التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 11:50 ص , بتوقيت القاهرة

تفويض دولي لمصر لمكافحة الإرهاب

أكدت دعوة الرئيس السيسي المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في مواجهة الإرهاب، باعتباره ظاهرة أصبحت تُهدد بشكل مباشر السلم والأمن الدوليين، الحاجة لقرار أممي بالتدخل في ليبيا، التي يتفاقم على أراضيها خطر داعش، إن إيمان العالم بالسلم والتعاون البناء وصيانة أمن الإنسانية كلها على المحك.


شهدنا كيف أدارت أمريكا تحالفا دوليا غائما في أهدافه وخططه في العراق، لم تحقق ضرباته الجوية التي وجهها لداعش حتى الآن سوى تحرير 1 % من مساحة الأراضى التي سيطر عليها التنظيم في العراق، فضلا عما كشف عن مؤن وأسلحة تلقى لداعش، ثم الادعاء بأن هذا تم بطريق الخطأ، فكيف وصلت صورايخ سكيف الأوكرانية لداعش فحسمت بعض معاركها مع الجيش العراقي، بالرغم من أن هذا السلاح لا يمر عبر السوق السوداء.


خلق التدخل الدولي في العراق بقيادة أمريكية خطر داعش رسول الفوضى الجديد في المنطقة، الذي زُرع في المشرق العربى متوسطا كل دول الإقليم، هل هي صدفة أن يتعاظم نفوذ التنظيم بهذا الشكل ليكون منطلقا لتقسيم كل دول المنطقة، وإخضاع دولها لمشروع الخلافة المزعومة التي يصفها أنصارها بقولهم الدولة الإسلامية باقية وتتمدد، هل هذا التمدد الذى مر حتى التهم ما يقرب من 40% من حدود العراق و30% من حدود سوريا حدث في غياب أمريكا عن المنطقة؟ أم برعايتها و بتخطيطها ؟


وأنا هنا لا أدعي أن أمريكا خلقت داعش، بل ربما وظفتها وتوظفها في خدمة مشروعها في إطار تلاقي المصالح التي يبدو الطرفان مدركان لها جيدا، كيف أفهم أن تستهدف أمريكا قيادات القاعدة في اليمن شخصيا بدقة متناهية بطائرات بدون طيار، ولا تمارس نفس السلوك مع قيادات داعش سوى أن تلك القيادات مطلوب أن تبقى لتتم الخطة الأمريكية، في تفكيك دول المنطقة وإعادة تركيبها على الهوى والمصلحة الصهيوأمريكية.


ترك الخطر في سوريا والعراق يستفحل، وتأخر النظام العربى في مواجهته بعدما هرم من قديم ولم يعد قادرا على الفعل والحركة، مصر التي قادت العالم العربي لازالت مؤهلة لقيادته فقد قضت المقادير أن تبقى هي يقظة مفتوحة الأعين لكل ما يجرى من مؤامرت، تطرق الآن بوابتها الغربية بعنف، وهي بالطبع لن تنتظر موافقة أمريكا، التي تتلكأ في تزويد مصر بقطع غيار طائرات f16   السلاح الذي استخدمته مصر مؤخرا في ضرب بعض قواعد داعش في ليبيا.


 وكما يقول الجنرال الأمريكي سبايدر ماركس أن قواعد اللعبة تغيّرت بعد قيام المقاتلات المصرية بضرب التنظيم في ليبيا، مردفا بالقول إن المصريين غير ملزمين بطلب الإذن لدخول المجال الليبى الذى لايخضع لسيطرة أحد.


ومع هذا الإقرار بالواقع الليبي  نجد أمريكا تدعو لحل سياسى في ليبيا لأن التنظيم الدولي للإخوان أقنعها بمنحهم فرصة لتدراك ماخسروه في ليبيا، متوسلين بكيانات إرهابية كفجر ليبيا وأنصار الشريعة، لذا لم يكن غريبا أن يخرج تصريح شيخهم القرضاوى في شجب التدخل المصري الذي يعطل مشروع الجماعة الذي فشل في مصر ويحاول الآن في ليبيا، تحت نفس العناوين التي تتبجح بالحديث عن الثورة الليبية ومخططات إفشالها، تماما كالثورة المصرية التي نطالع مشاهدها فقط على شاشات الجزيرة.


استراتيجية داعش تلتقى مع استراتيجية أعداء لنا سواء عرب أو غير عرب، وداعش في ليبيا بما يستدعى مظلة دولية تجعل التدخل المصرى في إطار تحرك دولى، يتسهدف تصحيح معادلات المنطقة التي لن يحفظها سوى  عودة مصر لممارسة دورها الوطني والقومي.


نحن كما قال الرئيس السيسي نخوض معركة بالنيابة عن العالم كله بل عن الإنسانية، تلك المجموعات التي تسلطت على واقعنا تحاول إستدعاء صراع أبدى بين الشرق والغرب من جديد، تحت عناوين قديمة وتفسيرات شاذة، تستدعى وضع مصر في قيادة تحالف دولي يواجه هذا الخطر في شمال أفريقيا على مرمى حجر من شواطئ إيطاليا وأوروبا.


وحلف الناتو لم يُكمل مهمته بشكل صحيح في ليبيا، حيث اكتفى بإزاحة القذافي وفتح باب الفوضى التي هي البيئة المثالية لداعش، بما يؤكد الحاجة لدور مصري وعربي لإعادة بناء ليبيا ودعم حكومة شرعية تعبر عن تطلعات الليبين، وليس تطلعات الإخوان المسلمين ومشروعهم أو داعش ومشروعها؛ لذا لابد من تفويض دولى ومظلة تضع مصر والدول العربية التي أثبتت موقفا واضحا ضد الإرهاب في موقع القيادة ،قيادة تعلم أهدافها وتسعى لها بعيدا عن الأجندات المشبوهة سواء لأطراف عربية أو غربية .