التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 06:38 م , بتوقيت القاهرة

السلاح في ليبيا يعمق الخلافات العربية

تبرز قضية السلاح في ليبيا ضمن دائرة الجدل على النطاق الإقليمي والدولي، فالانقسام القائم بين شرق ليبيا وغربها، بين قوات حكومتي طرابلس برئاسة عمر الحاسي، وحكومة في شرق ليبيا برئاسة عبد الله الثني، يضع تساؤلات حول الاتجاه الذي تسير فيه البلاد وسط نزاع عسكري تزداد رقعته يوما بعد يوم.


الانقسام الليبي يتبعه انقسام عربي، برز خلال مطالبة مجلس جامعة الدول العربية، أمس الإثنين، على مستوى وزراء الخارجية، مجلس الأمن بسرعة رفع الحظر عن واردات السلاح الى الحكومة الليبية، برئاسة عبد الله الثني، باعتبارها الجهة الشرعية، في وقت برز تيار مقابل يعارض رفع الحظر عن السلاح.


الحاجة للسلاح


يقول الخبير العسكري الليبي، عادل عبد الكافي، لـ"دوت مصر": "في حالة تم رفع الحظر عن توريد السلاح إلى ليبيا، سيكون إيجابي إذا ما تم تسليمها للجيش الليبي بقيادة رئاسة الأركان العامة في طرابلس، التي تم التعدي عليها من قبل ميليشيات القعقاع والصواعق وخليفة حفتر، وتمردوا على رئاسة الأركان".



ويتابع بالقول: "قضية السلاح إذا ما تم تأمينها لرئاسة الأركان الليبية برئاسة اللواء عبد السلام جاد الله العبيدي، سيكون مفيد جدا، لأنها حتى الآن، هي من تقوم بمقاومة التنظيمات (الإرهابية)، لذلك هم يحتاجون لطائرات العامودية وطائرات استطلاع ورصد وتتبع، إضافة لأسلحة تكتيكة نوعية، في حالة رفع الحظر، يوجد دول تعرض السلاح مثل فرنسا وأعتقد أن شركات بيع الأسلحة ستوفر المتطلبات"، بحسب وصفه.


ويتابع: "بالنسبة للواء خليفة حفتر، إذا تم تزويده بالسلاح، لن يتمكن من التقدم في ليبيا، فهو لا يملك جيش، فقط بعض المدنيين وبعض ضباط متقاعدين ليس لديهم خبرة في السلاح، وبعض أفراد من الشرطة، و27 ضابطا من الجيش، و3 قواعد جوية".



مواجهة "حفتر"


ويرى عبد الكافي أن قوات حفتر موجودة في منطقة صعبة ومحاصرة، ففي غرب طرابلس على سبيل المثال، لن يتكمن من السيطرة، لأن قواته محاصرة في قاعدة الوطيه (غرب طرابلس)، وهذه بقايا الجيوب منتشرة على الحدود الغربية، في مقابل وجود قوة للجيش الليبي التابعين لرئاسة الأركان العامة، ويقودون المحاور العسكرية التي تقوم بها عملية فجر ليبيا والشروق والقوة الثالثة والضباط المحليين، ويضعون الخطط العسكرية لمواجهة القوة التابعة لحفتر.


ويوضح عبد الكافي أن حفتر يقصف  مطار معيتيقة لإفشال الحوار الليبي في الجزائر، حيث قام بقصف طائرة من كانوا بصدد الذهاب للحوار في المغرب.


وأجل مجلس الأمن الدولي، أمس الإثنين، البت في طلب الحكومة الليبية (عبد الله الثني)، رفع الحظر على الأسلحة بشكل استثنائي، حيث أشار دبلوماسيين إلى معارضة 7 دول له، وتأييده من جانب 6 دول هي "فرنسا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وتشيلي، ونيوزيلندا، وليتوانيا".



