التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 12:41 م , بتوقيت القاهرة

يا راجعين من عند النبي الغالي.. رسام الحجاج بقاله 56 سنة بيرسم للى راجعين من الحج.. عم عيد فنان

عيد السلواوى
عيد السلواوى
سبعين عامًا قضاها بين فرشته الخاصة والألوان، فن ورثه من الأجداد "رسومات الجدريات" أو الفن الشعبي لرسومات الحجاج، تجده يقف على سقالته مرتدى جلبابه الملطخ بالألوان المختلفة، هذا الجلباب الذى يعد من التراث فلم يغيره صاحبه منذ أكثر من 50 عامًا أثناء عمله في الرسم، ممسك بفرشته المصنوعة من جريد البلح أو كما يسميه هو "صباب البلح"، كفتيه خشنة تجمع بين نقاط الألوان التي يرسم بها على الحوائط، إنه عيد علي السلواوى أشهر رسام جداريات الحج في مصر وخاصة محافظة أسوان.
 
ما بين الجمل وزفة الحاج من بيته إلى مكة والكعبة وحبل عرفات، إلى استقباله بالدف وصواني الشربات، رسومات متنوعة لا تحصى ولا تعد عن مناسك الحج، يجده الحاج على جدار بيته حين عوده من رحلته المقدسة، "اليوم السابع " كان له لقاء وحوار مطول مع هذا الفنان الشعبي لنعيش داخل عالمه المميز ونتعرف عليه، يقول عيد السلواوى:" ورثت مهنتى من عمى كان خطاط ورسام للحجاج وكنت أسيب المدرسة وأروح أشتغل معاه، بدأت شغل سنة 1964، 65، كنت في ابتدائي لحد ما اشتغلت وحدى، الناس كانت تقولي الواد أشطر من عمره، كنت مميز في شغلي، أرسم الخط مضبوط، سواء في الآيات القرآنية أو الجمل اللي بنكتبها زى حج مغفور، وخطوة عزيزة، كل الممارسة خلتني شربت الصنعة كويس لدرجة أني تفوقت علي عمى، وحتى الآن لسه بشتغل في الرسومات على الجدران سواء في الحج أو الأفراح أو زينة البيوت بالألوان هنا في الأقصر وأسوان".
 
يروى السلواوى عن واقعة لطيفة حديث معه أثناء فترة تجنيده فقال" كنت عسكرى صغير، ووقت فراغى كنت أرسم وفي احدى المرات عملت عسكرى من الصلصال، فأتي القائد أثناء مروره وقدم له التحيه، ولما عرف أنه مش الحقيقة ضحك، وأخذت فيها مكافئة دى أجازة 5 أيام، لأني كنت مميز وبرفه عن الجنود برسمى".
 
يكمل الفنان :" لازم الحاج يدعني في حفلة السفر عشان يتفق معايا، وأنا هناك بشوف مين اللي كان موجود، وعمل إيه اللي حضنه والصوانى اللي دخله واللي سلم عليه ولو في واقعه معينة حصلت بركز فيها عشان أرسمها على الحطية لما يرجع الحاج بالسلامة يلاقيها قدامه، وبكتب النصوص الدينية، ولو بيت شعر، الجمال المحمله مع الحاج، والطيور والطائرات، والزهور، والكفوف في التراث الشعبي بتاعنا في أسوان، وطبعًا الكعبة والمسجد النبوى".
 
تابع السلواوى حديثة" انا باخد مبلغ بسيط من الحاج، واللي مش معاه مابخدش منه افرضى مامعهوش ما رسمش لا بالعكس لازم أرسمله ويجي يلاقي بيته حيطة بيته جديدة وكلها رسومات حلوة، أنا بجيب الألوان بنفسي وكل الخامات، عشان بركبها علي بضعها وبحط حاجات عليها، جميع الألوان أكاسيد وبدخل الصمغ العربي ومية ورد، والخل، بعمل تخمير قبل ما أطلع على الرسم باسبوع، عشان تماسك الألوان ما تقلبش من الشمس ولا الهوا ولا المطر، الرسمة ممكن تقعد معايا ساعة ونص وساعات ساعتين، عشان برسم جبل عرفات والناس، وفى الغالب كل الرسومات ممكن تاخد منى 8 ساعات عشان اخلص كل الرسومات على الحيطة".
 
واكمل الفنان الشعبي:" لما بيخلص موسم الحج برسم الأفراح وليالي الموالد، زى المزمار البلدى والعصايا، والحمد لله  ما فيش حد بيرسم العصا باتقان غيرى، لأن في نظرة ثلاثية في الرسم بتخلي الصورة تبص ليكى في الاتجاهات الثلاثة اتدربت عليها كثير لحد ما طلعت مضبوطة ومافيهاش غلطلة، ولازم أضبط الأبعاد والمسافات فى الرسمة زى التوازن والأرتفاع، يعنى لو انت واقفة يكون الصورة هي هي لو أنت قاعدة، أو انت مكوعه الصورة لازم تكون مضبوظة وماتتغيرش أبدًا، كل ده اكتسبته بالخبرة".
 
" ببركة مكة وجبل وعرفات والمدينة المنورة، وصلت لدرجة عالية وكبيرة، وأصبحت فنان عالمي"، هكذا يكمل السلواوى حديثه قائلًا: كنت أرسم في بلدتى ومسقط رأسي سلوا وكنا في موسم الحج، وكان هناك بعضًا من السائحين يشاهدون ما أفعل وكانت من بينهم سيدة تدعى "آن باركر" كانت وقتها تعمل كتابًا عن الفن الشعبي وخاصة ورسوم الحج، وانبهرت برسمى وقامت بتصويرى وأنا أعمل وصورت بعض الرسومات، ثم تحدثت معي عن بداياتى وحكاتيي سافر، بعدها بفترة فوجئت بها ترسل لي نسخة من كتابها وقد ضم لى رسومات عديدة في ما يقرب من 13 صفحة مصحوبة بقصة حياتي، سعدت به كثيرًا،  وكنت أتمني أن يأتي هذا التكريم لي من بلدى مصر، على الرغم أنه يوجد فيلمًا عني في قناة الصعيد المصرية".
ينهى فنان أسوان حديثه لليوم السابع قائلًا" نفسي أروح أحج، وأشوف الرسومات اللى بعملها على الطبيعة، أنا مش هقدر أرسم لنفسي لكن ابني طه هيرسملي وهيكمل مسيرتى، وخاصة أنه متعلم يعنى يتوفق عليا بالعلم ".