التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 10:20 م , بتوقيت القاهرة

براندون وحكمة الحب

براندون هو رجل موسيقي ، أمريكي الجنسية يطوف حول العالم ويجوب القارات من أمريكا لأوروبا لأفريقيا ممتطيًا عوده الشرقي كبساط سحريّ يحمله إلى حيث شاء، يعيش حياة- أتصور- أننا جميعًا في بلادنا نتمناها.


قرر حينما قرر الاستقرار وبعد أن شاهد الكثير، أن يستقر في مصر، في القاهرة، تتعجب من ذلك؟ ربما، أعني ربما لو كان بيدك القرار لاخترت الاستقرار في مكان آخر، مكان يضمن لك هدوءاً ومالاً وفيراً لكن صديقنا براندون وجد في امتلاء الشوارع القاهرية، حميمية لا يضاهي دفأها شيئاً، وفي قربه للحياة البسيطة قناعة وترفعاً عن المال الكثير.


عندما تنتقل من مكان إلى مكان لا تحمل سوى حقيبة ملابسك، أو متعلقاتك الشخصية القليلة، ستستطيع وقتها أن تحيا، أن تشعر بكلمة الحياة داخل كل تجربة جديدة، أن تستمتع باللحظات التي تعيشها دون أن تفكر في بقايا الماضي ولا تنبؤات المستقبل، أن تكون بلا أثقال يجعلك قادراً على التحليق عاليًا دون أن تخشى سقوطًا مدمرًا، فقط أحبب نفسك!


الحب كلمة رائعة وعظيمة، لكنها فانية، أو دعونا نقول إنها كتعريف الطاقة في الفيزياء تتحول من شكل إلى آخر، ما تحبه اليوم ربما ما كنت لتلتفت إليه البارحة، وغالبًا ستهجره غدًا طالما رابطك الوحيد به هو الحب، حب الأشياء والأشخاص يعوّض أما حب الحياة هو الذي لا يستعاض ولا يتغير خاصة إن كان صادقًا.


يقول براندون "عندما ينكسر قلبك في حب أحدهم فإن طاقة الحب ستشع منه، ستملأ جميع الاتجاهات وتشمل العالم بأسره"، تخيل لو أن فترات العذاب والسهر والنزف والاستنزاف العاطفي والنفسي إثر جرح في قلبك تحول إلى إشعاعات حب! ستدرك وقتها معنى أن تحب الناس جميعًا من حولك وتقدم لهم ما استطعت بسرور ورضا دون أن تشعر بالواجب أو الإلزام، ستسعد أكثر بالموسيقى، ستنسجم أكثر مع الأفلام، ستركز أكثر على أهداف حياتك وتفعل الأشياء التي تحبها فقط، ستنام قرير العين هنيئا لا يقض مضجعك قلب هجر أو خان.


قد يفسّر البعض كلماتي تلك بأني أدعوه للوحدة، ولكن لا، الوحدة هي أن تشعر ألا أحد من حولك يعطيك أو يأخذ منك، والحب هو أن تعطي شخصًا وتأخذ منه، ولكنك هنا ستكون معطاء للجميع دون أن تنتظر منهم شيئًا فمنبع سعادتك ليس قلوبهم أبدًا، وإنما منبعها قلبك أنت، وهذا هو تمامًا ما يسمى "السلام الداخلي".