من تتبع الذرات الدقيقة لغاز الهيدروجين المتطاير، إلى رحلة تحديد وزن وكثافة كوكب الأرض كاملا، يعتبر هنري كافنديش أحد أعظم العلماء في عصره، وأحد أكبر العقول التي أسهمت في العلم على الإطلاق.

ولد هنري كافنديش عام 1731، في مدينة نايس الفرنسية لعائلة أرستقراطية عريقة، توفيت أمه قبل أن يبلغ الثانية من عمره، ليتولى والده رعايته كاملة، كان اللورد كافنديش محبا للفلسفة والعلوم الطبيعية، واصطحب ابنه عام 1748 للالتحاق بكلية بيتر هاوس في كمبريدج، ليمضي هنري 3 سنوات دون أن يحصل على شهادة، حيث منعته شخصيته الخجولة من حضور الامتحانات النهائية، لأنه كان يخشى التحدث أمام الآخرين.

الهيدروجين والماء وتركيب الغلاف الجوي

لم تمنع طبيعة كافنديش غريبة الأطوار وتخلفه عن الدراسة، إبداعه وإسهامته العبقرية، حيث عرف عنه الدقة المذهلة في عصر لم تتوفر فيه الآلات المناسبة، تقدم كافنديش بأول نشر علمي له عام 1766، احتوت الورقة العلمية على 3 اكتشافات رائعة، تصنيع غاز الهيدروجين الذي أطلق عليه كافنديش "الغاز الملتهب"، وتصنيع ثاني أكسيد الكربون من خلال مواد قلوية بداخل أحماض، والجزء الأخير هو قياس مقدار ذوبانية تلك الغازات وقابيلتها للاشتعال، حصل كافنديش بعد ذلك على "ميدالية كوبلي" من الجمعية الملكية تكريما على إسهامته في فهم كيمياء الغازات.

لحقت تلك الورقة البحثية العديد من الإنجازات الأخرى، فقد شرح كافنديش في عام 1783، طريقة لتصنيع الماء في المختبر من خلال إحراق "الغاز الملتهب"، لحقتها ورقة بحثية عام 1785، أوضح فيها تركيب الغلاف الجوي بشكل كبير من النيتروجين والأكسجين، لكنه أشار إلى وجود غاز آخر بنسبة ضئيلة للغاية لم يستطع الكشف عنه، لتحل معضلة كافنديش باكتشاف غاز الأرجون، أواخر القرن التاسع عشر.

تجربة كافنديش لقياس وزن العالم

تعرف أشهر تجربة قام بها كافنديش باسمه، حيث تمكن الفيزيائي الحالم من حساب وزن الكوكب كاملا وكثافته بدقة منقطعة النظير، استلهم كافنديش فكرته من دراسة أعمال الفيزيائي إسحاق نيوتن عن الجاذبية، الذي أشار إلى أن كل الأجسام التي تمتلك كتلة تملك جاذبية خاصة بها، لذا فكل شخص يمتلك جاذبية خاصة به مثل الكواكب، سحرت تلك الفكرة كافنديش حيث قام بحساب قوة التجاذب بين كرتين من الرصاص، إحداها صغيرة والأخرى كبير، معلقتين في ميزان إلتواء، واستخدم تلك النتائج لحساب كثافة الأرض ووزنها بدقة عالية.

يحمل اسمه المختبر الفيزيائي الأكثر شهرة في جامعة كامبرديج، "مختبر كافنديش"، الذي غير منذ إنشائه، في عام 1874، فهمنا لكوننا بشكل كبير.