آنا فرويد.. آخر العنقود التي تفوقت على أبيها


قبل أن ترى عين "آنا فرويد" النور، تعرضت لحالة من الرفض، كان والدها عالم النفس الشهير "سيجموند فرويد" يود أن تكون آخر خلفته ولدًا يرجح كفة ذكوره الثلاثة أمام ابنتيه، وشاء القدر أن يرزق "فرويد" بطفلته الثالثة "آنا" لتتعادل الكفتان، لم تكن "آنا فرويد" فقط آخر العنقود التي لازمت والدها حتى رحيله في 1939، لكنها كانت الأقرب إلى قلبه والأشد التصاقا به، والوحيدة من بين أبنائه التي ورثت حبها لعلم النفس عنه، وفي وقت من حياتها المهنية سيقدر لها أن تستكمل محاولة أبيها القصيرة نسبيا في التحليل النفسي للأطفال، لتكتب "آنا فرويد" اسمها كمؤسسة لعلم التحليل النفسي للطفل.
يحتفل محرك البحث "جوجل" اليوم 3 ديسمبر بالذكرى 119 لميلاد "آنا فرويد"، في عام 1895، وهي ذكرى تستحق الاحتفال بفتاة وهبت نفسها لعلم النفس بديلا عن الزواج وإنجاب الأطفال، وبدأت حضور مناقشات والدها الأسبوعية في التحليل النفسي قبل أن تكمل سن الـ 13 .
بدأت "آنا فرويد" عملها كمدرسة أطفال في فيينا في العشرينيات، وساعدها قربها من الأطفال على فهم نفسيتهم وإدراك أهمية سنواتهم الأولى في تطور عقليتهم في المستقبل، وفي عام 1923، كان لدى "آنا" بالفعل أسلوب لممارسة التحليل النفسي للأطفال من ابتكارها، لذلك كان من السهل على موهبتها أن تفرض نفسها على الجماعة النمساوية للتحليل النفسي، ليتم انتخابها رئيسا لها بين عامي 1925 و1928، وهى الفترة التي أصدرت خلالها أول بحث لها عن اتجاهاتها في تحليل نفسية الطفل وأسس العلاج النفسي للأطفال.
قدمت منشورات "آنا فرويد" دفعة جديدة وقوية لعلم نفس "الأنا" ego، حيث اهتمت بدور "الأنا" في الحياة النفسية وفي العلاج النفسي التحليلي، فقد رأت أهمية استثارة المحلل النفسي للمكبوت داخل النفس البشرية للتعرف على غرائزها ورغباتها وخيالاتها الغريزية المكبوتة وتحولاتها.
في عام 1935، تولت "آنا" مسئولية معهد التدريب على التحليل النفسي في فيينا، لكن تقدم القوات الألمانية النازية واحتلالها للنمسا، خلال الحرب العالمية الثانية، دفعها للحاق بوالدها في لندن، في عام 1938، لتنشيء برنامج وعيادة هامبستيد لعلاج للأطفال في لندن، والتي أعيد تسميتها بمركز "آنا فرويد" بعد رحيلها في عام 1982.