التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 01:39 م , بتوقيت القاهرة

"الغطاس".. ليلة لا ينام فيها الناس

عيد الغطاس هو أحد الأعياد السيدية الكبرى التي تحتفل بها جميع الكنائس المسيحية على اختلاف مذاهبها، وذلك تذكارا لعماد المسيح بيد يوحنا المعمدان في نهر الأردن ويسمى "عيد الظهور الآلهي" أو عيد"الإبيفانيا" أي عيد الأنوار وتحتفل به الكنيسة القبطية في يوم 11 طوبة الموافق 19/20 يناير من كل عام.


وتقام في الكنيسة هذا اليوم صلاة تقديس الماء، حيث تقاد الشموع حول جرن "اللقان" بعد ملئه بالماء، وتتلى الصلوات والطلبات ثم يبلل الكاهن طرف منديل بهذا الماء، ويغسل أرجل كل من بالكنيسة، وذلك تشبها بالمسيح الذي غسل أرجل التلاميذ وقديما كان يتم هذا الطقس على شاطئ النيل، وكان يسكب جزءا من الماء اللقان بعد تقديسه في النيل.


مصر كلها تحتفل بعيد الغطاس


سجل الكثير من المؤرخين كيفية احتفال المصريين بهذا العيد وما كان يحدث فيها عبر السنين، حيث أجمعوا على أن ليلة الغطاس أحسن ليلة تكون بمصر وأشملها سرورا  وقد وصف المؤرخون ليلة الغطاس قائلين "فلا ينام فيها الناس ولا تغلق فيها الدروب وتوقد فيها المشاعل والشموع وتكثر فيها المأكل والمشارب، ويحضرها المغنون والملهون، وما يجرى فيها من عزف وقصف يفوق الوصف".


ووصف المسعودي احتفال الإخشيد بليلة الغطاس قائلا "وقد أمر بإقامة الزينة، فأسرج ألف مشعل أمام قصره من جهته الشرقية المطلة على النيل".


الفاطميون


 وعندما حكم الفاطميون مصر  حافظوا على الاحتفال بهذا العيد، بل وزادوا في الإنعام فيه على رجال الدولة، فكان إذا جاءت ليلة الغطاس ضربت الخيام في عدة مواضع على شاطئ النيل بناحية مصر القديمة وكان الخليفة بنفسه يحضر هذا الاحتفال،  وروى الأنطاكى أن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله كان يحضر احتفال الغطاس ويشاهد طقوسه وهو متنكر فلا يعرفه أحد.


منع الاحتفال بالغطاس


إلا أن الاحتفال بالغطاس هكذا لم يستمر وكان أول من منع الاحتفال به الخليفة المعز وهدد بعقوبة الشنق لكل من يحتفل به، ثم أصدر الخليفة العزيز تحذيرا من اجتماع الناس ليلة الغطاس وإظهار الملاهي وتوالى المنع والتضييق فى إظهار الزينات ومظاهر اللهو في أعياد الغطاس حتى اقتصر في هذا اليوم على تزيين داخل الكنائس فقط، وتكاد تقتصر مظاهر الاحتفال حاليا على مساء اليوم السابق للعيد "ليلة الغطاس" فقط.


 الغطاس والنيل
يرتبط نهر النيل بعيد الغطاس حيث إن الماء عنصر أساسي في أصل العيد فبعد انتهاء طقس صلاة تقديس الماء والممارسات المرتبطة بماء اللقان داخل الكنيسة، يخرج الجموع من الكنيسة متوجهين إلى نهر النيل ليغطسوا في الماء.


وهذه العادة كانت شائعة في الماضى، فيغطس الرجال شيوخا وشبابا وصبيانا وكذلك السيدات في نهر النيل، وكان يوجد مكان مخصص للرجال وآخر للسيدات ثم يعودون إلى الكنيسة لاستكمال طقوس صلاة العيد.


ورغم ارتباط هذه العادة بالمعتقد الديني إلا أن المجتمع المصري أن يعطى لهذه الممارسة شرعية تزيد من قوتها  فجعلها مرتبطة بالصحة وانتشر المعتقد  بأن من يغطس في الماء في هذه الليلة يتمتع بالصحة الجيدة طوال العام فلا تقربه الأمراض أو البرد.