لماذا أحب سعيد صالح "أكثر" من عادل إمام؟


بداية، وقبل أي مُزايدة، هذا الكلام ليس له أي علاقة بحبي وتقديري للفنان عادل إمام كفنان ناجح وذكي ومجتهد، له تاريخٌ حافلٌ من الأعمال ليست الكوميدية فقط، بل أعمال جسّدت تاريخ مصر السياسي والاجتماعي من خلال تعاونه المُميز مع سيناريست قدير مثل وحيد حامد.
ولكن يصعُب عليّ تقييم حبي لسعيد صالح بدون مُقارنته بعادل إمام، وأعتقد هذا حال معظم الناس، حيث الصداقة التي تجمع بين الاثنين، وانطلاقه في عالم النجومية في نفس التوقيت تقريبًا، ولذلك كان العنوان لماذا أحب سعيد صالح "أكثر" من عادل إمام، الأمر شخصي تماماُ ويخصني، وربما تلك الأسباب تتوافق مع أشخاص آخرين أعرفهم أو لا، والمقارنة الدائمة بينهم ليست من فراغ، الاثنان قامتان لا يُستهان بهما في عالم الكوميديا والفن، لكن، تلك أسبابي- أنا - لكي أحب سعيد صالح أكثر.
1- عشقه للمسرح
السينما من أكثر الأماكن التي أُحب الذهاب إليها، ومن أروع الصناعات التي ظهرت عبر التاريخ، ولكن المسرح له عشقٌ ومكانة خاصة في قلبي، حيث روعة "اللايف شو" لا تُضاهي متعة في قلبي، الاندماج التام المتواصل للممثل على المسرح، ورد الفعل الفوري الذي يحصل عليه الفنان من جمهوره، يجعل هناك علاقة خاصة بين أي فنان مسرح ومحبيه، الأمر الذي كان يعلمه جيداً سعيد صالح، حيث قدم ما يقرب من 50 مسرحية، لم يكن ينتقي أو يتعامل مع الأمر بـ"حنتفة"، ولكن عِشْق المسرح في قلبه لا جدال عليه، وتعبيرات وجهه وهو يتلقى التحية من الجمهور تُغني عن كل كلامي، إلى جانب أن المسرح بالنسبة له كان نافذة يُعبر من خلالها عن ميوله السياسية المُعادية للسُلطة.
2- حبه للغناء والتلحين
على الرغم من أن سعيد صالح لم يكن يتمتع بصوت مطرب، إلا أن هذا لم يقف في طريق عشقه للغناء والتلحين، وأعتقد أن هذا بسبب حبه واستمتاعه بما يفعله، بغض النظر عن رد الفعل المنتظر أو النتيجة النهائية، في نظري سعيد صالح كان عاشقا للفن ويتغذى عليه، ولم يحدد هدفا معينا من هذا، لم يضع خطة واضحة للسير عليها، ولم يهتم بما ينجزه الآخرون أو ما يفعلونه، إلى جانب نوعية الأشعار التي اختارها، فقد أوضحت ميوله الفكرية والفنية الثورية، حيث غنى لصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم، وغنى أغنية "ممنوع من السفر"، والتي تعتبر من أكثر الأغاني الثورية للشيخ إمام.
كما قام بتلحين أغنية "أنا اتلهيت" لبيرم التونسي وغناها وكانت تجربة جيدة جداً ومميزة.
3- يلمس الكلمة فتتحول إلى إفيه
إذا لاحظتم، فمعظم "الإيفيهات" التي نُكررها وراء سعيد صالح إلى الآن، خاصة من مسرحية العيال كبرت، هي في الأساس ليست إفيه، إنما أداؤه لها هو ما أضفى عليها طاقة أخرى مُضحكة، تقريبا 90 % من كلام سعيد صالح في تلك المسرحية تم التعامل معه على أنه إفيه مضحك، في حين أن هذا الكلام إذا قاله شخص آخر سيسقط نصفه، ويتحول إلى كلام حواري عادي، إلى جانب إفيهاته التي تحوَّلت إلى ماركة مسجلة تتداولها كل الأجيال مثل "أستك منه فيه"، "أذاكر وانجح ..الاتنين؟"، "اصل أنا ثقافتي ألمانية" وطبعاً " يا بتاعت ممدوح" و"يا مينز!".
4- خروجه عن النص
القدر كان يشير إلى أن سعيد صالح هو نجم المرحلة رقم واحد خاصة في عالم الكوميديا والمسرح، في نهاية السبعينات قدم صالح "العيال كبرت" تلك التحفة الفنية الخالدة، قبلها بثلاثة أعوام قدم عادل إمام مسرحية شاهد ماشفش حاجة، ولكنَّه انقطع عن المسرح فترة طويلة حتى عام 1993 عندما قدم الواد سيد الشغال، الأمر الذي جعل ساحة المسرح والنجومية مؤهلة لبروز هذا النجم والصعود به إلى القمة بعد الانطلاقة، التي لم تكن الأولى، في العيال كبرت، ولكن سعيد صالح لا أظن أنه كان يحسبها بهذا الشكل، حيث اتجه إلى المسرح السياسي دون أن يفكر كيف من الممكن أن يؤثر هذا على صناعته كنجم.
وتم حبسه بالفعل بسبب جملة قالها خارج النص في مسرحية انتقد فيها أكثر من رئيس، الأمر الذي صنع فجوة في طريق سعيد صالح المهني، إلى جانب القبض عليه مرة أخرى في واقعة تعاطي الحشيش، مما جعل البعض من الجمهور وليس الكثير يتحفظ عليه، وأعتقد أن هناك آراء أخرى كانت تتبنى فكرة "يعني هو سعيد صالح بس هو اللي بيحشش في مصر"، الأمر كله كان مريبا.
وأنا شخصيًا دائما أتساءل، كيف لسعيد صالح الذي بدأ بطل مسرح في عام 1969 من خلال مسرحية "هالو شلبي" يكون آخر دور له ضيف شرف في فيلم لعادل إمام الذي كان في هذا التوقيت يظهر كوجه جديد مع الأستاذ فؤاد المهندس، في حين أن مسرحية "هالو شلبي" كان محمد صبحي وأحمد زكي يعتبران ضيوف شرف في حضرة سعيد صالح.
5- جُرأته
والتي على الرغم من قوتها لم تكن جارحة في مزيج هو غريب من نوعه، حيث استخدم سعيد صالح العديد من الإفيهات التي كانت صادمة في وقتها مثل "الشرف يا بنت الكلب الشرف"، والمقطع الكامل في العيال كبرت الخاصة بالـ "الفتاحة"، و"إحنا مش في أتوبيس يا درويش"، إلا أنه لم يستطع في ولا مرة أن يخدش حيائي عندما كنت أشاهد تلك الأفلام، وأنا صغيرة وهذا أمر لم أستطع تفسيره حتى الآن.
اقرأ أيضًا:
"آخر مشهد جمع عادل إمام وسعيد صالح "فيديو