لماذا نشأت المثلية الجنسية؟


خلال العقد الأخير، زادت الأبحاث والدراسات العلمية التي ترجع السلوك المثلي الجنسي إلى أساس جيني، وعلى الرغم من تقديم تلك الدراسات دعما قويا للحركات الداعمة لرفع القيود التي تفرضها المجتمعات والحكومات على حرية المثليين الجنسية، إلا أن المثلية ما زالت لغزا معقدا يحير علماء التطور، فوفقا لآلية الانتقاء الطبيعي، فإن أي صفة تقلل من تكاثر الفرد وانتشار جيناته، سينتهي بها الأمر للانقراض.
إذن للمثلية، بلاشك، فائدة مهمة تجعلها تستمر وتنتشر بين أكثر من 400 نوع من الحيوانات بينها الشمبانزي القزم، أحد أقرب الحيوانات إلينا.
جين المثلية جذاب للأناث
في كتابه "أنولد مثليين؟ علم النفس الحيوي للميول الجنسية"، يفترض كازي رهمان، الباحث في علوم الجنس والمثلية من جامعة كينج كوليج البريطانية، أن جين المثلية قد ينتشر من خلال تأثيره في سلوك وملامح حامليه ليصبحوا أكثر جاذبية للإناث.
حيث يوضح أن النساء ينجذبون بشكل كبير للرجال الذي يحملون بعض السلوكيات والملامح الأنثوية، والتي تدلهم على أن ذلك الشريك هو أكثر وفاء وأكثر مهارة في رعاية الأطفال، وهي صفات لا شك مهمة لاختيار الشريك، وفور تراكم آليات ذلك الجين في فرد معين ينقلب لتصبح ميوله مثلية، لكن ذلك لن يمنع بشكل عام من انتشار الجين، لأنه في النهاية جذاب!
المثلية تزيد الخصوبة
عندما قارنت دراسة، نشرت عام 2012، في دورية " الطب الجنسي"، بين معدلات الخصوبة والإنجاب بين أمهات أشخاص مثليين جنسيا وأمهات آخرين غير مثليين، أشارت النتائج إلى أن أمهات المثليين هم أكثر إنجابا من غيرهم بمعدلات ملحوظة، كما أنهم يتمتعون بمعدلات أقل من مشاكل وعلل الولادة، توضح تلك النتائج أن جينات المثلية قد لا تنتشر مباشرة عبر الشخص المثلي، وقد تجد طريقها عبر أقاربه من الإناث، كأمه وخالاته.
فرضية "رجل العشيرة"
يشير عالم الأحياء التطورية المرموق ريتشارد دوكينز، في فيديو له، إلى أن أحد أكثر القصص المنتشرة لتفسير سبب نشأة السلوك المثلي وازهارده لدى البشر، تكمن في حياة أجدادنا "الصيادين جامعي الثمار"، ففي حين يذهب الذكر السائد للمجموعة للصيد والبحث عن الغذاء، لا يجد أفضل من الذكور المثليين ليثق في ولائهم لحماية إناثه وأطفاله.
تشكل تلك الفكرة نواة فرضية "رجل العشيرة"، والتي تنص على أن جينات المثلية يتم تمريرها بشكل غير مباشر أيضا، حيث يقوم الفرد المثلي بدعم انتشار جيناته من خلال رعاية أطفال أشقائه من الذكور والأناث الذي يحملون شقا كبير من مادته الوراثية.
تؤكد تلك الفرضية ما سجله عالم النفس الكندي "بول فاسي" عن سلوك "الفافافاين" وهم رجال يلبسون ملابس النساء ويتشابهون معهم حتى في السلوك العام، ويعيشون في دولة ساموا المستقلة، حيث يشير بول أنهم كانوا مهتمين للغاية برعاية أبناء أشقائهم وتربيتهم، ويضيف بول أنه يعتقد أن ذلك سلوك الرعاية ذلك لا يظهر في المجتمعات الغربية، لأنها بالأصل لا تتقبل المثلية، كما يتقبلها مجتمع دولة ساموا ويتفهومنها.
الحب دائما يخدم المجتمع
" السلوك الجنسي لا يدعم فقط التكاثر والإنجاب، بل هو سلوك اجتماعي تستخدمه الكثير من الحيوانات لتدعيم روابطها الاجتماعية"، هكذا صرحت عالمة النفس التطورية "ديانا فليشمان" التي شاركت في دراسة حديثة، نشرت العالم الماضي، في دورية "السلوك الجنسي".
حيث أوضحت الدراسة، التي شارك بها 92 متطوعة، إلى أن النساء الأكثر تقبلا لفكرة التقارب الجنسي مع غيرهم من النساء، يتمتعون بمستويات أعلى من هرمون البروجسترون، والذي يربطه العلماء بشكل عام بتقوية الروابط الاجتماعية.