التوقيت السبت، 07 يونيو 2025
التوقيت 08:54 م , بتوقيت القاهرة

كيف نفهم شجر الليمون؟

في مثل هذا اليوم 5 ديسمبر من عام  1967، وقعت مذبحة داك سون في فيتنام، والتي نحرت فيها رؤوس 252 رأس إنسان؛ خلال حرب فيتنام. وفي نفس اليوم من عام 2013، اقتحم مسلحون مستشفى بمجمع وزارة الدفاع اليمنية، وأوقفوا نبض قلوب 52 شخصا. وكان جوزيف ستالين قد أمر بتدمير كنيسة المسيح المخلص بموسكو، في نفس اليوم من عام 1931.

بالأمس وحتى بداية صباح هذا اليوم، غنى محمد منير في شرم الشيخ، وقال للعالم إن العدل في الميزان، طالبا المدد من رسول الله، مستشفعا بالعذراء، ومؤكدا بأغلظ الأيمان أن الدم كله حرام، وأن السلام لن يزول من على الأرض وسيظل السرور جزءا من تكوينهم.

 وغنى أيضا "شجر الليمون دبلان على أرضه"، التي يرددها منذ عام 1981، ولكن في حفلة الأمس تفاعل معها الجمهور أكثر، مما كان يتفاعل معها حين خرجت للنور، خاصة حين قال "ليه كل شئ بيتسرق مني".

يجوز أن سبب تفاعل الجمهور مع "شجر الليمون" هو ما ذكرته في الفقرة الأولى من هذا المقال "كرمزية للدماء والعنف والشر عموما"، هو الشعور السائد عندنا اليوم في 2015. ثورات تقوم ومضادات تخنقها، آمال يكسرها الرصاص، أرض مرضت من ضيم ما شعرت حين أجبروها على تجرع دماء أبنائها، هواء اختنق من رائحة البارود، وماء يشتاق إلى غسل الإنسان من شروره.

هناك شعور عام عالٍ بهذا الكلام:
 كام عام ومواسم عدوا... وشجر الليمون دبلان على أرضه
وفينك.. فينك أنا من غيرك... أنا مش عاقل ولا مجنون
أنا مطحون والدنيا دي رحاية... وقلبى حب الحب وحَباه بعيونه
وكل شىء بيتسرق مني... العمر من الأيام والضي من النني
وكل شىء حوليا يندهلي... جوايا بندهلك يا ترى بتسمعني؟


أما البيت القائل "بيني وبينك أحزان "ويعدوا".. بيني وبينك أيام "وينقضوا"، الذي يردده منير عقب كل كوبليه "لازمة الأغنية" يُستقبل بفتور. ولكننا نحتاج إلى أن نجعل هذا البيت أنشودة؛ لابد من تصدير شعور بأن الأزمة مجرد وقت، وأن ما نناديه ويمنعنا عنه الدهس على أرض تغرقها الدماء ينتظرنا ويسمع ندائنا.
أقول ذلك لأسباب؛ على رأسها الخير الذي خلق بداخل كل منا مع الشر، الطيبة التي لا تموت من ضمير العالم الجمعي. يموت شرير ويأتي غيره، ولكن أيضا يموت خيّر ويولد آخر. الخير والشر من النواميس الكونية التي تنتقل من روح لأخرى، من جيل لجيل، هي المعادلة التي لا تتبدل. حتى ولو اعتراها الخلل أحيانا، الانتخاب الطبيعي يضبطها. ولكن من صفات ناموس الخير والشر، أن الشر هو الذي يهاجم، والخير يقاومه. فعلى الخيرين أن يقتنعوا بأن دورهم المقاومة، بأنهم أصحاب الأرض وأهل الشر هم الغزاة، والطبيعي أن الخير هو الذي يُضحّي.

بدأت المقال بالشر "الغازي الدخيل" وسأنهيه بالخير "صاحب الأرض"، والباقي فينا؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1901 ولد والت ديزني، منتج ومدير الرسوم المتحركة الأمريكي ومؤسس شركة والت ديزني. وفيه ولدت الفنانة فايزة أحمد عام 1930، وفيه رحل زعيم مناهضة الفصل العنصري ورئيس جنوب إفريقيا، نيلسون مانديلا عام 2013، وفيه رحل الموسيقي النمساوي فولفغانغ أماديوس موتسارت عام 1791.

مهما تصارع العالم وحيكت المؤامرات، لا زال أبرياء يشاهدون ميكي ماوس الذي أنتجه ديزني:
مهما سالت الدماء وتجبرت الكراهية، هناك من تنتظرن الحب ليدخل بيوتهن ويجدد الحياة، وتغنين "يامه القمر ع الباب" لفايزة أحمد:
ليل الظلم بالتأكيد ستركله شمس العدل، والعنصرية التي كانت في جنوب إفريقيا، انقشعت بنضال نيلسون مانديلا. وإذا مات مانديلا، فروحه ستصل إلى قلوب أخرى، كما وصلته ممن سبقوه، وسيظل قيمة يخلدها الإنسان:
مهما سيطرت المادة على العالم وحاولت قتل الروح، سيبقى من تهيم أرواحهم في عوالم السيمفونية 41 لموتسارت:
بل سيخرج من يجددها:
ومن يغني وينسج عليها الحكايات:
مهما حدث فسيظل فينا منير، وستبقي الأغاني ممكنة:
استدراك: في مثل هذا اليوم من عام 1977، أعلنت كلا من سوريا وليبيا والعراق والجزائر ومنظمة التحرير الفلسطينية يقررون قطع العلاقات مع مصر... واليوم ترون طبيعة علاقة مصر بالعرب جميعا. وأذكركم أن كنيسة المسيح المخلص بموسكو التي هدمها ستالين، أعيد بنائها في مرحلة انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990.