التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 05:32 ص , بتوقيت القاهرة

"المفوضين": معاناة المصريين تزداد باستمرار غلق "السادات"

توصية هيئة المفوضين برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار محمد الدمرداش، اليوم الأربعاء، بإصدار حكم قضائي بالزام الحكومة بإعادة فتح محطة مترو السادات، جاءت لتعطي بارقة أمل للمواطنين بعد معاناة استمرت ما يزيد عن العام والنصف مع غلق المحطة التبادلية الأهم بين الخطين الأول والثاني لمترو الأنفاق.


وأغلقت الحكومة محطتي مترو السادات والجيزة بالخط الثاني للمترو، بعد فض اعتصامي أنصار جماعة الإخوان بميداني رابعة العدوية والنهضة، في 14 أغسطس 2013.


وأثار قرار غلق المحطتين غضب رواد مترو الأنفاق، فلجأ بعضهم إلى مقاضاة الحكومة لإعادة تشغيلهما، وقبل الفصل في قضيتهم قررت الحكومة إعادة تشغيل محطة الجيزة في شهر يوليو الماضي، بعد 11 شهر من غلقها، في حين استمر غلق "السادات".


 

تفاصيل الدعوى


المدعون هم فادي وجدي ميلاد، وأحمد إبراهيم سليمان، ونورا جمعة عنتر، حملت دعواهم رقم 59060 لسنة 68 ق، واختصموا كل من رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والنقل والمواصلات، ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقائد القوات البحرية، وقائد القوات الجوية، وقائد قوات الدفاع الجوي، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ومدير إدارة المخابرات الحربية وا?ستلاع، ورئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق بصفاتهم.


أقام المدعون دعواهم في 1 فبراير من العام الماضي، أمام محكمة الأمور المستعجلة، وأوضحوا أنه برغم استقرار الوضع الأمني في البلاد بعد انتهاء فض اعتصام الإخوان وفتح ميدان التحرير أمام المارة لم يتم تشغيل محطة السادات، ما أثار استياء المواطنين، فغلقها يزيد من الضغط على محطة مترو الشهداء، بالإضافة لمعاناة الركاب من التكدس الشديد، وأدى لزيادة حا?ت السرقة والتحرش.


وأصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكمها في 10 أبريل الماضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وفي 9 يونيو الماضي قرر القضاء الإداري إحالتها لهيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني.


رد الحكومة


دفع محامي الحكومة بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في القضية، باعتبار أن غلق محطة السادات يعد عمل من أعمال السيادة، وهو ما رفضته المفوضين في تقريرها، مؤكدة أن المنازعة تتعلق بتنظيم ممارسة أحد الحقوق والحريات المكفولة دستوريا وهو حق وحرية المواطنين في التنقل والمرور الميسر في أمان، وبتنظيم أحد مرافق الدولة وهو مترو الأنفاق، ومن المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة أن القرارات التي تمس الحقوق والحريات التي كفلها الدستور وتلك المتعلقة بتنظيم المرافق العامة بالدولة إنما تمثل قرارات إدارية، ينعقد ا?ختصاص بنظره لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. 


 


الرأي القانوني للمفوضين


استندت توصية المفوضين في تقريرها المعد من المستشار هاني عوض إسماعيل، على عدة أسباب، ينفرد "دوت مصر" بنشرها.


قال التقرير أنه ? يحق للدولة ممثلة في أجهزتها المختلفة اتخاذ إجراءات تقيد ممارسة المواطنين لحقوقهم وحرياتهم المكفولة لهم دستوريا في التنقل والمرور الميسر، لحد قد تصل إلى صعوبة استخدامها أو الحرمان منها، و? يمكن للحكومة أن تبرر ذلك بالحالة الأمنية أو لخشيتها من احتمالية تجمعات وتظاهرات الفئات المحتجة والمعارضة لسياستها، فذلك مردود عليه بأن الحالة الأمنية يمكن مواجهتها با?ساليب الأمنية العادية المقررة قانونا، دون وضع العراقيل التي تمنع من استخدام وسائل النقل المختلفة، وبما ييسر للمواطنين الوصول إلى أعمالهم أو ما يبتغون من أماكن في سهولة ويسر وأمن.


