سر كنز الهرم الأكبر الذي جذب عين الماسونية


كتب- محمد عبدالحليم:
تشاهد كثيرا صورا لهرم غير مكتمل، تعلوه عين واحدة تشع نورا، هذا الرمز من أكثر الرموز التي شابها "التنظير" طوال التاريخ، فالبعض يعتبر أنه مجرد رسم عفوي، وآخرين يرونه رمزا من رموز تنظيم البنائين الأحرار أو الماسون، وتمتلئ مواقع الإنترنت بتحليلات بعضها مصور وآخر مكتوب حول فك معاني هذ الرمز الذي يزين ورقة الدولار.
سنحاول في هذا الموضوع تفسير هذا الرمز وربطه بالنبوءات الإسلامية القديمة، والتي ذكرت في كتب التراث الإسلامي، أو التي يتناقلها علماء الصوفية والسلفية والشيعة، بالإضافة إلى الاجتهادات الشخصية لبعض الباحثين في مجالي الآثار والعلوم الإسلامية، ولكي نصل إلى إجابة دقيقة علينا السير في اتجاهين، أولا عين من؟ ولماذا مصر؟ وثانيا لماذا الهرم نفسه؟
السؤال الأول: عين من؟ ولماذا مصر؟ في جامعة القاهرة في نوفمبر عام 2006 أظهر الباحث الأردني أحمد عبدالكريم الجوهري، في المؤتمر التاسع للأثريين العرب للآثار الشرقية، لوحة أثرية من البازلت منقوش عليها بعض الصور الغريبة يعتقد أنها تعود إلى 3000 سنة مضت، وهي لوحة اكتنفها الكثير من الغموض وأثارت دهشة الكثيرين حيث أطلق عليها "لوحة الإنس والجن" أو " النقش العجيب".
الجوهرى أوضح في المؤتمر أن هذه اللوحة نقشت في عصر نبي الله سليمان، وأكد أن هذا النمط من الفن لا نجد له شبيها في عالم الآثار على الإطلاق، إذ ليس هناك عمل فني استطاع الصانع أن يجعل فيه هذا الكم الكبير من الرموز في صورة واحدة، بحيث استخدم الجزء الواحد لأكثر من غرض، فكان كل جزء في الصورة محسوب بعناية دقيقة ليراه الناظر في صورة أخرى عندما توضع اللوحة في اتجاه مغاير".
اللوحة التي تظهر الكثير من الرموز كما يعتقد الجوهري، تروي قصة عجيبة عن موقف حدث بين المسيخ الدجال ونبي الله موسى، وحسب الرواية القرآنية للقصة، إذا صح اعتقاد الجوهري، فإن نبي الله موسى أمر بالقضاء على كل من شارك في الفتنة، إلا أنه ترك السامري وقال له "فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا"، وتركه يهيم في البرية ولم يقتله، وبسبب هذا الموقف يؤكد الجوهري أن السامري هو المسيخ الدجال، وأنه نتيجة لعدم قدرة سيدنا موسى على قتله تركه، لأن قتله موكول إلى المسيح عيسى بن مريم في آخر الزمان.
وأوضح الجوهرى أن الرمز يشير إلى أن عين الدجال "العين الواحدة" على الهرم الأكبر وعلى مصر عموما، لأنه انبهر بما فيها من مظاهر حضارية، وعاش فيها فترة، وفيها غير اسمه لـ"موسى السامرى"، في أول محاولة للتسمي باسم نبي، كما سيفعل بعد ذلك ويسمي نفسه "المسيح".
قصة غير مقبولة
هاجم بعض الأثريين الجوهري خلال المؤتمر وبعده، للتفسير الدينى المحض لنقش أثري، فخشى على اللوحة من الضياع فحفظها عند سمو الشيخ محمد بن حمدان آل نهيان في الإمارات العربية، وقام بشرح تفصيلي للقصة ونشرها على صفحات الإنترنت.
صحيح مسلم.. يرجحهافي صحيح مسلم حديث طويل تحت اسم "حديث الجساسة"، يمكن تلخيص قصته في أن هناك رجلا مسيحيا من المدينة يدعى تميم الداري، سافر مع رفاقه في رحلة للتجارة فانكسرت سفينتهم وهبطوا على جزيرة، فقابلتهم دابة وطلبت منهم مقابلة رجل فى كهف، فلما دخلوا عليه وجده مسلسلا.
هذا الرجل سألهم عدة أسئلة عن نبي آخر الزمان ونخل بيسان وماء بحيرة طبرية وعين زغر، فلما أجابوه قال لهم "أنا المسيح وأوشك أن أخرج وأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها، إلا مكة وطيبة فمحرمتان عليّ"، وفور رجوع تميم إلى المدينة أسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقصة، فصعد النبي المنبر وحكى القصة على أصحابه، وقال لهم "هذه طيبة"، وأوضح لهم أن الدجال لا يقدر على دخولها.
