التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 06:29 م , بتوقيت القاهرة

مصر المستقبل: العالم يدعمنا فهل ندعم أنفسنا؟

إحدى العبارات الأكثر تداولا في الخطاب السياسي المصري عبارة "التآمر الخارجي" بمختلف تنوعاتها. لكن النظر إلى أي حدث سياسي نظرة موضوعية يوحي بغير ذلك. تعالى نأخذ المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ مثالا. 

جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، صرح بأن الدعم الأمريكي للإصلاح الاقتصادي في مصر مطلق، وأنه جاء خصيصا لكي يقول هذه الرسالة بوضوح في مواجهة الشك في السياسة الأمريكية تجاه مصر. 

اضغط على الصورة

صندوق النقد الدولي: 

عبر الصندوق عن ثقته في البرنامج الاقتصادي المصري، وتوقع أن تصل معدلات التنمية إلى 5% على المدى المتوسط، وتوقع أن يؤدي هذا إلى خفض البطالة إلى نحو 10% خلال السنوات الخمس المقبلة. 

هذا التقييم له ميزة متفردة، أنه صادر عن جهة دولية مستقلة. وهذا مطلب مهم من مطالب مجتمع الأعمال، أن يخضع الاقتصاد المصري لمراجعة دولية محايدة. 

اضغط على الصورة

وكالة فيتش للتصنيف الائتماني: 

رفعت تصنيف مصر الائتماني (أهليتها للاقتراض الطويل الأجل بالعملات الأجنبية والمحلية) إلى مستوى "ب"، مع الإبقاء على تقدير "مستقر" فيما يخص النظرة المستقبلية للاقتصاد. 

أهمية هذا أنها المرة الأولى التي ترفع فيها مؤسسة تصنيف ائتماني دولية التقييم الخاص بمصر منذ يناير2011 كما أنها المرة الأولى التي ترفع فيها مؤسسة فيتش تصنيفها الائتماني لمصر، وذلك منذ أصدرت أول تقييم ائتماني لها عام 1997. ويأتي رفع التقييم بعد أن خفضته نفس المؤسسة خمس مرات متتالية منذ عام 2011. 

وكالة موديز للتصنيف الائتماني: 

تغير تقييم المؤسسة للنظرة المستقبلية لمصر من سلبية إلى مستقرة. وفسرت ذلك باستقرار الأوضاع السياسية والأمنية وإطلاق مبادرات حكومية تهدف إلى تحقيق الانضباط المالي. 

هذه مجرد عينة من الجهات الدولية. الدعم العربي ولاسيما من الإمارات والسعودية والكويت للاقتصاد المصري غير محدود. وكل هذا مؤشر على تطور في ملف إدارة الحكم في مصر، ومؤشر على أن الخارج "لا يتربص بنا". 

من الذي لا يدعمنا؟ 

نحن لا ندعم أنفسنا. 

وهنا لابد من الإشارة إلى أن الأوضاع في مصر بعيدة عن المثالية. لكن هل نتوقع غير ذلك؟ لو كانت أوضاعنا مثالية أو قريبة من المثالية لما كنا نتحدث كما نتحدث ونفعل ما نفعل حاليا. ولو كان تحقيق الوضع المثالي مهمة سهلة لسارعت إليها أمم الأرض كلها. ولما تحدثنا عن "المعجزة" الفلانية و"المعجزة" الفلانية. إطلاق لقب معجزة على الانتقال بالبلدان من حال التدهور إلى حال الرخاء والكفاءة إشارة إلى صعوبة المهمة. 

مصر - سياسيا - تشبه رياضية تتعافى من إصابة. لا يمكن أن أقارن أرقامها وأداءها بأداء أبطال العالم، لكن يمكن أن أحلم بذلك وأرتب لبرنامج تدريبي تأهيلي طويل الأمد للوصول إليه. معايرة هذه الرياضية بالفرق بينها وبين أرقام أبطال العالم لن يتسبب إلا في إحباطها، ولا يوحي إلا بأن ناصحيها الطبيين محدودو المعرفة جدا، بحيث لا يمكن تصديق أن لديهم من المعرفة ما يستحق الاستماع إليه. 

اضغط على الصورة

نحن لا ندعم أنفسنا حين نستخدم هذا الفارق لتحقيق غرض الإحباط، حتى لو ادعينا النصح. 

نحن لا ندعم أنفسنا حين نستغل فرصة خروجنا إلى العالم لكي نحرض الناس على عدم التعاون الاقتصادي مع مصر بسبب اختلاف سياسي مع إدارة الحكم فيها. ومرة أخرى، ندلل على سوء الأوضاع ليس بمقارنتها لما نتوقع من تقدم، بل بمقارنتها بمن تقدموا منذ قرون. بعبارة أخرى، بمقارنة جسد مريض يتعافى، بجسد حاصل على بطولة العالم في كمال الأجسام. 

نحن لا ندعم أنفسنا حين نعتقد أن النجاح الاقتصادي سيؤخر التطور السياسي في مصر. النجاح الاقتصادي، ولاسيما القائم على سوق حرة تنافسية، أكبر دافع للانفتاح على العالم ومن ثم مواكبة قيمه الحالية، وأكبر دافع على ديمقراطية الحكم ولامركزيته. ليس أمام مصر سوى هذا السبيل اقتصاديا، نحن لا نملك ثروات خام بكميات كبيرة. 

ثم إننا لا ندعم أنفسنا لو بقينا على استخدام نفس لغة الخطاب الإعلامي الاقتصادي، تحقير سيدات ورجال الأعمال، إلحاق الشرور بالأموال والسعي إليها، والنظر إلى الكون من منظور "طالبي الكفاف". 

شاهد أيضا