التوقيت الإثنين، 06 مايو 2024
التوقيت 04:50 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| "رحاب".. أمل جديد ينمو في رمل سيناء

تأمل "رحاب" ذات الأعوام التسعة، والنازحة من إحدى قرى الشيخ زويد، أن تصبح مدرسة لتعلِم الأطفال. محرومة "رحاب" من التعليم. مرت سنوات عمرها الماضية دون أن يُلحقها أهلها بالمدرسة في قريتها النائية "الخروبة".


فرت "رحاب" وعائلتها من قريتها غرب الشيخ زويد إلى العريش مع تكثيف الجيش غاراته على مواقع المسلحين المتشددين من جماعة أنصار بيت المقدس (داعش- ولاية سيناء).


"كانت الطيارة فوق وخفنا"، تقول رحاب. نزح كثيرون من رفح والشيخ زويد من غير هؤلاء المهجرين عن بيوتهم في الخطة التي تنفذها القوات المسلحة لاخلاء الشريط الحدودي من الانفاق والانشطة غير الشرعية في حربها على الارهاب.


دب الخوف في قلوب البعض فالطائرات تحلق على ارتفاعات منخفضة لكشف مواقع المسلحين. تحولت مناطق البدو إلى ساحة حرب بين المسلحين وقوات الجيش والأهالي في المنتصف.


لا مساكن مؤهلة لاستقبال النازحين في مناطق تجمعهم بالمسمي جنوب العريش، والكيلو 17، والكيلو 20 غرب العريش، يقول إسلام عروج الناشط في مبادرة "أهالينا في سيناء"، وهي مبادرة شبابية لرعاية النازحين.


يضيف "عروج" أن محل سكن النازحين هو أعشاش من البوص وخيم لا تقيهم شر تقلبات الجو في الصحراء على أطراف المدينة.


"كنت مش بعرف أكتب ولا أعرف حاجة ولما جيت هنا اتعرفت على صاحبيتي آية وصارت بتكتبلي"، تقول "رحاب".


انتقلت "رحاب" إلى حي الفواخرية بالعريش قبل ستة أشهر مع أبيها وأمها وأخواتها البنات ليستقروا في "بيت بلدي" وفرت ايجاره مبادرة "أهالينا في سيناء".


تقول "رحاب": "نفسي أخش الدرس (الذهاب للمدرسة).. لما بشوف العيال لابسين هدوم مدرسة بقعد أعيط". تطمح "رحاب" إلى أن تتعلم حتى تصبح مدرسة، توضح أنها تحب الأطفال وتريد أن تعلمهم.


تعرفت "رحاب" على "معلمتها آية"، ذات الأعوام التسعة أيضا، أمام "الدكان" في الحي فطلبت منها أن تعلمها. خلال 6 أشهر وبدون معلم تمكنت "رحاب" من تعلم حروف الهجاء، وكتابة كلمات، وقراءتها، وهي الآن في مرحلة كتابة جمل كاملة وقراءتها.


يقول الناشط إسلام عروج إن "رحاب" طلبت منه كراسة وقلما، وذهبت بهما إلى قرينتها "آية" وطلبت من جيرانها أن يعلموها القراءة والكتابة قائلة "علموني".


تريد "رحاب" العودة لبلدها في الشيخ زويد، رغم اقرارها بأن مسكنها الحالي في العريش أفضل من مسكنها في قبر عمير. وأنها تعلمت هنا ما لم تتعلمه في قريتها.


يقول حسن عطالله، والد "رحاب"، والذي تكلم بتحفظ شديد، "إحنا ناس نحب بلادنا، ولولا اللي حصل مكناش رحلنا.. ودنا نعيش في الشيخ بس خفنا على حياتنا".


الكتاب الصحفي والباحث عبدالقادر مبارك، مؤلف كتاب "المرأة السيناوية.. تراث بدوي وواقع أسير" يرى أن تجربة "رحاب" ليست فريدة في البادية، مشيرا إلى أنه "امتحن" فتاة بدوية في القراءة والكتابة التي تعلمتها وهي ترعى الأغنام عبر برنامج في إذاعة شمال سيناء.


يقول "مبارك" إن "المرأة البدوية ذكية جدا ولو كان المجتمع بينظر نظر ايجابية كنا سنجد نماذج كثيرة من المرأة البدوية وصلت إلى تعليم عالي". يشير إلى أن تعليم البدويات يقتصر على مراحل التعليم الموجودة في مناطقهم. فان كانت المنطقة تضم مدرسة ابتدائية فقط يتوقف تعليمها عندها وهكذا.


يوضح الباحث في شؤون المرأة البدوية أن تعليم البدويات خطوة أولية للقضاء على الإرهاب في سيناء. يوضح أن ضعف التعليم يفسح المجال للتعصب والقبلية والتطرف.


تقرأ "رحاب" من كراستها بتأن وثقة ورغبة قوية في التعلم، يشع من عينياها بريق شديد. شقيقة "رحاب" أيضا تسرب إليها حب التعلم. طلبت "إيمان" ذات الأعوام السبعة كراسة وقلما أيضا، وتخطوا في نفس الطريق لتلحق بأختها، فربما تكونان نور المستقبل في النفق المظلم.