التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 12:49 م , بتوقيت القاهرة

كوبري أكتوبر.. في انتظار التوجيهات!

عندما كتبنا عن الوزراء والمسؤولين الذين لا يتحركون إلا بناءً على تعليمات المسؤول الأكبر في حالة لا تتكرر في العالم كله إلا في مصر فقط، حيث لا يعمل أحد إلا بناءً على توجيهات الرئيس، رئيس الدولة، وكأنّ الرئيس قد وضع هؤلاء المسؤولين في أماكنهم حتى يتلقوا توجيهاته فقط، وليس للقيام بواجبات ومهام هو نفسه قد كلفهم بها دون أمر مكتوب أو تعليمات صريحة.. فالمفترض أن كل مسؤول في مكانه يعلم واجباته ومسؤولياته أكثر من رئيس الجمهورية نفسه، ولكنّها العادة المصرية السيئة التي تنتشر بين المسؤولين المصريين بشكل يصل إلى حد المرض.


منذ أيامٍ قلائل اجتمعت لجنة مُشكّلة من مسؤولين كبار برئاسة السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء.. والأمر حتى الآن طبيعي، فالاجتماعات مستمرة من المهندس محلب مع جميع المسؤولين في فترة حرجة من عمر مصر، تحتاج لمتابعة الأعمال والمهام الخطيرة التي تُحدد وتجدد مستقبل مصر بالكامل.


ولكن هذا الاجتماع تحديدًا كان لمناقشة أمر أخطر، وهو كيفية إصلاح الفواصل المعدنية لكوبري أكتوبر.. والكلام هُنا ليس على محمل السخرية، ولكنّها الحقيقة المُرّة التي تضعنا أمام وضعٍ خطير، وهو أن مصر ليس فيها مسؤول يريد أن يتحمل المسؤولية عن خطر تتعرض له مصر.


والحق أن حالة وشكل الفواصل المعدنية الموجودة بجسم كوبري أكتوبر تُعتبر كارثة بكل المقاييس، لدرجة أن بعض الأماكن يظهر فيها الشارع أسفل الكوبري من بعض هذه الفواصل، ناهيك عن المخاطر التي تهدد السيارات التي تسير على الكوبري ليل نهار مع استمرار هذا الوضع.. أمّا الخطر الأكبر الذي ينتظر مصر كلها هو، لا قدَّر الله، حدوث أي انهيارات في الكوبري في أي مكان.. فلو حدث هذا فسوف تُصاب القاهرة كلها بالشلل الكامل ولن يفيد في حل الأزمة طريق دائري أو غير دائري.


إذن الخطر مُحدِق بالجميع من الحالة السيئة التي وصل إليه كوبري أكتوبر الذي أنقذ مصر من أزمة خانقة كانت لتصيب القاهرة بالشلل التام لولا وجود هذا الكوبري، الذي هاجم الكثير بسببه الرئيس السادات ساعتها، واتهموه بإهدار الأموال على الكباري.


أما الخبر المُثير الذي نُشر حول هذا الموضوع فيقول: "عقد المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء المصري، اجتماعًا لمتابعة أعمال صيانة كوبري أكتوبر، بحضور محافظ القاهرة، ومدير مرور القاهرة، ورئيس شركة المقاولون العرب، وعدد من المسؤولين التنفيذيين.


وشدد المهندس إبراهيم محلب على ضرورة إصلاح الفواصل، التي يشكو منها المواطنون، وأن يتم التنسيق مع مسؤولي المرور، لإعادة رصف المناطق المتدهورة، والاهتمام بالإنارة."


انتهى الخبر المُستفز فعلا.. فهل يستحق إصلاح كوبري أن يتدخل رئيس الوزراء بنفسه ويجتمع مع محافظ القاهرة ومدير المرور ورئيس شركة المقاولين العرب وغيرهم من المسؤولين؛ ليقول لهم لا بدّ من إصلاح الكوبري لأن الناس زهقت وبتشتكي !!


