التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 04:12 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| الصحراء الغربية.. إلى "بيت الطاعة" أم "الخلع"؟

خطأ غير مقصود اقترفه نائب شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عندما كان يلقي محاضرة بمؤتمر مؤسسة الفكر العربي، في مدينة الصخيرات بالمغرب، وعرض صورة لخريطة للوطن العربي وقد فصلت منطقة بين المغرب وموريتانيا، تسبب في إيقاظ قضية الصحراء الغربية من جديد بعد أن غطت في سبات عميق.


وتصنف هذه قضية على أنها من أقدم النزاعات في أفريقيا، وقد أكمل عمرها عقده الرابع مع حلول عام 2015، لكنها تبدو مستعصية على الحل ثنائيا أو عربيا أو أفريقيا أو حتى دوليا، لتبقى أرضا متنازعا عليها بين المغرب القائل بتبعيتها له، وجبهة البوليساريو، الساعية للانفصال، في انتظار حكم دولي بعودتها إلى "بيت الطاعة" أو بـ"الخلع".



البداية


بدأت أزمة الصحراء الغربية، الواقعة بين المغرب شمالا والجزائر شرقا وموريتانيا جنوبا والمحيط الأطلسي غربا، قبل انسحاب الاستعمار الإسباني منها عام 1975، إذ طالب المغرب باسترجاع الصحراء الغربية من الاحتلال الإسباني، معتبرا أنها جزء من أراضيه.


وأثناء المفاوضات الإسبانية مع المغرب، طالبت موريتانيا بجزء من الصحراء بدعوى أن للسكان تقاليد شبيهة بالتقاليد الموريتانية، بينما أعلنت جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، المعروفة باسم "البوليساريو"، والتي تأسست عام 1973، إقامة دولة جديدة منفصلة في منطقة الصحراء الغربية، فيما يعرف بالجمهورية العربية الصحراوية.



الصحراء للمغرب


على الرغم من اعتراف دول عديدة بالعالم، بلغ عددها 75 دولة، بالجمهورية الجديدة، غير أن الكثير منها قام بسحب أو تجميد اعترافه بها فيما بعد، لينخفض العدد من 75 إلى 40 حاليا.


بينما تدعم دول أخرى كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وجامعة الدول العربية باستثناء الجزائر، والعديد من دول أفريقيا والعالم سيادة المغرب على الصحراء الغربية.


ليست للمغرب


وردا على ذلك، أعلنت محكمة العدل الدولية، في 16 أكتوبر/تشرين أول 1975، رأيها الاستشاري بأنه لا يوجد دليل مادي على وجود روابط سيادة إقليمية بين أرض الصحراء الغربية من جهة، والمملكة المغربية أو موريتانيا من جهة أخرى، ما يعني عدم وجود روابط قانونية، من شأنها أن تؤثر على تطبيق قرار الأمم المتحدة المتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء، وعلى الخصوص تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان المنطقة.


الكرة بملعب إسبانيا


وحسب القانون الدولي، فإن إسبانيا تبقى "القوة المسيرة" ويجب عليها إنهاء تصفية الاستعمار بتطبيق مبدأ تقرير المصير، ومع ذلك فإن أي حل لهذا الصراع يبقى بعيدا، ولدى الطرفين مواقف متباعدة، كما أن المجتمع الدولي لا يضغط عليهما للوصول إلى حل، "وما لم يحصل حدث غير متوقع فإنه لن يتم حل هذه المشكلة لأنه لا أحد يريد لها الحل"، حسبما يؤكد الخبير الإسباني في مجال المغرب توماس باربولو.


الحرب تشتعل


وبعد حرب شنتها "البوليساريو" ضد المغرب وموريتانيا، انسحبت الثانية من الحرب سنة 1979، غير أن المغرب، وبمساعدة فرنسا والولايات المتحدة، واصل الحرب ضد الجبهة.


فشل أممي


الأعمال العدائية تواصلت حتى عام 1991، عندما اتفق الطرفان على وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، والتي أنشأت بعثة المينورسو للإشراف على الوضع وتنظيم استفتاء تقرير المصير للصحراويين، لحل القضية، لكنه لم ينظم بسبب تلك الخلافات الكبيرة بين الأطراف، والمتعلقة بتحديد من يملك الحق في التصويت.


وواصلت الأمم المتحدة تجديد مهمة بعثة المينورسو سنويا، وباءت جهود كل مبعوثيها الدوليين بالفشل، وأبرزهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جيمس بيكر، الذي كان متحمسا عام 1997 لفكرة الحكم الذاتي الموسع كمخرج معقول وحل وسط ممكن بين وضع قائم على الأرض من قبل المغرب التي لم تظفر بتزكيته قانونيا على الصعيد الدولي، وحلم استقلال لم يعد أحد، عدا الجزائر، متحمسا له أو عاملا من أجله، غير أن هذا المقترح قوبل برفض "البوليساريو" والجزائر.


وطرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، خيار التقسيم حلا جديدا عام 2002، على أن يكون للمغرب الثلثان وللبوليساريو الثلث، فسارع المغرب إلى الرفض القاطع متهما الجزائر المرحبة بهذا الحل آنذاك بأن لها أطماعا إقليمية.



الإهمال سيد الموقف


وبحسب متابعين للشأن المغربي، الحل العربي غاب تماما عن القضية، وحتى الوساطة السعودية اليتيمة لم يكتب لها النجاح في حينها وماتت في المهد، كما تخلو أوراق جامعة الدول العربية من أي ذكر للقضية، أما أفريقيا فالعجز ظاهر للعيان.


الحلول الدولية لم تفلح هي الأخرى، ولم يكن أي منها موضع اتفاق بين الطرفين المغرب و البوليساريو، مما جعل الحوار بينهما لا يعدو أن يكون "حوار الطرشان"، ، لتغرق هذه القضية في جمود لا يبدو أحد مستفيدا منه في نهاية المطاف سوى الرباط التي تعزز وجودها هناك مع السنوات، حيث تسيطر على 80% منها وتقوم بإدارتها بصفتها الأقاليم الجنوبية، بينما تشكل المنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا 20% من مساحة الصحراء.



الصراع يتجدد


وفي رد منها على خطاب للملك محمد السادس أكد فيه سيادة الرباط على الصحراء الغربية، هددت جبهة البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح في وجه المغرب، مؤكدة، في تصريح لوزير خارجيتها نقلته وكالة الأنباء الجزائرية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه "في حال عدم انصياع المغرب للقرارات والشرعية الدولية فإن الشعب الصحراوي لن يكون أمامه إلا خيار العودة إلى الكفاح المسلح".



ماذا بعد؟


وتبقى قضية الصحراء الغربية هي من آخر ملفات تصفية الاستعمار التي لم تقع تسويتها دوليا، ومع إصرار المغرب على تبعيتها له، ورفض "البوليساريو"، ومن ورائها الجزائر، لتسوية الحكم الذاتي، تظل هذه القضية عالقة في انتظار خطوة تنقذها من أن تدخل مجددا في طي النسيان، لتدرك هذه الصحراء مصيرها، فإما إلى "بيت الطاعة"، وإما "الخلع".