التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 04:33 م , بتوقيت القاهرة

قريش وجمال ومسعود (3)

طب وهو محمود جمال عمل إيه؟


هو لقط لقطة، حاجة غير طبيعية تستحق الوقوف قدامها، واستعرض بعض الحلول ليها، علشان في النهاية يوصل لـ تحليل اجتماعي سياسي يقف ورا اللقطة دي. وهو إن فصل السورة وقسمها لـ سورتين، كان بسبب قريش اللي عايزة تميز نفسها، بإن تسمي سورة من القرآن بـ اسمها، حتى لو كانت السورة نفسها متعسفة.


عن نفسي معنديش مشكلة مع النوع ده من الكتابات، خصوصا إن ده سمت الكتابة للفضاء الإليكتروني، حيث مفيش مساحة للتدقيق، والتوسع، خصوصا إن فيه روايات تانية كتير بـ تدعم فكرة اختلاق القرشيين لما يميزهم. 


الملاحظة هنا إن طرح الموضوع بالسرعة دي بـ يضيّع فرصة للنقاش: وليه قريش ما خليتش السورة على بعضها، وسميتها قريش بدل الفيل؟ ده حتى تبقى أكبر، وكده كده أسماء السور مش محسومة. حقيقي فيه كتابات كتير، بـ تدي المواضيع أكبر من حجمها، ووارد أي حاجة تكون حصلت مش شرط التعمد يعني.


إنما اللي لفت انتباهي بـ جد هو مقال أيمن مسعود، وأيمن واحد من أشطر الناس في النحو، عرفته سنة 2006 في سياق عام اللغة العربية بـ ساقية الصاوي، وهو ممثل جيد للاتجاه الكلاسيكي في التعامل مع اللغة.


مشكلتي مع الأستاذ مسعود، هي إنه كرس جزء كبير من مقاله لإثبات "جهل" محمود جمال، وهو ده بالظبط التكنيك اللي بـ يتبعه الكلاسيكيين في مواجهة أي كلام مربك: إنت إيش عرفك إنت يا جاهل؟ بقى سيبويه ما يعرفش وإنت اللي عارف، تعال أما أطلع لك غلطاتك ونشوف مين ينفع يكتب ومين ما ينفعش.


معظم الكلام عن "شخص" اللي كاتب، أما الموضوع نفسه، فما يستاهلش، ده محسوم، ومعظم أو جل إن لم يكن كل علماء اللغة قالوا كذا، خلاص، خلص الموضوع، نرجع تاني للكاتب الجاهل.


ومع إن الحل اللي قاله مسعود أكثر تهافتا من أي حل شفته، بس مش ده المهم، لأن لا جل ولا كل ولا معظم ولا أي نسبة محترمة قالته، ليه؟ لأنه لو سلمنا إن فيه فعل: جعلنا محذوف، وتقدير الكلام جعلنا رحلة الشتاء والصيف لإيلاف قريش، يبقى إيه لازمة "إيلافهم" التانية؟ ولا هي زيادة. وإزاي أقدر عامل محذوف، وفيه عامل صريح مذكور في الكلام؟


مش بس الحل اللي قدمه مسعود متهافت، ولا التكنيك، لكن كمان فكرة التعلق بأهداب المصطلح، وحبس الكتابة جواه، وكأننا بـ نكتب لـ ضبط المصطلح، مش بـ نضبط المصلح علشان نكتب.


وبالمناسبة، لو جبنا أي كتاب نحو متخصص، وقريناه، عادي جدا ممكن نطلعه مش عارف حاجة في مصطلحات النحو، لأن المصطلحات مختلفة من مدرسة لـ مدرسة، ومن اتجاه لـ اتجاه، ولو لقيتك مثلا بـ تقول "كُتِبَ" مبني للمجهول، ممكن أقول لك إنك ما تعرفش حاجة، اسمها "مبني لما لم يسم فاعله"، ولو شفتك كاتب "مبني لما لم يسم فاعله" ممكن أتهمك نفس الاتهام، لأن اسمها "مبني للمجهول".


إحنا مش مطالبين وإحنا بـ نكتب في أمور تتعلق باللغة أو بـ علوم الحديث أو بـ علوم القرآن إننا نتكلم بمصطلحات أهلها، وإننا ندور جوه خلافاتهم، إحنا بـ نتكلم عن ظواهر معينة، كلمني في اللي بـ أتكلم فيه، مش تقعد تلعب معايا دور المصحح اللغوي، واقفش همزة في مكانها، وتنوين مش مظبوط، وتعمل زي ابن خالويه ما كان بـ يعمل مع المتنبي.


طب وهو ابن خالويه كان بـ يعمل إيه مع المتنبي؟
لأ
دي حكاية تانية خالص، ممكن نبقى نحكيها في وقت تاني أروق؟


صباح الخيرات