التوقيت الإثنين، 05 مايو 2025
التوقيت 08:49 ص , بتوقيت القاهرة

صوته تخين بس فنان!

من يصنع الذوق العام؟


سؤال صعب، فهناك من يتبنى نظرية أن الجمهور هو صاحب الكلمة، وأن المبدع يمشي وراءه، وآخر يرى أن هناك من يطلق عليهم قادة الرأي هم المسؤولون.


في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الأمر أصبح معقد جدا؛ فالعلاقة بين المبدع والجمهور أصبحت بلا حاجز، بفضل مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن الرقابة أصبحت مستحيلة، ولم تعد السلطة تستطيع التحكم فيما سيقدم للجمهور؛ لأنك بسهولة تستطيع بث قناة فضائية من خارج الدولة، أو تستطيع إنشاء قناة على يوتيوب أو صفحة على فيس بوك وتبث من عليها ما تريد.


إذا هناك عوامل عدة تشكل الذوق العام، بالتأكيد يأتي ضمنها الفنان، الذي كلما كان له مكانة وشعبية بين جمهوره كان قادرا على التأثير في صناعة هذا الذوق.


الفنان في رأيي قائد، صاحب مزاج، ليس بتابع ولا ببغاء يردد ما يقوله الغير. بالتأكيد هو يتأثر بكل جديد في الحياة، ولكنه أبدا لا يكون صدى صوت. هو ماكينة تتلقى الإلهام الحياتي لتحوله إلى إبداع خاص بها، ولذلك قلة من الفنانين الموجودين على الساحة اليوم من يستحقون لقب "فنان"؛ ومنهم بالتأكيد جورج وسوف.


لو سمحت لا تقل لي إن صوته غليظ، ونفسه مقطوع، إلى آخر هذا الحديث... أتفهم ذلك جيدا، ولكن من قال إن المُغني مجرد صوت. الصوت بالنسبة للمغني كاللغة بالنسبة للكاتب، هو أداة لتقديم الفكرة، وليس هو الفكرة. الإبداع "أي إبداع" فلسفة لحياتنا، تفسير لواقعها، استرجاع لماضيها، استلهام لمستقبلها. أما الأداة كاللغة بالنسبة للكاتب أو الصوت بالنسبة للمغني فهي موصل لمكنون الفكرة. فإذا لم توجد الفكرة، فلا كتابة ولا غناء ولا تمثيل ولا أي شئ. وأنا هنا لا أقلل من دور الأداة، ولكني أقول إنها ليست كل شئ.


جورج وسوف السوري المولود في مثل هذا اليوم 23 ديسمبر من عام 1961، هو الوحيد الآن الذي يتجرأ ويقدم أغان مدتها 20 دقيقة، في زمن أصبح تجاوز الأغنية لأربع دقائق من الكبائر. يقدم ألحانا شرقية رغم عبادة الجميع للغرب. أرى أن تشجيع من يخطوا خطى جورج واجب علينا الآن، دعما للفكرة ضد الغوغائية، وللتميز ضد المسخ.


في عيد ميلاد جورج، أستعين بواحدة من أشهر أغانيه لأتناول بعض التواريخ الهامة التي حدثت في يوم ميلاده، الذي يحتاج إلى طبيب لمداواة جِراح العرب.



العرب في 23 ديسمبر مثخنون بالجراح؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1847، استسلم الأمير عبد القادر الجزائري للفرنسيين، بعد سنوات من المقاومة والقتال ضدهم.


وفي نفس اليوم من عام 1921، اعتقلت السلطات الإنجليزية  سعد زغلول ورفاقه من المتحدثين باسم القضية المصرية، ونفتهم إلى جزيرة سيشيل.


سوريا طالبت بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، في مثل هذا اليوم من عام 1955، ردا على احتلالها لأراض عربية.


وبسبب إسرائيل أيضا، دعا الرئيس جمال عبد الناصر لمؤتمر قمة عربي طارئ لمواجهة خطر تحويل إسرائيل لمياه نهر الأردن، في مثل هذا اليوم من عام 1963.