التوقيت الجمعة، 23 مايو 2025
التوقيت 05:21 م , بتوقيت القاهرة

نهاية العالم لا تكفي لتغيير البشر في Z for Zachariah

غالبا سيوحي عنوان الفيلم Z for Zachariah أو "ز لـ زكريا" للكثيرين بوجود شخصية بهذا الاسم ضمن الأحداث، لكن العنوان للدلالة على النهاية من وجهة نظر طفولية مبسطة. حرف (A) هو الأول في الإنجليزية، ويبدأ به اسم آدم (أول البشر طبقا للديانات الإبراهيمية). يقابله Z، آخر حرف في الإنجليزية. ولا ينقصه إلا اسم تخيلي فقط لآخر بشري على الأرض.


A for Adam 
Z
for Zachariah


دلالة العنوان ملائمة إذًا لعمل آخر متعلق بأفكار عالم ما بعد الخراب والدستوبيا، التي أغرقت الشاشات في السنوات الأخيرة. لكن الفيلم المقتبس من رواية بنفس الاسم، صدرت عام 1974 للأديب روبرت أوبريان، لا يتبع قواعد الإبهار والأكشن وإنقاذ العالم السائدة في سلاسل مثل (Hunger Games - Divergent - The Maze Runner)، ويتحرك في مسار مختلف.


اقرأ أيضا: دستوبيا المراهقين تطحن الكبار في شباك التذاكر


الحبكة أشبه بدراسة نفسية لشخصيات تعيش في عالم انتهى فعليا. بطلة تظن أنها آخر البشر الناجين من كارثة تلوث نووي، بفضل تواجدها في وادي بظروف بيئية استثنائية، تقابل رجل يعتقد أنه كذلك أيضا، ليبدأ الاثنان رحلة تعارف وتقارب في أسوأ ظروف ممكنة، تعكس كل الطباع والمشاعر والاضطرابات البشرية المعروفة.



الرواية الأصلية مكتوبة من منظور البطلة، وهي طريقة سرد تسمح بتقديم مشاعر وأفكار الشخصية بشكل أقوى وأوضح. في الفيلم استبعد السيناريست نصار مودي، والمخرج كريج زوبيل أسلوب الراوي، وتم سرد الأحداث بالطريقة العادية.   


التغيير الأهم هو إضافة شخصية رجل ثان، لتلامس الأحداث مسار التنافس الذكوري على أنثى واحدة، خاصة مع تغيير صفات الرجل الأول ليصبح أسود العرق. 


رغم الاختلاف الواسع بين الأصل والمعالجة السينمائية بعد هذة التغييرات، فالاثنان وجهان لعملة واحدة. قصة مُحكمة مضمونها أن البشر هم البشر. وأن بقائهم بعد الكوارث أيا كانت الظروف المحيطة يستدعي في النهاية ظهور كافة دوافع السلوك البشري التي نعرفها. الحب.. الأمان الاقتصادي.. الاحتياج الجنسي.. الغيرة.. القناعات الدينية.. الحساسيات العرقية.. الخ. 



على العكس من أغلب أفلام هوليوود التي تميل إلى توضيح وتفسير كل شىء، يبتعد النص عن الوضوح ويتركك لتفكر في دوافع الشخصيات بشكل مستقل. وهو ما تم تتويجه أكثر وأكثر بنهاية قوية تطرح أسئلة أكثر مما تطرح إجابات.


أغلب مشاهد الفيلم تصوير خارجي، بلقطات وتركيبة ألوان تعكس ثراء الطبيعة في المكان، وهو ما يجعل الصورة أكثر دفئا مقارنة بأفلام نهاية العالم المعتادة (الطابع الرمادي - الصورة الباهتة.. الخ). ورغم أن الأحداث تدور في أمريكا، فقد تم التصوير في مناطق من نيوزيلندا تملك نفس الطابع البصري للغرب الأمريكي للتوفير. وهي نفس الخطوة الإنتاجية التي تم بفضلها مؤخرا تنفيذ أفلام مثل Slow West.


اقرأ أيضا: سينما الغرب الأمريكي لا تُشرق في Slow West 


في فيلم بطابع نفسي ترتكز أحداثه على 3 ممثلين فقط، تصبح الموهبة التمثيلية رمانة الميزان. شيوتيل إيجيوفور بطل الفيلم الشهير 12 عاما من العبودية  12 Years a Slave يثبت كفاءته في دور معقد، وهو ما يفعله أيضا النجم الشاب كريس باين، بطل أفلام Star Trek الحالي، وإن كان دوره أقل تعقيدا. 



الجميلة مارجوت روبي تخطف الأضواء من الاثنين بأداء حساس آخر يضيف الكثير لرصيدها. روبي انطلقت منذ عامين فقط بفضل دورها المثير في فيلم سكورسيزي The Wolf of Wall Street أمام ليوناردو دي كابريو، وأكملت المسيرة بدور جيد أمام ويل سميث في Focus رغم تواضع الفيلم ككل. في انتظارها عام 2016 محطة انطلاق للنجومية مع أبطال فريق Suicide Squad المقتبس من عالم الكوميكس.


اقرأ أيضا: ويل سميث محور لعبة التركيز في Focus


Z for Zachariah لا يرقى لكلاسيكيات دستوبيا محكمة السرد في السنوات الأخيرة، من نوعية The Road 2009 - Children of Men 2006 - Snowpiercer 2013 لكن يمكن اعتباره إثبات عملي، أن هذه النوعية لا تحتاج بالضرورة إلى ميزانيات مرتفعة وأطنان من المؤثرات بصرية. 


مشاهدته بعد أيام من فيلم دستوبيا رديء مثل الجزء الثاني من عداء المتاهة Maze Runner: The Scorch Trials المعروض حاليا، تؤكد أن هذه النوعية قادرة على التجدد والصمود، رغم استنزاف الفكرة والإطار مؤخرا بشكل مبتذل أحيانا.



باختصار:
(ثلاثة أفراد + صفر مؤثرات بصرية) في فيلم ذكي ومختلف عن (العالم بعد النهاية)، تتألق فيه مارجوت روبي بالأخص.


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك