التوقيت الثلاثاء، 14 مايو 2024
التوقيت 11:23 ص , بتوقيت القاهرة

أول إضراب عمالي في التاريخ.. "اختراع فرعوني"

منذ أن دعا عمال شركة غزل المحلة إلى إضراب عمّالي في أرجاء البلاد في أبريل 2008، صارت عبارة "الاحتجاجات العمالية" إحدى متلازمات نشرات الأخبار اليومية في البلاد، ويعتبرها الكثيرون أحد أهم العوامل التي أدت إلى اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وتسببت في الإطاحة بالرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك.


وخلال عام 2014، شهدت مصر 287 احتجاجا عماليا، بمشاركة 114 ألفا و907 عمال، من إجمالي 269 ألفا و107 عمال، في منشآت وشركات متعددة ومتنوعة النشاطات، بحسب أحدث إحصائيات وزارة القوى العاملة.


ولم تكن بداية الاحتجاجات العمالية في 2008، فالمصري القديم هو أول من دشن نقابة عمالية في التاريخ، وأول من نظم مظاهرة عمالية احتجاجية، بحسب ما هو مدون منذ آلاف السنين على جدران معبد "هابو" في مدينة الأقصر، جنوب مصر على الضفة الغربية لنهر النيل.


ففي المعبد الجنائزي الذي شيده الملك رمسيس الثالث، أشهر حكام الأسرة العشرين، والذي حكم بين عامي 1183 و1152 ق.م، اجتمع عمال مصريون، وأعلنوا عن أول اعتصام سلمي مفتوح، احتجاجا على سياسات الملك الاقتصادية، التي كانت قائمة على الإسراف الشديد في تشييد المعابد الفخمة، ما أرهق الاقتصاد، وتسبب في تأخير أجور عمال دير المدينة لمدة شهرين.


وأثناء الإضراب تشكلت أول نقابة عمالية موثقة في التاريخ الإنساني، عام 1140 ق.م. لكن الملك الذي اشتهر بديمقراطيته نزل على مطالب العمال، فانتهى الاعتصام، الذي خلدته جدران معبد "هابو" باللغة الهيروغليفية، وفقا لرواية المرشد السياحي، محمد فهمي.


و"هابو"، كما قال فهمي: "هو معبد جنائزي شيده رمسيس الثالث، ليوضع فيه جثمانه عقب تحنيطه، استعدادا للحياة الأخرى والأخيرة، وفقا لمعتقدات المصري القديم".


وتابع قائلا: "عُرف عن رمسيس الثالث، ديمقراطيته، وولعه الشديد بالعمارة وفنونها، لذلك فهو الملك المصري الوحيد الذي شيد قصرا ملكيا قرب موقع بناء معبده الجنائزي، ليقيم فيه ويشرف بنفسه على بنائه، وهو القصر الملكي الوحيد الذي لا يزال باقيا في الأقصر".


ويتميز معبد "هابو" بكتاباته ونقوشاته الغائرة للغاية، ويزين مدخله 8 أعمدة على شكل زهرة اللوتس، التي كان يعتبرها المصري القديم رمزا للحياة، وفي مقابلها 8 أعمدة أخرى تتخذ وضع المومياوات رمزا للموت.


وتقول جداريات المعبد إن رمسيس الثالث، وهو أحد أقوى ملوك مصر القديمة، كان من أبرز الملوك الذين خاضوا حروبا شرسة في التاريخ القديم، مدة 35 عاما، إحدى هذه الجداريات تحكي قصة أبرز تلك الحروب، وهي حرب كانت ضد 100 ألف مقاتل من شعوب البحر، وهو جيش مجهول الموطن، كان يهجم على الدول بحرا فينهبها.


وقد أدرك الملك المصري أنه لا قدرة لجيشه بخوض حرب بحرية، فأمر بربط كل المراكب الموجودة في نهر النيل، ليصنع منها جسرا خشبيا يقف فوقه الجنود المصريون ويقاتلون، وبالفعل انتصر المصريون في هذه المعركة.