التوقيت الجمعة، 24 مايو 2024
التوقيت 04:16 م , بتوقيت القاهرة

"مصر".. الشرط السعودي للتقارب مع تركيا

لم تكد تمر أيام قليلة على الزيارة الملفتة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى السعودية لتقديم واجب العزاء في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز،  حتى رست الفرقاطة العسكرية التركية (بويوكادا – أف 512) في  ميناء جدة، للمشاركة في ما قالت عنه القنصلية التركية بالسعودية إنه تدريبات بحرية مشتركة مع الجانب السعودي، الأمر الذي أثار تساؤلات حول إمكانية وجود تقارب بين الرياض وأنقرة خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن تلك المؤشرات تزامنت مع تقارير أمريكية تتحدث عن تقارب في وجهات النظر بين السعوديين والأتراك في ملف سوريا و"داعش".


وكانت العلاقات السعودية التركية متوازنة طوال الفترات السابقة، إلا أنها شهدت خلافا حادا في وجهات النظر، خاصة بالتزامن مع موجة الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة، حتى وصلت إلى حد التوتر خلال السنتين الماضيتين، على خلفية دعم أنقرة المتواصل لجماعة "الإخوان"، وتدخلها في الشأن المصري في محاولة لتعزيز نفوذها في المنطقة، فضلا عن التقارب التركي الإيراني والذي لطالما آثار حساسية الرياض، بيد أن ملامح التقارب في وجهات النظر، لاسيما في الملف السوري، ومحاربة "داعش" في العراق وسوريا لم تعد خافية على أحد، إذ سبق وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن السعودية وتركيا، فضلا عن قطر، سيديران برنامجا خاصا بالتعاون مع الولايات المتحدة لتدريب مقاتلين سوريين معتدلين لمحاربة الأسد والمتطرفين في سوريا.



عهد جديد


في مايو/ آيار 2013 قام ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي تولى عرش المملكة بعد ذلك، بزيارة إلى تركيا للتنسيق مع أنقرة في الملف السوري، ومن الشائع أن خادم الحرميين كان يتولى هذا الملف آبان توليه منصب ولي العهد، يحظى باحترام واسع في دوائر صنع القرار في تركيا، والأتراك يعولون بشدة على الملك الحالي للتقارب مع المملكة السعودية ولتجاوز فترة التوتر السابقة.


قلق مصري


ويرى السفير فتحي الشاذلي، سفير مصر السابق لدي تركيا، أن مصر تنظر بحذر إلى أي تقارب سعودي مع الأتراك في الوقت الراهن، لاسيما أن أنقرة منخرطة لحد بعيد في دعم وإيواء جماعة "الإخوان"، مشيرا إلى أنه لا توجد مؤشرات على انتهاج المملكة العربية السعودية لسياسة خارجية جديدة تجاه تركيا، حيث سبق وصرح الملك سلمان بأن المملكة ستمضي على النهج السابق نفسه فيما يتعلق بسياستها الخارجية.


وحول العزاء وزيارة الفرقاطة التركية للمؤانى السعودية، قال الشاذلي لـ"دوت مصر": كلها أمور هامشية، فأردوغان حاول لفت الأنظار إليه أثناء مراسيم عزاء الملك السعودي الراحل، وزيارة الفرقاطة التركية من المؤكد أنها مقررة منذ فترة، ولذلك، فتلك مؤشرات لا يمكن التعويل عليها بقدر كبير من الأهمية.


ونبه الشاذلي، إلى أنه ليس السعودية وتركيا فقط المتفاهمتان حول الملف السوري، فمصر تدعم التسوية السياسية في سوريا، ورؤيتها لحل الأزمة السورية تتناغم لحد بعيد مع رؤى السعوديين والأتراك، لكن هذا لا يعني التقارب في باقي الملفات، لأن السياسة الخارجية للدول لا تشترط وجود تقارب في كل الملفات.


مصر خط أحمر


ويرى الدكتور أنور ماجد عشقى، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في الرياض، أنه رغم أن العلاقات السعودية التركية شهدت فتورا خلال الفترة الماضية، إلا أنها لم تصل لمرحلة التصعيد أو القطيعة "فهناك تفاهمات وهناك اختلافات في مسائل ما، وهذا طبيعي"، مشيرا إلى أن الرؤى التركية تتناغم مثلا مع الرؤى السعودية، لمحاولة مواجهة الهيمنة الإيرانية في العراق، كما أنها تعارض بقاء الأسد في السلطة في سوريا مثلها مثل الرياض، والدولتان الكبيرتان في العالم الإسلامي والمنطقة حريصتان على تسوية سياسية في سوريا، وتعارضان الأنشطة النووية الإيرانية.


ونبه عشقي لـ"دوت مصر": إلى أن مشاركة أردوغان في مراسيم تولي العاهل السعودي ومشاركتة القوية في مراسم العزاء للعاهل السعودي الراحل، تعد مؤشرا على وجود رغبة تركية لتجاوز الخلافات السابقة، وهو ما يمكن أن يكون محل ترحيب في السعودية، إذا تم التفاهم حول المسائل العالقة، مثل دعم الإخوان والتدخل في شؤون الدول الأخرى.


وشدد عشقي على أنه حتى "في حال وجود تقارب سعودي تركي خلال الفترة المقبلة لن يكون هذا على حساب الشقيقة الكبرى مصر"، وأشار إلى التسوية الخليجية السابقة، التي رعتها السعودية مع قطر لعودتها لمجلس التعاون الخليجي، كانت مصر تحتل الجانب الأكبر بها، ولذلك فإن "أي تقارب مع الأتراك لن يكون بحال من الأحوال ضد القاهرة، بل بالعكس ربما يكون في صالح مصر".