التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 05:32 ص , بتوقيت القاهرة

قليلا من الديكتاتورية.. يا ريس !!

<p>انهزمت مصر مرتين في التاريخ الحديث.. في 5 يونيو 1967.. و25 يناير 2011.. في الأولى كان العدو واضحا وصريحا.. إسرائيل تدعمها أمريكا.. كانت المؤامرة اسمها اصطياد الديك الرومي في إشارة إلى جمال عبد الناصر الذي أصبح خطرا على نفوذ أمريكا وهيمنة تل أبيب.</p><p>التاريخ الثاني لم تلحق بمصر هزيمة عسكرية.. ولكن استولى على عقول وضمائر الشباب الطاهر، الذي انفجر سخطا وغضبا ضد حكم مبارك أعداء أخطر من إسرائيل، وحوش من دمنا ولحمنا ويحملون نفس بطاقات هويتنا.. لكنهم لا يعترفون بمصر وطنا.. ولا بجيشها درعا.. ولا بشعبها إخوة في رباط إلى يوم الدين.</p><p>إنهم الإخوان المسلمون، الذين اختطفوا مصر وأخذوها رهينة أفكارهم.. سبوا أهلها.. قتلوا رجالها ونساءها وألصقوا التهمة بالجيش والشرطة.. وإذا كنا تخلصنا من هزيمة 1967 بنصر أكتوبر، فإننا انتصرنا أيضا على رؤوس الأفاعي الإخوانية يوم 30 يونيو  2013 قبل أن ينفذوا المخطط الشيطاني الخسيس لتقسيم مصر وانتزاع سيناء ومنحها للفلسطينيين وإهداء حلايب وشلاتين للسودان.. وما خفي كان أعظم.</p><p>في 67 هزمتنا طائرات ودبابات وغواصات.. وفي يناير 2011 كانت المؤامرة على الجيش أخطر لأن العدو خرج من بين ظهرانينا.. من شقوق الأرض برزت رؤوس الأفاعي.. الخصم من دمنا ولحمنا.. ركب الإخوان سفينة الديمقراطية وأداروها بمنطق القراصنة.. تعاون معهم- بحسن نية أو سوء طوية- ناشطون بلا عمل وحقوقيون من هواة الشو الإعلامي ونخبة نفعية دنيئة ومرتزقة لنكتوي بنار الغل والحقد على جيش مصر العظيم.</p><p>سيادة الرئيس.. لو تصورنا أنك تضع أساسا لعمارة أو برج سكني، فلن تأخذ رأي السكان أو الملاك قبل أن يقيموا فيه. انته من بنائها أولا ودعهم يسكنونها ويختلفون ويتشاجرون ثم يتعايشون بعد ذلك.. التساهل والطيبة والأدب لا تبني دولا ولا تحميها يا سيادة الرئيس.. أرجوك لا تعمل حسابا لقتلة ومخربين وعملاء ونشطاء.</p><p>مصر الحديثة تحتاج منك بنية اقتصادية وسياسية.. ولن تجدي معها " لبانة " الديمقراطية وحقوق الإنسان.. للأسف نحن نفهم الأخلاق واحترام القانون باعتبارها ضعفا.. احسم أمرك كما فعل دنج شياوبنج في الصين وشيك كاى تشوك فى كوريا الجنوبية، ثم دع الديمقراطية تأخذ طريقها بعد أن يزداد وعي المصريين وتنضج تجربتهم السياسية ويتعلموا من دروس الأمس.</p><p>إن جيشك يا ريس لا يحارب حربا تقليدية ضد بدو شعث غبر في سيناء، ولكنّه يواجه حربا حقيقية ضد عدو منظم ومسلح تسانده مخابرات أجنبية.. حرب سبق وخاضها أقوى جيش في العالم وهو الجيش الأمريكي في جبال تورا بورا في أفغانستان للقضاء على طالبان وتنظيم القاعدة.</p><p>لقد تعاطف الجميع مع أحمد دومة الناشط الذي تم الحكم عليه بالمؤبد وغرامة 17 مليون جنيه، وبكى كثيرون على شيماء الصباغ التي اتهموا الشرطة بقتلها وخرجت مظاهرات غاضبة اعتراضا على الحكم على دومة واغتيال شيماء.. لكن للأسف لم تخرج مظاهرة واحدة ضد الإرهاب.. لم نر حشودا تهز الميادين حزنا على مصرع الشهداء الحقيقيين يوم الخميس 29 يناير في رفح والعريش.