واستطرد التقرير أن على الدولة أن توازن في هذه الحالة بين سلطاتها في التنظيم وواجبها في تحقيق الأمن للمواطنين وبين حق وحرية المواطنين في التنقل والمرور، مبتغية في ذلك تحقيق المصلحة العامة ومراعية في الوقت ذاته ما نصت عليه القوانين, علاوة أن حق المواطنين في التظاهر هو حق مكفول دستوريا ومنظم وفقا للقانون رقم 107 لسنة 2013، الذي نظم ا?جتماعات والتظاهرات السلمية، ووضع نظاما إجرائيا شاملا لها وكيفية تنظيمها وتأمينها من قبل السلطات المختصة، وبين العقوبات التي تطبق على المخالفين.


وأكد التقرير أن الجميع يدرك خطورة الإرهاب على المجتمع وأن على الدولة مواجهته، إ? أن تلك المواجهة ? بد أن تتم بالوسائل والإجراءات المشروعة، و? يجوز لها أن تتجاهل أحكام الدستور والقانون، فخطر ا?ستبداد على المجتمع ليس أقل من خطر الإرهاب.


معاناة المواطنين


وأوضح أنه تم غلق محطة السادات المؤدية إلى ميدان التحرير منذ فض اعتصام رابعة، وأن ميدان التحرير يمثل أحد أهم شرايين العاصمة ومحاور المرور بها، نظرا لتركز معظم المصالح الحكومية الخدمية والتعليمية بمحيطه، وهو ما يظهر أهمية مترو الأنفاق كمرفق حيوي لتنقل المواطنين من كافة الفئات من موظفين بالمصالح الحكومية أو عاملين بالمؤسسات أو الشركات أو المشروعات الخاصة أو من الطلاب بالمدارس والجامعات راغبي التوجه للميدان، الأمر الذي يجعل غلق إحدى محطاته بغير مبرر قوي وخاصة محطة السادات التي تعد المحطة التبادلية الأهم إضافة لمحطة الشهداء بين الخطين الأول والثاني لمترو الأنفاق، من الأمور التي تزيد من معاناة مستخدمي مترو الأنفاق، ومن الأمور المقيدة لحريتهم في المرور وحقهم في التنقل والمكفول دستوريا وقانونيا.


خسائر فادحة


كما أشار إلى أن الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق تكبدت خسائر فادحة من غلق محطة السادات فقط، والتي تزيد على 400 ألف جنيه يوميا، وبذلك يكون إجمالي خسائر الشركة والدولة من غلق المحطة 12 مليون جنيه شهريا، أي ما يعادل 216 مليون جنيه على مدار 18 شهر، وذلك وفقا لما صرح به رئيس الشركة أكثر من مرة.


ولفت إلى أن الحكومة ? يحق لها تبرير غلق "السادات" بعدم قدرة الأجهزة الأمنية على تأمين الميدان والمحطة بالشكل الكامل، ورد التقرير قائلا "إن كان من المتصور أخذ مبرر الحكومة في ا?عتبار خلال فترة عدم ا?ستقرار الأمني بالبلاد وفرض حالة الطوارىء بأمر من رئيس الجمهورية السابق المستشار عدلي منصور، عقب فض اعتصام رابعة والنهضة، والتي انتهت بقوة الدستور في مساء يوم 12 نوفمبر 2013، فلا يمكن قبوله بعد انتهاء حالة الطوارىء واستقرار البلاد، فمن المفترض قانونا أن تعود الأمور لسابق عهدها".


واختتم التقرير بالتأكيد على أن مبررات الحكومة في غلق "السادات"، وأن قرار تشغيلها يعود لما تراه الجهات الأمنية ? مبرر له من الواقع والقانون، ويتعين إلزامها بإعادة فتحها وتشغيلها مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمينها والميدان المؤدية إليه.


غير ملزم


وصرح مصدر قضائي لـ"دوت مصر"، أن رأي هيئة مفوضي الدولة رأي استشاري غير ملزم للمحكمة، إ? أنه في حالة أخذ المحكمة به وصدور حكم قضائي بفتح المحطة، فالحكومة ملزمة بتنفيذه باعتبار الامتناع عن تنفيذ الأحكام جريمة يعاقب عليها القانون، مع حقها في الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا.