدركوا سوى أن يطلبوا ما يريدونه من أمهات الدار، وأن ينفذوا أيضًا ما يقولونه لهم.

تقول مدير دار نور الأمل لرعاية الأيتام بمنطقة حدائق القبة، مروة محمد، إن الدار مؤهل لفئة معينة من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين سنة و حتى 6 سنوات، لكن بعد ذلك يتم نقلهم إلى دار أخرى، مشيرة إلى أن الأطفال ذكور وإناث معًا.

وعن شعور الأطفال في يوم مثل عيد الأم، تستكمل مروة حديثها لـ"دوت مصر": "هما مش مدركين أوي دلوقتى، حتى لو سمعوا الأغاني أو اللى بيتعرض في التليفزيون، عارفين إن ده بيتهم، و إن المشرفات و الأمهات البديلاتأمهاتهم، و لما يكبروا، هيعرفوا الحقيقة في وقت معين و بطريقة معينة، بيحددها الأخصائي الاجتماعي". 

تختلف الأمهات البديلات عن المشرفات، هكذا توضح مروة، قائلة :"الأم البديلة هي اللي بتكون مع الطفل طول الوقت، وبتنام جنبه وبتعمله كل حاجة، وبيقولها يا ماما، غير المشرفات اللي مسئوليتهم التنظيم فقط".

مروان.. طفل رغم صغر سنه، إلا أنه شعر أن هذا الدار ليس مكانه، وهي الحالة الأصعب التي واجهتها المشرفات والأمهات سويًا، إذ تقول مدير الدار: "مروان جيه وعنده 4 سنوات، كان قبلها في بيت أسرة أخرى تتبناه، سلموه للدار، مكنش مستوعب إن ده مكانه، و لا إن واحدة من الموجودين هي أمه، وقعد شهور مش بيتكلم، و لا بيدي أي رد فعل على أى حاجة، لغايت ما تحسنت حالته، وتأقلم على الوضع بمساعدة الإخصائي الاجتماعي".

ورفضت الأمهات البديلات في دار نور الأمل، الحديث أو التصوير معهن، وفسروا ذلك بأنهن من الصعيد، وأهلهن لن يسمحوا بذلك.

وعلى مسافة عشرات الأمتار من دار نور الأمل، توجد لافتة كبيرة بشارع ولي العهد، تشير إلى أن ذلك البيت الكبير، هو دار الأمل لرعاية الأيتام، الذي تفصل جدرانه العالية وحديقته الواسعة وأبوابه الحديدية، الأطفال الموجودين داخله عن الواقع الخارجي.

يجلسون على كراسى متراصة جنبًا إلى جنب، موجهين أعينهم و كامل حواسهم صوب شاشة التليفزيون لمشاهدة "الكارتون"، بحسب التوقيت المحدد لذلك يوميًا، ولا يكترثون بأي شئ يحدث بجابنهم حتى انتهاء الفيلم، حسبما تقول إحدى المشرفات.

 مدير دار الأمل لرعاية الأيتام، سحر أحمد، تقول إن الدار تستقبل الأطفال من سن ثلاث سنوات، وحتى 5 سنوات، على أن يظلوا حتى سن الـ 18، موضحة أن الأطفال بالدار ذكور فقط.

وتضيف:"الأمهات البديلات يكون اختيارهن قائم على أساس معرفة سلوكهن وخبرتهن في التعامل مع الأطفال، وكلنا هنا بالنسبالهم ماما".

وتوضح أن هناك حالات نفسية صعبة كان يمر بها عدد من الأطفال، ولذلك هناك متابعة مستمرة من الأخصائيين الاجتماعيين لهم، مشيرة إلى أن الدار تقيم حفل في عيد الأم، و تشترى هدايا رمزية يسلمها الأطفال لأمهاتهم، وهو ما يقرب الأم البديلة من الطفل، ويجعله لا يشعر بفقدان أمه في مثل هذا اليوم.

بملامح و لهجة تشير إلى البيئة الريفية القادمة منها، تحدثت الأم البديلة بدار الأمل، آية السيد، لـ "دوت مصر" عن تعاملها مع الأيتام، فتقول:"كل يوم الصبح بنفطرهم و ننظفهم ونلاعبهم ونفرجهم على أفلام ونحفظهم القرآن، وهما حاسين إننا أمهاتهم فعلًا، وإحنا حاسين إن هما ولادنا".

ورغم أن آيه، التي لم تستكمل الثلاثين من عمرها، لم تحصل سوى على شهادة الثانوية العامة، إلا أنها ترى أن لديها من الخبرة ما يؤهلها لتربية الأطفال تربية سليمة.

وتتفق مع آيه زميلتها ابتسام مصطفى، صاحبة الخامسة والثلاثين عامًا، والتي جاءت للعمل في الدار، كونها غير حاصلة على مؤهل عالِ لتحصل به على وظيفة، حيث تؤكد ارتباطها الوثيق بهؤلاء الأطفال، ما يجعلها لا تعرف ما الذى ستفعله معهم عندما يعرفوا حقيقة أنها ليست أمهم؟.

يأتي عيد الأم هذا العام، وقد شاءت أقدار  هؤلاء الأطفال أن لا يجدوا سوى تلك الأمهات لتحنو عليهم، مثلما شاءت أقدار تلك السيدات أن لا يجدن غير هؤلاء الأطفال ليكسبن بعطفهن عليهم قوت يومهن، ويصبحن لهم "الأمهات البديلات".