التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 06:35 ص , بتوقيت القاهرة

نيويورك تايمز: "درية شفيق" القائدة التى انتزعت للنساء حقوقهن السياسية

استعرضت صحيفة نيويورك تايمز سيرة "درية شفيق" إحدى رواد حركة تحرير المرأة فى مصر فى الخمسينيات من القرن الماضى، مؤسسة إحدى الجمعيات النسائية فى مصر، التى حصلت على الدكتوراه فى الفلسفة من جامعة السوربون ورأت تحرير مجلتين للمرأة ونافست على لقب ملكة جمال مصر.

وقالت الصحيفة الأمريكية، فى بروفايل عن شفيق على موقعها الإلكترونى، اليوم الخميس، إن ما فعلته شفيق فى 19 فبراير 1951، كان له التأثير الأكبر فى التاريخ المصرى، موضحة أنها جمعت نحو 1500 إمرأة فى قاعة محاضرات بالجامعة الأمريكية فى القاهرة فى حشد وصفته "بالمؤتمر النسائى". لكن هذا لم يكن أكثر من مناورة لخداع الشرطة، إذ كان لدى شفيق خطط أخرى.

وأعلنت شفيق، خلال اللقاء وقتها قائلة: "لقاءنا اليوم ليس مؤتمرا لكنه برلمانا. برلمانا حقيقا! من النساء". وفى أعقاب ذلك قادت جيشها من النساء لاقتحام البوابات الرخامية ونحو البرلمان المصرى الذى يسيطر عليه الرجال واصفة إياه بـ"برلمان النصف الآخر من الأمة". ووقفت قائلة فى تحدى لرئيس البرلمان: "نحن هنا بموجب قوة حقنا".

وتسببت مظاهرتها فى غلق البرلمان لأكثر من 4 ساعات حتى تعهد رئيس مجلس النواب بتلبية مطالبهم الرئيسية فى حق المرأة فى التصويت والترشح للبرلمان، بينما لم يلتفت لمطالب أخرى مثل المساواة فى الأجور وإصلاح قوانين الزواج والطلاق.

وبينما حفرت هذه المظاهرة اسم "درية شفيق" بين أكثر النساء المؤثرات فى تاريخ العالم العربى، فإن العديد من المصريات اليوم لم يسمعوا عنها. كما أن ذكراها لا تتجاوز مجموعة من النساء ممن سعوا لإعادة بناء حركة نسوية مستقلة فى مصر.

واختلفت شفيق مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى فرض عليها الإقامة الجبرية عام 1957، وأغلق مجلتها وحركتها النسوية ومحى أى ذكر لاسمها من كتب التاريخ والأخبار.

وتوفت شفيق فى ظروف غامضة فى 20 سبتمبر 1975، حيث ألقت بنفسها من الدور السادس. وولدت القيادية النسوية فى 14 ديسمبر عام 1908 بطنطا، وبعد انتهاءها من الابتدادية فى مدرسة تديرها البعثة الفرنسية بالإسكندرية وجدت أن المراحل التعليمية الأعلى مخصصة للذكور فقط، لذلك درست بنفسها وأكملت امتحانات المناهج الفرنسية الرسمية، مما أُجبر المدرسون الذين رفضوها على الاعتراف بأنها حصلت على أعلى الدرجات فى مصر.

واستنادا إلى قوة هذا الأداء، طلبت شفيق المساعدة من هدى شعراوي، وهى ارستقراطية كانت قد نظمت حركة نساء من النخبة لتشكيل الاتحاد النسائى المصرى، الذى طالب بالحريات الاجتماعية للمرأة وأيد الاستقلال عن بريطانيا. لكن على عكس شفيق، لم تضغط شعراوى من أجل الحقوق السياسية للمرأة ولا يزال يحتفى بها كبطلة قومية.

وساعدت هدى شعراوى تلك الطالبة المجتهدة للحصول على منحة حكومية لدراسة الفلسفة فى جامعة السوربون بباريس. وبعد عودتها من الأسكندرية فى صيف 1935، قررت شفيق خوض مسابقة ملكة جمال مصر. ووقتها كان يركد معلمو الإسلام على فضيلة الحياء، بما فى ذلك التغطية الكاملة لأجساد النساء وشعرهن، ولم تشارك فى المسابقة سوى النساء الأوروبيات أو القبطيات، لذا كانت شفيق أول مسلمة تشارك.درية شفيق خلال الأضراب عام 1954

درية شفيق خلال الإضراب عام 1954

وخاضت السباق دون إبلاغ عائلتها، وحصلت على المركز الثانى، غير أن الصحافة اعتبرت الأمر فضيحة. وقالت شفيق فى وصفها لما قدمته الصحافة عنها، ذلك وفقا لما ورد فى سيرتها التى كتبتها سينثيا نيلسون: "كنت بنت مسلمة عملت ضد الإسلام!"

وأثناء دراستها فى باريس، التقت وتزوجت نور الدين رجائى، الذى كان حاصلاً على درجة الدكتوراه فى القانون التجارى وأنجبت ابنتان  عزيزة وجيهان. حصلت شفيق على الدكتوراه عام 1940، لكن الجامعة الوطنية فى مصر رفضت منحها منصبًا تدريسيًا، على ما يبدو بسبب جمالها وأعرافها الليبرالية إذ ربما رأى البعض أن ذلك سيضر بسمعتها العلمية. وقالت نيويورك تايمز، إنه حتى شعراوى أقصت شفيق من الاتحاد النسائى النخبوى وربما يعود ذلك لخلفيتها الطبقية.

وقامت شفيق بعد ذلك بإطلاق حركتها النسوية "إتحاد بنت النيل" الذى خصص دعوته لتعليم الفتيات وتنظيم عمل المرأة من كل الطبقات. وكتب شفيق: "لن يحقق أحد حرية المرأة إلا المرأة نفسها. قررت أن أقاتل حتى آخر قطرة دم لكسر قيود النساء فى بلادى".

وفى وقت اعداد لجنة مشكلة من قبل حكومة الثورة لإعداد دستور مصرى جديد عام 1954، احتجت درية شفيق لعدم وجود امرأة واحدة بين أعضاء اللجنة، وقامت برفقة نساء أخرىات بإضراب عن الطعام لمدة 10 أيام. فى رسائل إلى الحزب الحاكم ، بحسب تقرير نيويورك تايمز فى مارس 1954، قالت شفيق: "نحن مقتنعون بأن النساء اللواتى يشكلن أكثر من نصف الأمة المصرية يجب ألا يخضعن، بأى ثمن، لدستور لا يلعبن فيه أى دور". واستطاعت على إثر هذا الإضراب انتزاع حقوق سياسية للنساء.