التوقيت الجمعة، 02 مايو 2025
التوقيت 07:37 م , بتوقيت القاهرة

تعرّف على قصائد المثلية الجنسية في الشعر العربي

كتب- محب جميل:

حكايات الأدب العربي لا تؤكد لنا بالأدلة القاطعة على مثلية بعض الشعراء، لكنها تسرد مجموعة من النصوص التي تدور في مجملها حول المثلية الجنسية بين الأفراد.

في الثقافة العربية يوثق كتاب مفاخرة الجواري والغلمان لأبي عثمان بن عمرو بحر الجاحظ، والذي تناول فيه مسألة المثلية في تلك الفترة بشكل ساخر. أما عن أكثر الشعراء إثارة للجدل فسنجد أن الحسن بن هاني الدمشقي (أبو نواس) الذي عاش في فترة الخليفة هارون الرشيد، كان من أكثر الشعراء إثارة للجدل في الأدب العربي وكان يعلن ذلك بشكل واضح.

يقول أبو نواس في قصيدة (دع عنكَ لومي فإن اللوم إغراء):
مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ ** لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ

ومن الشعراء أيضًا الذين أوردهم الشعر العربي، صفي الدين الحلي الذي أغرق الشعر في الصنعة وألوان البديع. أطلق الحلّي مصطلح الحمضيات، وهو مصلطح كان يستخدم لوصف الغريب في العلاقة الجنسية الصريحة التي تتم بين رجل وغلام. أما الحمضيات في اللغة (نبات فيه ملوحة تأكله الإبل كلّما ملَّت من أكلها المعتاد).

يقول الحلّي:

"للتُّركِ ماليَ تَركُ/ ما دينُ حبّي شركُ/ أخلصتُ دين هواهم/ فحبّهم لي نسكُ«. ويتابع حديثهُ عن الغلمان فيقول: فتن الأنام بعوده وبشدوه/ شادٍ تجمَّعت المحاسنُ فيهِ/ حتى كأن لسانه بيمينه/ أو أن ما بيمينه في فيه".


ولا تتوقف أمور المثلية الجنسية في الشعر العربي هنا، فسنجد أن قصيدةً للشاعر السوري نزار قباني يقول فيها:
مطرٌ..مطرٌ..وصديقتها معها، ولتشرين نواحُ
والباب تئنّ مفاصله ويعربد فيه المفتاحُ
شيءٌ بينهما..يعرفه اثنان أنا والمصباحُ
وحكاية حبٍّ..لا تحكى في الحب يموت الايضاحُ
الحجرة فوضى فحليٌّ تُرمى..وحرير ينزاحُ

نزار هنا يتحدث عن المثلية الجنسية عند النساء، حيث أن هذا الموضوع من أكثر الموضوعات المحرمة في الشعر العربي. حالة من النشوة للجسد الأنثوي 



وحوار نهودٍ أربعةٍ تتهامس، والهمس مباحُ
كطيورٍ بيضٍ في دغل تتناقر..والريش سلاحُ
حبات العقدين انفرطت من لهوٍ، وانهدّ وشاحُ

وليس غريبًا أن نجد أبا الفتح السبسي يقولُ:
خُذوا بدَمي هذا الغُلامَ فإنَّهُ / رَماني بسهْمَيْ مُقلَتَيْهِ على عَمْدِ

وفي هذا البيت إشارة مباشرة إلى الافتتان بعين هذا الغلام ومغازلته، حتى إن سهم العين أصاب الشاعر عن عمد. ثم نجد أبا تمام يقول في أحد أبياته:
غلامٌ فوق ما أصف / كأنّ قوامه ألفُ

إن البيت السابق يشيرُ إلى الجسد حيث التغزل بجسد الغلام. إنه ممشوق كحرف الألف في اللغة العربية. لكن ابن الرومي يفسر ضياع التوبة بجذع أحد الغلمان:
اِمزجِ الراحَ لي بريق غلامٍ/ فألذُّ الهوى المعاصي التُّؤام



لكن الشعر العربي يتناول بعض المواقف التي تؤرخ صراحة لحالاتٍ من المثلية. تقول الحكاية إن هارون الرشيد جعل من فراش أبي نواس بجوار غلامٍ يدعى أبي طوق. وعندما وجده هارون الرشيد بجوار الغلام، أنشد أبو نواس بيته قائلاً:

شدني الشوق لأبي طوق ** فتدحرجت من أسفل إلى فوق
أما الشاعر سبط بن التعاويذي فقد صرّح بعشقهِ للغلمان والجواري قائلاً:
وَأَعشَقُ الغِلمانَ وَالجَواري ** أَعيشُ في الدُنيا عَلى اِختِياري

لكن البيت السابق يشيرُ إلى المثلية في صورةٍ أخرى، حيث المثلية الجنسية هنا تأخذ درجةً أعلى أقرب إلى الازدواجية وفيها يصبح الشخصُ تواقًا إلى الجنسين من الذكور والإناث. واستكمالاً للصورة السابقة نجد الشاعر أبا الفتح البستي ينشدُ قائلاً:

لنا حاكِمٌ فيه انخِناثٌ وإنَّهُ ** يقولُ بأني مولَعٌ بِلُواطِ
فَتبّاً لهُ من حاكِمٍ مُتَزَيِّد**وشَيخِ لُواطٍ يَستجِيبُ لِوَاطِ

لكن الشائع عن تلك الفترة أن المثلية الجنسية في الشعر العربي كانت تتناول الظاهر فقط دون توضيح مناسب لأسباب السلوك ودوافعه. وقلّما نجد أبياتًا تشير إلى المثلية الجنسية عند النساء. لكن أهم تلك الأبيات ما أنشده الفرزدق في هجاء جرير قائلاً: (وفيت بعهد منكَ كان تكرما ** كما لابنة الحسن اليماني وفت هند)، والمقصودة هنا هي هند زوجة النعمان بن المنذر التي تعدّ أول من مارست المثلية الجنسية مع ابنة الحسن اليمني. فعندما ماتت ابنة الحسن اليمني، جلست هند إلى قبرها واتخذت الدير المعروف بطريق الكوفة في العراق.