هل هذا هو دور رئيس الوزراء أن يُتابع صيانة الكباري والطرق؟.. وإذا كان محافظ القاهرة نفسه قد حضر هذا الاجتماع الخطير ليسمع بأذنيه توجيهات رئيس الوزراء بضرورة إصلاح الكوبري بعد أن زادت شكاوى المواطنين.. فهل كان السيد محافظ القاهرة لا يدري بالحالة الخطيرة التي وصل إليها الكوبري؟ أم أنه كان ينتظر حتى يجتمع به السيد رئيس الوزراء ليوجه إليه تعليماته وتوجيهاته حتى نعود لنقطة الصفر من جديد ونردد مقولة بناء على تعليمات السيد رئيس مجلس الوزراء.. وعندما تفشل عملية الإصلاح ويصل الأمر لرئيس الجمهورية، فيصدر تعليماته بضرورة الإصلاح، فيخرج نفس المسؤول ليردد المقولة نفسها لتصبح بناء على توجيهات السيد الرئيس !


أليس من واجبات السيد المحافظ أن يتم الإصلاح تحت إشرافه؟ أين كان السيد محافظ القاهرة طوال الفترة الماضية حتى زادت شكاوى المواطنين من حالة الكوبري؟ واستدعى الأمر أن يجتمع رئيس الوزراء بالمحافظ ومدير المرور ورئيس المقاولين العرب، ليقول لهم إن الناس تشكو ولا بدّ من إصلاح الكوبري !


وهل كان السيد رئيس شركة المقاولين العرب ينتظر حتى يستمع لنفس التعليمات من رئيس الوزراء حتى يقوم بعمله الذي يحصل على مُرتبه نظير القيام به.


هل ننتظر تدخل الرئيس السيسي قريبًا حتى يتم إصلاح كوبري أكتوبر؟ وهل سينتظر السيد محافظ القاهرة أن يجتمع به الرئيس ليصدر تعليماته وتوجيهاته له بضرورة العمل والإصلاح قبل وقوع الكارثة.


وإذا كان كل الجهات المسؤولة كوزارة النقل ومحافظة القاهرة وهيئة الطرق والكباري ووو... قد أعلنوا عدم مسؤوليتهم عن إصلاح الكوبري، ولا عن الحالة التي وصلت إليها الفواصل المعدنية فمن إذن المسئول عن هذه الكارثة؟


وإذا كان محافظ القاهرة لم يتحرك إلا بعد تلقي توجيهات رئيس الوزراء، فالعذر، كل العذر، لرؤساء الأحياء والمسؤولين الصغار الذين كان من المُفترض أن يكون إصلاح الكوبري جزءا أصيلا من عملهم.


الأمر أيضا ليس مجرد إصلاح كوبري، ولكن في البحث عن مسؤولين أهملوا عملهم ولم يقوموا به.. أليس هناك مسؤولية عن عمليات الصيانة ليس في الكباري فقط، ولكن في الطرق والمباني والإنشاءات والمشروعات الكبرى.. فمن إذن المسئول ومن هو هذا المسؤول إذا كان الجميع يتبرأ من هذه المسؤولية؟


الأمر وصل الآن إلى مرحلة الخطر التي يجب أن يحاسب فيها المسئول عن الخطأ قبل أن يتحول إلى خطيئة.


يا سيادة محافظ القاهرة.. ويا أي مسؤول في مصر.. هل تنتظرون خرابا أكثر حتى تتحركوا.. وهل تنتظرون تعليمات أخرى أو توجيهات أخرى حتى تكون أموالكم التي تتقاضونها مقابل مناصبكم حلالا ؟


إن مجرد اجتماع رئيس الوزراء للتوجيه بإصلاح الكوبري هو فضيحة وعار في حق هؤلاء المسؤولين، الذين يجب إقالتهم فورا من أماكنهم، وتعيين آخرين يكونون على قدر المسؤولية التي يجب أن يتحملوها.. ارحلوا يرحمكم الله.