</p><p>وقاد إعلامنا الجميع أيضا إلى معارك جانبية كثيرة لم يكن لها داع أو ضرورة، ولم يكن هو وقتها المناسب أيضا.. معارك قاد إليها انفلات هائل وأحمق وقبيح أيضا.. ولغة وأسلوب ومنهج لم ينتبه أحد إلى أنهم يمنحون الإخوان في كل يوم  أملا فى البقاء وقدرة أيضا على الاستمرار.</p><p>منهج كان بمنتهى الغباء يمنح الجماعة المغضوب عليها بعضا من التعاطف الذي تحتاج إليه وبعضا من الثقة التي تلزمها.. منهج مصري رائع كان صادقا في محاربته للجماعة لكنه باقتدار شديد أحالها- دون أن يقصد- إلى وحش مخيف تقف مصر كلها أمامه عاجزة مما يوحى للآخرين خارج حدود مصر بأن الذي يجري في مصر ليس أبدا معركة محسومة أو منتهية وإنما صراع قد يطول ويحتمل إعادة التفكير والحساب.</p><p>ومع غباء هذا المنهج كان الانفلات الأخلاقي الذي أدى إلى ثقوب مخيفة في نسيج الوطن دون أن يكون هناك من يحاسب أي أحد على الغباء والجهل.. أو على انعدام الذوق والأخلاق ورقي الفكر واللغة. قاد هذا الإعلام أخيرا المجتمع لأن ينسى أن هناك حربا لا تزال دائرة ضد إرهاب الداخل والخارج.</p><p>وإلى جانب أخطاء الدولة وإدارتها.. والإعلام وفصائله.. كان هناك النشطاء والثوريون.. الذين ملأوا الدنيا طوال الوقت صراخا بأنهم ضد العسكر وضد كل وأي ممارسات قمعية وضد الحكم بقوة السلاح وكل هذا الكلام الرومانسي الذي ارتفع صوته دون أي مواجهة حقيقية.. فهؤلاء الثوار الذين يقولون طول الوقت لا للسلاح ونعم للديمقراطية، لا يشرحون لنا أبدا كيف يمكن تحقيق هذه الديمقراطية والوصول إليها دون جيش وسلاح.</p><p>فهل هم بمثل هذه السذاجة التي تجعلهم يتخيلون أن مصر ستصبح دولة ديمقراطية إذا انسحب الجيش عائدا إلى ثُكناته مكتفيا بها.. هل يتخيلون أن الإخوان فعلا يشاركونهم رؤيتهم للديمقراطية واحترامهم لها.. وهل في غياب الجيش يتخيل هؤلاء الثوار أنهم إذا قالوا لا للإخوان فسيستجيب الإخوان فورا وبمنتهى التقدير والاحترام لمطالب الثوار ويعودون إلى بيوتهم وشركاتهم تاركين الحكم لمن يختاره الناس؟</p><p>وأنا فى الحقيقة أود أن أسأل عن الهدف الحقيقي الذي كان وراء تلك المظاهرة التي خرجت فيها شيماء مع رفقائها.. أظن أنهم جميعهم كانوا يعلمون بمدى تردي الحالة الأمنية وحجم التهديدات والتفجيرات التي تُطارد الناس طوال الوقت في كل مكان.</p><p>يا ريس إن الثوار وهم يتحدثون عن الديمقراطية هم أبعد ما يكونون عنها، فهم لا يقبلون رأيا يخالفهم.. ولا يرضون بأى أحد لا يوافقهم بشكل مطلق.. يا ريس ليس معقولا أن نحارب الإرهاب ونحن نتحدث عن حقوق الإنسان.</p><p>أمريكا التي إليها يحجون ويتعبدون أهدرت حقوق الإنسان في حربها ضد الإرهاب.. يا ريس غير معقول أن يكون في مصر 80 مليون قاض يراجعون أحكام القضاء.. و 20 ألف صحفي وإعلامى يسكبون الزيت على النار كل مساء.. يا ريس كفاية والنبي.. لقد أعلنت الحكومة عندما جاءت في أول عهدك أنها حكومة حرب.. واتضح أنها حكومة طبل وزمر. </p><p> </p>