التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 02:36 م , بتوقيت القاهرة

"المغاوير" السورية.. القتال من أجل المال والقومية

من خلال إغراء مادي، يسعى النظام السوري إلى تجنيد أكبر عدد من الشباب السوري المتبقي في البلاد من أجل القتال إلى جانبه في مواجهة قوات المعارضة، ويؤكد ناشطون لـ "دوت مصر"، أن النظام بدأ يستخدم أسلوبا جديدا في تجنيد الشباب، وذلك من خلال عامل الانتماء القومي.


فبعد هجرة أعداد كبيرة من الشباب إلى خارج سوريا، وانضمام عدد آخر إلى قوات المعارضة للقتال، لم يتبقى أمام قوات النظام إلا خيارات محدودة من أجل تغطية النقص الكبير في عناصر قواته، بسبب الخسائر التي يتكبدها في المعارك الدائرة على أكثر من جبهة في سوريا، وهذه الخيارات تتضمن التجنيد الإجباري، وسحب الاحتياط، إضافة إلى إقامة ميليشيات مسلحة تابعة له في مناطق سيطرته مقابل إغراءات مادية جيدة، وأبرز هذه الميليشيات "قوات الدفاع الوطني"، و"قوات المغاوير" في محافظة الحسكة، وكتائب البعث التي أسست في وقت سابق.



الدفع نحو الهاوية


بدأ النظام السوري يتجه في هذا السياق لوضع العشائر العربية أمام خيارين ثالثهما تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، حيث إما أن يقاتلوا مع النظام أو جعلهم تحت رحمة الميليشيات الكردية التي ارتكتب جرائم عديدة في المحافظة.


وكان ذلك في وقت ارتفعت فيه أصوات عشائرية مؤيدة للأسد، تندد بتسليم الأخير مدينتي الحسكة والقامشلي لمليشيات تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي "PYD"، بحجة أن النظام كان يتجاهل هذا التذمر بسبب النشاط الملحوظ لميليشيات الكرد.


حرق القرى


يقول الإعلامي السوري، مجد العبيدي، من محافظة الحسكة لـ "دوت مصر"، "العشائر بالمنطقة لم يكونوا يريدون التدخل في أي طرف، لأنه لا يمكن للعشيرة كمؤسسة أن تصبح في واجهة الأحداث الحالية، حيث تتحول القضية إلى حالات ثأر بين العشائر نفسها وهذا غير مفيد، وانتظر النظام أن تدخل العشائر لجانبه، حيث قام بتركها تحت رحمة كتائب وميليشيات غير معروفة، إضافة لحزب الاتحاد الكردستاني، حيث تم حرق قرى تلك العشائر على يد هذه الميليشيات، وحدثت مجازر كثيرة مثل مجزرة منطقة أم الخير، بقيادة صدام الجمل الذي أصبح قياديا في تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى مجزرة تل براك التي حدثت في مثل هذا اليوم من العام الماضي التي قتل فيها نحو 50 شخصا، ناهيك عن مجزرة قرية الحاجية وتل خليل، على يد ميليشيات كردية.



ويتابع العبيدي، "النظام راهن على تحرك العشائر مقابل هذه العمليات، من هناك العشائر أصبحت مضطرة إما بالانتساب للأكراد أو تنظيم داعش، كونهم موجودين تحت سيطرة هذه الجماعات، فالأكراد من جانبهم خيروا العشائر إما الانتساب لهم أو الرحيل، وتنظيم الدولة يدعوهم للجهاد من جهة أخرى".


تمويل إيراني


ويؤكد العبيدي أن المسألة تحولت لسباق بين الجهات الثلاثة لجر العشائر من الحيادية للاشتراك في هذه الحرب، وفي النهاية، من الملاحظ أن النظام السوري هو الذي كسب هذه المعركة لأن الأكراد مشروعهم غير واضح ويعملون على التقسيم، وتنظيم الدولة غير واضح ما هو مشروعه وبدأ ينحسر  وجوده.


ويوضح الإعلامي العبيدي أن محافظة الحسكة ذات أكثرية عربية والنظام لعب على هذا الوتر واستجلب العرب للدفاع عن المناطق العربية، مشيرا إلى أن ميليشيات المغاوير هي من تمويل إيراني وتدريب حزب الله، حيث يتم اصطحاب 20 من القادة من مطار القامشلي إلى لبنان، حيث يتلقون التدريبات ثم يعودون، من فترة خرجوا دفعة في نهاية العامة الماضي في فوج كوكب 10 كم عن الحسكة، حضر قائد النظام في الحسكة، وقناة المنار التابعة لحزب الله، وحضرها أكثر من 270 عنصر مشرف على هذه الدفعة، الأمر الذي فجر الخلاف بين الاكراد والنظام".


ويضيف أن النظام يقدم رواتب شهرية تصل إلى 50 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 220 دولار أمريكي.



مصالح مادية


وكانت قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني قالت في تقرير مصور بشأن "المغاوير"، إن عناصرها تلقوا تدريبات ذات طبيعة هجومية شملت في الدورة التدريبية القصيرة اختصاصات مختلفة كـ"الدبابات، والمدفعية، والقناصة، والهندسة.


وصرح القائد العسكري للحسكة، اللواء محمد خضور للقناة بأن "المغاوير" هم الأجدر في الدفاع عن الحسكة وتحريرها.


من جانبه يقول الناشط الإعلامي في محافظة الحسكة، سراج الحسكاوي لـ "دوت مصر"، "قوات المغاوير هي عبارة عن الشباب المتأخر عن الخدمة العسكرية أو من المنشقين والفارين الذين قاموا بعمل مصالحات وطنية، مقابل أن ترفع عنهم العقوبات العسكرية، وضمت أيضا متطوعين من شتى فئات المجتمع في الحسكة مسيحيين وأكراد وعرب".


ويوضح الحسكاوي في السياق المتصل بالعشائر، "النظام رأى أن العشائر هي الجهة الوحيدة المهمشة في الوضع الراهن وهي الكتلة البشرية الأكبر في المحافظة، فقام النظام بمقابلة بعض شيوخ العشائر لإقناع أتباعهم بعمل قوة تعيد جميع الشباب الفارين من خدمة الجيش أو الذين يقاتلون في صفوف المعارضة ويريدون العودة إلى الحسكة، مقابل أن يتم تطويعهم في المغاوير ورفع العقوبات".


ويؤكد سراج أن النظام لعب على الوتر القومي والمادي، حيث أن الحسكة تشهد فقرا متزايدا بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة".


وأشار سراج إلى أن الفوج 123 بالقرب القريب من مدينة الحسكة، شهد انشقاق عناصر عرب من قوات المغاوير، بسبب قيام النظام بدفع العرب من أجل القتال في مقدمة المعارك، الأمر الذي حرك بوادر الأنشقاق.