التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 06:20 ص , بتوقيت القاهرة

"من غير ليه".. حين اكتسح "عبد الوهاب" عمرو دياب وعدوية

عبد الحليم وعبد الوهاب
عبد الحليم وعبد الوهاب

" عارف ليه؟.. من غير ليه" تلك الجملة التي كتبها مرسي جميل عزيز ولحنها عبد الوهاب، جاءت في واحدة من أكثر أغاني التاريخ الموسيقي المصري وجودية "من غير ليه"، حيث الإقرار الوجودي الأعظم الذي افتتح به عزيز أغنيته "جايين الدنيا ما نعرف ليه، ولا رايحين فين، ولا عايزين إيه"، تلك الاغنية التي بدأت قصتها عام 1974 وانتهت في 1989.


وقتها، كان على الساحة من حيث الجماهيرية والشعبية، عبدالحليم حافظ في أعلى مكانة ومسافة كبيرة بعدها يحل أي مطرب أو مطربة أخرى، وفاة أم كلثوم عززت وجود العندليب على الساحة أكثر وأكثر، ليأتي عام 1974 ويطلب العندليب من مرسي جميل عزيز أن يكتب له أغنية، ويطلب من محمد عبدالوهاب تلحينها.



بالفعل، كتب مرسي جميل عزيز أغنية "من غير ليه" وفق الشكل الغنائي الذي اتخذه العندليب في تلك الفترة، حيث الأغنيات الطويلة مثل مداح القمر وكامل الأوصاف وغيرها، ليبدأ عبدالوهاب تلحين الأغنية، لتبدأ الحكاية، العندليب وموسيقار الأجيال يطلبان أول تغيير في الكلمات حيث يتم تغيير جملة "بقت الدنيا غرام وأنا جنبك" وبالفعل يغيرها عزيز إلى "ولقيت روحي في أحضان قلبك"، وكان هذا هو التغيير الأول، ويقال إن هذا التغيير استغرق ما يقرب من عامين، ولكنني لست مع تلك المقولة ولكن الأقرب للدقة أن التغيرات التي طلبها عبد الوهاب والعندليب من مرسي جميل عزيز استغرقت عامين وهو نفس المدة التي استغرقها عبدالوهاب في تلحين الأغنية.


وعلى غرار الموقف الكوميدي لسمير غانم في مسرحية "المتزوجون"، "جيت ألم الجاكتة البنطلون ضرب"، ظل مرسي جميل عزيز في متاهة التعديلات، يطلب عبد الوهاب التعديل فيقوم به عزيز، ولكن التعديل لا يليق على اللحن أو النص الأصلي لا يليق على اللحن، عامان وأكثر في متاهة من التعديلات، حتى انتهى عبد الوهاب من تلحين الأغنية وحضر عبدالحليم حافظ ومرسي جميل عزيز ومجدي العمروسي لسماع اللحن "الجملي" أخيرا.


مرسي جميل عزيز


انتهى عبدالوهاب من التلحين ومن العزف، وقتها قال مرسي جميل عزيز: "أشهد أن لا إله إلا الله" وأثنى حليم على اللحن هو الأخر، ولكن فجأة طلب عبد الوهاب تعديلا بسيطا للغاية، وهو بالفعل تعديل بسيط حيث يريد عبد الوهاب تغير "لكن فيه أحلى مواني زمانـي"، إلى "لكن فيه أحلى ليالي زمانـي"، هنا ثار مرسي جميل عزيز ونهض منفعلا باتجاه الباب، فصاح فيه عبد الحليم أن يرجع حتى لا يغضب موسيقار الأجيال، فقال مرسي بكل الغضب المختزن طوال عامين: "ملعون أبوك لأبوه"، وفي قول أخر: "معلون أبوك لأبو محمد عبد الوهاب" وخرج منفعلا، بينما كان عبد الوهاب غارقا في الضحك.


بعدها تصافى الثلاثي وتغيرت الكلمة إلى ليالي بدلا من مواني، ولكن مرض عبد الحليم مرضه الأخير، وتوفي قبل أن يغني الأغنية، وقتها رغم العديد من الطلبات رفض عبدالوهاب أن يعطي الأغنية لأي مطرب رغم إلحاح المطرب الصاعد وقتها "هاني شاكر"، وظلت الأغنية حبيسة مكتب عبد الوهاب، وتوفي مرسي جميل عزيز عام 1980، دون أن يسمع الأغنية.


عام 1989، كان المشهد الغنائي في مصر اختلف تماما عن سابقة، كان حميد الشاعري هو الموضة، بينما تكافح عزيزة جلال وسمية القيصر وغيرهم لإبقاء الشكل الكلاسيكي للغناء موجودا، كان عمرو دياب هو نجم الساحة ومنير يعزف لحنه المنفرد، بينما إيهاب توفيق ومحمد فؤاد والعديد من الأسماء تلمع، وأحمد عدوية مسيطرا في منطقته رغم منافسة رمضان البرنس وكتكوت الأمير، وفجأة يقرر عبدالوهاب أن يسجل أغنية "من غير ليه"، بالفعل يسجلها ويغنيها عبد الوهاب بصوته ويطرحها في شريط كاسيت، لتنجح الأغنية نجاحا مبهرا، بل تتصدر إيرادات سوق الكاسيت وقتها، ليعود عبد الوهاب منافسا على الساحة الغنائية، أمام عدوية وعمرو دياب ومحمد منير وجماعة حميد الشاعري.