التوقيت الأربعاء، 18 يونيو 2025
التوقيت 08:02 ص , بتوقيت القاهرة

إيفا الفاتنة تصلح خطايا Sin City: A Dame to Kill For

مر ما يقرب من 10 سنوات منذ أن أقدم المخرج "روبرت رودريجيز"، على تجربته الفريدة في Sin City أو "مدينة الخطيئة" التي اقتبس فيها من كوميكس المبدع "فرانك ميلر" الأصلي، جوهره الحقيقي في تكوين الصور والألوان، بدلاً من اقتباس الشخصيات والأحداث فقط، وصمم على إضافة اسم ميللر بجوار اسمه كشريك في إخراج الفيلم، باعتباره مسؤولا بالفعل بنفس القدر عن النتيجة.

الطموح البصري تم تتويجه بسيناريو وحوار ممتاز، وأضاف له مجموعة من صفوة نجوم هوليوود، الحدة المطلوبة تماما للشخصيات. النتيجة النهائية كانت عملا طازجا ومتفردا، تذوق فيه متفرج السينما، طعم الكوميكس وإبهاره على الشاشات، وفتح الباب لنجاح العديد من المحاولات الأخرى المهمة لاحقاً، التي استلهمت نفس الطابع البصري للأصل، وعلى رأسها الفيلم الشهير 300 عن غزو الفرس لأسبرطة، المقتبس أيضا من كوميكس لنفس المؤلف.

العودة الآن بفيلم ثان فقدتْ مبدئياً أهم سلاح امتلكه الجزء الأول، وهو الأصالة.



رغم أن توظيف تقنيات الـ 3D يُمثل في حد ذاته ابتعادا عن جو الكوميكس، فمن المؤكد أنه أضاف طعما ما مختلف نسبيا للفيلم الجديد، وهو ما يُمكنك أن تتخيله حتى لو شاهدت الفيلم بالطريقة العادية، خصوصاً في مشاهد المطر والأكشن وخلافه، لكن في النهاية عنصر الطزاجة في الصورة لا يُقارن بالأول. 

إلى حد كبير ينجح الطاقم التمثيلي الأصلي في تقديم معادلة ناجحة إجمالا. بعضهم مقبول بالكاد مثل "جيسيكا ألبا" التي تظل أضعفهم، كما كانت تماما في الفيلم الأول، رغم كل ما تمنحه تغيرات شخصيتها من فرص في الفيلمين. بعضهم ضيف شرف مثل "بروس ويليس" الذي أضرت نجوميته الفيلم الجديد، بقدر ما أفادته في الفيلم الأول، بسبب صغر حجم الدور وضعف تأثيره. بعضهم يتألق بنفس القدر، مثل "ميكي رورك" الذي يكفل بحضوره وموهبته، لشخصية مارف نفس المزيج الساحر بين العنف والسخرية، حتى لو كانت الجمل والحوارات تمنحه فرصا أقل بمراحل من الجزء الأول في هذه الجزئيات.

جوش برولين يمثل إضافة ممتازة للفيلم الثاني، في دور مناسب تماما لطبيعته الحادة، وهو ما يُمكن قوله أيضا عن "جوزيف جوردون ليفيت" صاحب أفضل قصة في المجموعة كلها، وأكثرهم اقترابا من طابع النوار الذي ميز الفيلم الأصلي. جوزيف ممثل موهوب ولديه قدرة تلقائية على صناعة مزيج فريد بين روح الصبي الأحمق، وروح الرجل العنيد.

لكن كل هذا لا يُقارن نهائياً بنجمة الفيلم الحقيقية إيفا جرين



دائماً تصل متأخرة. ودائماً.. دائماً تستحق الانتظار.

بهذه الكلمات يصف "دوايت" الظهور الأول لـ"إيفا" بينما تطل بشكلها الفاتن الساحر المُعتاد، الذي ازداد بريقاً بفضل التلاعب اللوني المعتاد للشخصيات. قصة إيفا هي الأهم والأطول في الفيلم، وهي أيضا مصدر العنوان الجانبي (سيدة تستحق أن تقتل من أجلها).

ما يميز إيفا كممثلة باستمرار، ليس فقط فتنتها الأنثوية شكلا - وإن كانت فعلا تملك من الجمال والفتنة ما يكفي وحده ليجعلها متميزة - لكن قدرتها على توظيف باقي إمكانياتها كممثلة لتوظيف هذه الفتنة من أجل الشخصية. الصوت.. لغة الجسد.. نظرات العين.. كل هذا يمتزج بقوامها الفاتن وملامحها، ليجعل للشخصية نفسها أثرا مقنعا على المتفرج، يُماثل نفس تأثيره على الرجال في الفيلم.

الجمال الشكلي في النهاية عنصر موجود في عشرات الممثلات، وأغلبهم لا يمانع العُري أو المشاهد الجنسية، لكن قليل منهم يملك الموهبة والذكاء ليمنح الشخصية الكثير خلال هذه المشاهد. بشكل ما تظل الشخصية هى العنصر الحاضر للذهن بدل النجمة نفسها، ولهذا ستجد خطا ما فاصلا بين دورها هنا ودورها في 300: Rise of an Empire رغم تطابق الشخصيتين في العديد من العناصر. أقلية تصل لهذا الفهم وأذكر منهم مثلا القديرة "شارون ستون" في فترة تألقها في التسعينات.

في الحقيقة استمتاعك بالفيلم أو عدمه، سيتوقف إلى حد كبير على درجة سقوطك في سحر شخصية "إيفا". وفي هذه النقطة ومن مقياس (1 - 10) أصنف نفسي كمتفرج بدرجة سقوط (1000)!

للأسف الربع الأخير من الفيلم يخص أضعف قصة وأكثرهم تقليدية، وعندما تبدأ العناوين في الظهور أخيرا، ستتأكد من جديد أن هذا الفيلم لن يصمد في الذاكرة بأي درجة تقارن بالفيلم الأول.

باختصار:
فيلم آخر بتقدير "جيد" في حد ذاته، ينخفض تقديره بشدة بسبب المقارنة الإجبارية بالأصل. إذا كنت من عشاق (إيفا جرين - جوزيف جوردون ليفيت) فمن المرجح أنك ستستمتع به بشكل أكبر.

للتواصل مع الكاتب