Return to Sender - اغتصاب الشخصية والممثلة


الدور التالي بعد دور الانطلاق لكل ممثل يصبح أحيانا كابوسا حقيقيا، لأن سقف التوقعات لدى الجمهور والنقاد بعد دور عظيم، يرتفع إلى درجة يصعب عادة تحقيقها.
حتى أكتوبر 2014 لم تكن الممثلة الإنجليزية الأصل روزاموند بايك مصنفة كممثلة ثقيلة الوزن، لكن كل شىء تغير بعد دورها الخالد في فيلم المخرج ديفيد فينشر Gone Girl، الذي انتزعت عنه وبجدارة ترشيح أوسكار أفضل ممثلة. وأرجح أنها كانت الثانية من حيث عدد الأصوات بعد جوليان مور التي فازت بالجائزة عن جدارة بفضل فيلم Still Alice.
اقرأ أيضا: جوليان مور وأداء يستحيل نسيانه عن الزهايمر في Still Alice
المفاجأة في يُعاد الى المُرسل Return to Sender أن أداء روزاموند بايك يرقى بالفعل للامتياز، لكن الفيلم ككل لا يرقى نهائيا لمستواها الرفيع كممثلة، ولا يصمد بالطبع لأي مقارنة من أي نوع مع تحفة فينشر.
الحبكة بوليسية عن مُمرضة شابة تتعرض لحادث اغتصاب يقلب حياتها رأسا على عقب. كيف يمكن التصالح مع زلزال هذا؟.. كيف يمكن العودة لنقطة الصفر؟.. سيناريو جو جوسيت وباتريشيا بوشامب، لا يحاول الإجابة مباشرة عن هذا السؤال، ويتركك حائرا في محاولة لاستنتاج وفهم ما تريده البطلة فعلا للخلاص من أثر التجربة الكابوسية.
في هذه الجزئية تحديدا أعاد الفيلم اكتشاف نفس نقطة قوة روزاموند كممثلة. قدرتها الجبارة على إقناعك وتوريطك كمتفرج مع شخصية أنثوية تملك المزيج المُحير بين الجمال الفاتن والغموض والضعف، مع ترك مساحة هائلة ومستمرة للشك في دوافعها ونواياها.
السيناريو ككل غير مُحكم للدرجة، ويصل إلى درجة أعلى من الرخص والاستسهال قُرب النهاية. إخراج فؤاد ميكاتي متواضع، وأغلب زواياه ولقطاته وأدواته أقرب ما تكون لعمل تليفزيوني عتيق متوسط المستوى منها لفيلم هوليوودي حديث. لكن كل هذه العيوب والمشاكل لا تكفي لإفساد أو طمس أداء وحضور روزاموند.
حظ الفيلم مع الحضور التمثيلي لا يتوقف عندها فقط، ويمتد إلى نيك نولتي. الممثل الشهير بأداء دور الشخص العصبي المنفلت المتعكر المزاج، اختيار مثالي لدور الأب العجوز المشحون العاجز عن إصلاح بنته نفسيا أو فهمها بعد تجربتها البشعة. الطاقة الهادرة لشخص يريد أن يفعل الكثير، ويتعذب لأنه لا يملك الفهم أو القدرة الصحية لفعله.
بفضل أداء الاثنين فقط، يرقى الفيلم نسبيا لمرحلة يستحق المشاهدة، لكن في جميع الحالات سيتضرر هذا الفيلم أكثر وأكثر بسبب المقارنة الحتمية مع Gone Girl. الشىء الجيد أنه يثبت أن تألق روزاموند لم يكن مجرد محطة مؤقتة بفضل مخرج كبير. تعاقدها على الفيلم قبل عرض Gone Girl يعفيها نسبيا من مسؤولية الاختيار، وسنعرف عمليا في اختياراتها السنوات القادمة، عما إذا كانت تملك من الذكاء الفني ما يعادل موهبتها التمثيلية فعلا أم لا.
على كل ظهرت روزاموند في توقيت هوليوودي غير مثالي غالبا لقدراتها. هيتشكوك عاشق الحسناوات الشقراوات الغامضات وأفلام الإثارة والألغاز، كان سيجد فيها غالبا ضالته المنشودة!
باختصار:
فيلم بوليسي متوسط المستوى على كافة الأوجه، يكتسب كل وزنه بالأساس بفضل موهبة روزاموند بايك.