التوقيت الثلاثاء، 16 أبريل 2024
التوقيت 01:22 م , بتوقيت القاهرة

صور| فريق تشيكي يكتشف مقبرة الملكة "خنت كاوس"

اكتشف فريق تنقيب تشيكي، يضم أستاذ ورئيس وحدة علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، سليمة إكرام، مقبرة لملكة مصرية لم تكن معروفة الهوية سابقا، في جبانة تقع بمنطقة أبو صير الأثرية، جنوب غرب مدينة القاهرة، ما سيكون له أثرا كبيرا في التعرف على تشكيل تاريخ الأسر المالكة بالمملكة القديمة، وفهم دور المرأة في هذا الوقت.


وأشارت الجامعة الأمريكية، في بيان لها، اليوم الأحد، إلى أنه قاد عمليات الحفر والتنقيب، مدير المعهد التشيكي للآثار المصرية، الأستاذ بجامعة تشارلز بمدينة براغ بالتشيك، ميروسلاف بارتا، والذي شغل أيضا منصب أستاذ سيمبسون في علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، خلال العام الأكاديمي 2013-2014.


وعلق بارتا على هذا الاكتشاف، قائلا: "أكثر ما يميز هذا الاكتشاف هي النقوش المحفورة على جدران المقبرة، والتي توضح أن هذه الملكة هي عضو جديد تماما أُضيف للأسرة المالكة الخامسة".


ويقول بارتا: "سجلت النقوش المحفورة داخل حجرة الدفن لقبين لهذه الملكة المصرية وهما، (زوجة الملك وأم الملك)، فقد حملت هذه النقوش بين سطورها الاسم خنت كاوس، والتي تعني (الملكة الأقرب مقاما لأرواحنا)، وهي الملكة المصرية الفرعونية الثالثة، التي تُلقب بهذا الاسم. وقد أثار ذلك اللقب، الملكة خنت كاوس الثالثة في سلالة الأسر الملكية المصرية، اهتماما عالميا"، متابعا: "إنها زوجة ملكية، غالبا للملك رع نفر إف لأنها دُفنت على مقربة من مقبرته".


ويساعد الكشف عن مقبرة الملكة خنت كاوس الثالثة، بحسب البيان، على فهم دور المرأة ومكانتها في دولة مصر القديمة بوجه عام، حيث تقول إكرام: "كانت المرأة تتمتع بسلطات هائلة وتحظى بمكانة رفيعة، وخاصة في المملكة المصرية القديمة. فقد تمتعت بسلطات واسعة كونها أما لملك".


ويوضح بارتا بقوله: "هذا يعني، على سبيل المثال، قيام الملوك ببناء أفضل المقابر لأمهاتهم. وبالتالي، فإن المرأة التي تحظى بمثل هذه المكانة تلعب دورا هاما للغاية".


ويضيف بارتا أنه عادة ما تشير معظم النقوش إلى رجل، ولا توجد أي أسماء أو نقوش تشير إلى أي امرأة، ورغم من أن هؤلاء النساء هويتهن لا تزال مجهولة في العديد من الحالات، إلا أنه عند فحص الأدوات والأثاث الجنائزي الموجود داخل هذه المقابر، ستجد أن المتعلقات الخاصة بالنساء يبدو مظهرها أكثر غنى وثراءً، وذلك مقارنة بتلك الخاصة بالرجال، ما يشير إلى المكانة الكبيرة التي حظيت بها هذه النساء في البلاط الملكي".


ووفقا للبيان، تشير هذه النقوش إلى حياة خنت كاوس كامرأة تنحدر من أسرة مالكة|، كانت متزوجة من ملك، ولكن الأمر الأكثر أهمية من ذلك هو ولادتها للولد الذي أصبح ملكا فيما بعد، والذي يُحتمل أن يكون كاو رع.