إذا سلمنا إلى الروايات السابقة وإلى أن الدجال معمر من قبل سيدنا موسى، وأن العين في الرمز هي عين الدجال، فلماذا كان اختياره للهرم الأكبر دون غيره من المشاهد الحضارية فى مصر؟ وإذا كانت الروايات السابقة يعتقد بها السلفية ويحكيها مشايخهم في الكثير من القنوات والخطب، فماذا عن الصوفية والشيعة؟
السؤال الثاني: لماذا الهرم الأكبر؟
هذا السؤال لا توجد عنه إجابة سوى عند أئمة أهل البيت النبوي، وعند الصوفية تلميحا والشيعة شرحا وتفصيلا، فإمام الصوفية السيد محمد ماضي أبو العزائم، تكلم عن فترة ازدهار ورخاء تحدث في مصر عقب تولي "فتى مصر" الحكم وإعلان قيامه لـ"دولة أهل البيت"، وسيكون الاعتماد الأساسي فيها على "كنز" يفتح في مصر.
فقد جاء في كتاب الجفر لأبي العزائم أن "هناك كنز عظيم بأرض مصر سوف يفتح مع قيام دولة أهل البيت، حتى يكثر المال كثرة عظيمة، وتعم الخيرات والبركـات أرجاء الكون كله"، ونظم أبو العزائم في إحدى قصائد جفره التي تحدث بها عن مرحلة "الفتى":
يفتح الكنز يكثر المال حتى*** قد يرى الناس زخرفا سحابا
كيف يفتح الكنز؟
هذا الكنز له شفرة في فتحه، ذكرها الإمام علي بن أبي طالب في "الجفر الأعظم"، حين تحدث عن المهدى فقال: "كنوز مصر وأهراماتها وحده يعرف خبئها وخبي جبالها ومغاراتها بسر في نظـرة حراسها، ويرجع المهدي البصر كرتين وكرتين من بين القبر والمنبر من عند الروضة والبيت الحرام فيعرف ختم المقدس وبابها والقبلة الأولى قبل الكهـف وبالكهف مستقرها"، وقد قام بتحقيق الكتاب السيد علي عاشور.
كيف جاء هذا الكنز؟ ومن وضعه؟ ولمن؟
روى الشيخ الصدوق، أحد علماء الشيعة الكبار، في كتابه "كمال الدين وتمام النعمـة" قصة لهذا الكنز وكيف وضع، بدأ الصدوق قصته بأن خمارويه بن أحمد بن طولون أمر بالتنقيب في الأهرام، فلما انتهى عماله وجدوا سردابا في مدخله لوحة، لم يفهم أي منهم ما كتب عليها، فأرسلوها إلى قس يفك طلاسمها في الحبشة.
بعد فك طلاسم هذه اللوحة، وجدوا أن كاتبها هو الريان بن دومغ وهو والد العزيز الذي كان في زمان يوسف النبي عليه السلام، وإليك جزء مما كتب عليها:
أنا صاحب الأهرام في مصر كلها *** وباني برانيها بها والمقـــــــدم
تركت بها آثار كفي وحكمتــــــــي ***على الدهر لا تبلى ولا تتهـــدم
وفيها كنوز جمـــــة وعجائــــــــب *** وللدهر أمر مــــــــرة وتجهــم
سيفتح أقفالـــي ويبدي عجائبــــــي *** ولي لربي آخــــر الدهر ينجم
بأكناف بيت الله تبــدو أمــــــــوره *** فلابد أن يعلو ويسمو به السم
الصدوق يختم روايته العجيبة بقول خمارويه فور عرض ما تضمنه اللوحة عليه "هذا شيء ليس لأحد فيه حيلة إلا القائم من آل محمد، وردت البلاطة كما كانت مكانها".
وجهة النظر الصوفية تتضح في كتاب "الجفر" لأبي العزائم بعد عرض الروايات، حيث خُتم الحديث عن الكنز بـ"فلا عجب أن نرى أن عين الماسونية الواحدة (عين الدجال) وقـد وضعت على قمة الهرم لإيقانهم أنه علامة العلوم التي لم ولن تظهر إلا فـي دولـة آل البيت عما قريب".
وبقت عدة تساؤلات لم نجد لها إجابات في كتب التراث.. ما هو هذا الكنز؟ وهل هو كنز مادي أم علمي؟ ولماذا يتسارع الجميع عليه؟.. وإن بدا واضحا لمن سيؤول في النهاية.
تنويه: كل ما ورد في هذا الموضوع هو عرض لوجهة نظر مصادره، ومحاولة لتجميعها من أجل الوصول لنتيجة واحدة تعبر عن رؤية بعض طوائف المسلمين لهذا الرمز.