انقسام دولي


في المقابل يقول المحلل العسكري اللبناني، والباحث في الشؤون الاستراتيجية، العميد نزار عبد القادر لـ"دوت مصر": "يبدو أن المجتمع الدولي والعربي منقسم حول ليبيا، ولا أعتقد أن تتمكن أي جهة من الإقدام على تسليح هذه الجهة أو تلك بالرغم من اعتراف أغلبية المجتمع الدولي، بأن هناك سلطة شرعية منبثقة عن البرلمان المنتخب، وهناك ممثل للأمين العام للأمم المتحدة، ويسعى لإجراء نوع من الحوار تمهيدا لولادة حكومة يتفق عليها الطرفان المختلفان في ليبيا وأعتقد من السابق لأوانه بوجود ضوء أخضر لتسليح الجيش الليبي".


ويوضح عبد القادر: "إذا تغيرت ظروف تسليح الجيش الليبي بعد تعيين حفتر وجمعه لقوات عسكرية ضد ما يسميها المعارضات في طرابلس، والتي ليس من المعروف ما هو البرنامج السياسي الذي تسعى لتحقيقه، سيكون لهذا الجيش قدرة على احتلال المزيد من أراضي تسيطر عليها فجر ليبيا، لكن بوجود التعقيدات القائمة سواء بين الحكومتين والبرلمانين أو حتى الخلافات القبلية سيكون الأمر صعبا، ويبدو أن هناك خلافات مع الجيران المباشرين حول مستقبل البلاد أيضا".



صراع تقليدي


ويضيف العميد عبد القادر: "في المغرب هناك فريقين للحوار الليبي، والجزئر أيضا يدعو فرقاء للحوار، وبهذا ستتحول لبييا لنطاق تجاذب وصراعات تقليدية في المغرب العربي، بالتالي تصبح منطقة تجاذب بين القوى العربية والأوروبية، الوضع غير ناضج، وغير واضح إلى إين تذهب الأمور".


والجدير ذكره، أن الخلاف العربي حول الوضع في ليبيا، يتمثل بوجود تياران متضادان بين داعم لطلب تسليح الجيش الليبي وبين رافض له بدعوى فتح الباب للحوار الوطني، كونه الحل.


المحلل العسكري اللبناني، أمين حطيط بدوره يقول لـ "دوت مصر": "حتى في حال رفع الحظر عن السلاح إلى ليبيا سيكون رفع نظري، لأن الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي هم من يتحكم بوجهة توريد السلاح، وأعتقد أن الاتجاه الغالب الذي سيتفيد من رفع الحظر هو المجموعات العسكرية التي عين خليفة حفتر بمثابة قائد لها".



دور مصري


ويرى حطيط أن وضع حفتر الآن في ظل التركيبة الليبية الحالية، سيتجه إلى دول الخليج لطلب الدعم، لكن الضرورات الأفريقية وضرورات الجوار، تضطره لمرحلة قريبة فقط، أن يتجه للتنسيق مع مصر بشكل مميز، وهو يعرف أن القوة العسكرية التي يمتلكها لا تستطيع أن تتصدى للعناصر (الإرهابية) المتشكلة في ليبيا، والقوة العربية الجاهزة للإمداد بالقوة والسلاح والقدرات، هي مصر.


ويؤكد حطيط أن الظروف الموضوعية ستفرض على حفتر إن كان يريد أن يكون قائد لجيش كامل لليبيا، وأن يتتبع الحكومة الجديدة، سيكون الدعم مصري، وإذا ما تم ذلك وهو الأرجح، فسيكون مباركا من دول الخليج.


وحول تأثير قضية حظر السلاح على الحوار الليبي يقول حطيط: "أعتقد أنه قبل ظهور حفتر بمظهر القوي القادر على إمساك الأرض، لم ينطلق حوار ليبي يؤمل أن يصل لنتائج إيجابية، الآن وفي ظل الظروف الحالية وعدم  التمكن من السيطرة على الأرض من قبل من سيكونون ضمن الحوار، لا يمكن أن ينطلق أساسا".