ويقول بارتا: "ففي الأسرة الخامسة، هناك دلائل قوية تشير إلى أنه فور وصول الرجل إلى سدة الحكم وتتويجه وتنصيبه ملكا، فإنه يدعم أمه ويقوم ببناء مجموعة جنائزية تكون أكثر ملائمة لأم الملك"، وتشير الأبحاث إلى أن تحول المرأة من الزوجة إلى الأم كان يصاحبه تعظيما وتوقيرا لشخصها ورفعا لمنزلتها.


واكتُشفت هذه المقبرة التي ترجع إلى الأسرة الخامسة الوسطى (حوالي 2450 قبل الميلاد)، في أوائل العام الحالي، وتقع هذه المقبرة داخل جبانة صغيرة خصصت لدفن صفوة البلاط الملكي، وقد تعرض قديما الكثير من أجزاء المقبرة للتلف مثل المصطبة، والمذبح، والناووس أو التابوت الحجري. إلا أن البعثة قد تمكنت من العثور على 24 وعاء من الحجر الجيري، و4 أدوات نحاسية والتي كانت جزءا من أدوات الدفن، إضافة إلى ذلك، تم العثور على بعض الشظايا العظمية الصغيرة، ويقول بارتا: "ففي ظل السياق الأثري الذي نتحدث عنه، نحن نعتقد أن هذه العظام هي عظام خنت كاوس".




كانت منطقة أبو صير موقعا مثاليا للحفر والتنقيب عن الآثار في السنوات الأخيرة، ومن أهم القطع الأثرية التي تم الحصول عليها في منطقة أبو صير هي "بردية أبو صير"، والتي تعد من أقدم أوراق البردي التي تحتوي على معلومات تفصيلية حول المعتقدات الخاصة بالموت والدفن، والنظم الإدارية، وهناك أيضا مجموعة من التماثيل المصنوعة من الخشب والحجر الجيري، والتي تعتبر في حالة جيدة للغاية، وقد ساعدت على فهم ممارسات الدفن والبنية الاجتماعية داخل الأسرة الخامسة.


وبحسب البيان، تشعر إكرام بالتفاؤل لما قد يكشفه البحث والتنقيب بمنطقة أبو صير عن جميع طبقات المجتمع في مصر القديمة، موضحة "سيكشف العمل هنا قدرا هائلا من المعلومات حول الحياة اليومية لخادمي الملك، وحالات الموت في جميع الطبقات الاجتماعية، إضافة إلى العلاقات الأسرية والسلطة داخل الأسرة المالكة في المملكة القديمة".


ويشعر بارتا أيضا بالحماس الشديد عما قد يكشفه التنقيب عن هذه المقابر، قائلا: "هناك المزيد من المقابر التي سنقوم بالتنقيب عنها، ونعتقد أن البعض منها قد يكون أصحابها أفراد مجهولة من الأسر المالكة، وسنعلم المزيد عند وصول اختصاصي علم الأنثروبولوجيا التابع لنا هنا في مصر خلال شهر مارس أو أبريل من العام الحالي".


ويعتقد بارتا أن الكشف عن مقبرة الملكة خنت كاوس الثالثة يعد بمثابة قطعة جديدة لاستكمال الصورة الكاملة،  "لا يزال لدينا الكثير لنعرفه مع كل كشف جديد عن الأسرة المالكة الخامسة."


جدير بالذكر أن فريق خبراء الآثار التشيكي يعمل في منطقة أبو صير منذ 55 عام تقريبا، وتربطه علاقة تعاون بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما أن إكرام تعمل كعضو دائم بالفريق، وتعمل في منطقة أبو صير على وجه الخصوص، كذلك هناك شراكة بين الفريق ودار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتي نشرت مؤخرا كتابا بعنوان "دواء المصريين القدماء" أو "The Medicine of the Ancient Egyptians"، والذي اشترك في كتابته 3 علماء تشيكيين، ويتحدث الكتاب عن العمليات الجراحية، وطب أمراض النساء والولادة، وطب الأطفال في مصر القديمة.