التوقيت الأحد، 25 مايو 2025
التوقيت 03:29 م , بتوقيت القاهرة

هل تعرف معنى "صولو"؟

اللحن الموسيقي الكلاسيكي يبنى عادة على جماعية الأداء، ولكن في أوقات كثيرة هناك آلة تؤدي دور البطل للجملة المعزوفة، بمساعدة باقي الأوركسترا أو دون مساعدتهم، وتسمى الجملة المنفردة بـ"صولو".


في كرة القدم، يؤدي الفريق الجيد بشكل جماعي متناغم، ولكن دائما هناك لاعبا موهوبا يلعب في ثلث الملعب الأخير، يؤدي جملا بشكل منفرد أو بمساعدة زملائه، كمثل الآلة التي تعزف جملة الصولو.


الآلة التي تؤدي الصولو عادة هي التي تنتزع الآهات من الجماهير، سواء في كرة القدم أو الموسيقى. هذا حقها؛ لأنها التي تحرز الهدف في مرمى قلوبهم، وتنهي الجملة. هي الحلقة الأخيرة في المسلسلات العربية، التي لا يمكن أن تنساها، رغم نسيانك لكثير من الأحداث التي سبقتها في حلقات أخرى.


هناك من قال إن الحياة عبارة عن صولو، كالفيلسوف الألماني نيتشه، الذي يرى أن المجتمع وجد ليخدم الأفراد المميزين، ولو أنه استعان بالموسيقى وكرة القدم في شرح نظريته لأمكنه التأكيد بشكل أكبر على ذلك، من خلال فكرة الصولو والهداف.


اليوم 30 أكتوبر هو يوم الصولو. هو يوم الهداف؛ ففيه ولد اثنان من عظماء كرة القدم:


(1)
في قرية قرقيرة بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية ولد محمود الخطيب، في مثل هذا اليوم من عام 1954. وهو بدون تعصب أو تحيز أعظم من أنجبت مصر في كرة القدم؛ فهو المصري الوحيد الحاصل على جائزة "فرانس فوتبول" كأفضل لاعب في إفريقيا. ميشيل بلاتيني، أفضل لاعب في العالم موسم 84/85، وأفضل لاعب أوروبي في أعوام 83،84،85 قال إن الخطيب هو اللاعب في الوحيد الذي يشبهه. الخطيب هو اللاعب الوحيد المتكامل، فتجده هدافا في منطقة الجزاء، وصانعا للألعاب، يمناه مثل يسراه، ورأسه كما قدمه، وفوق كل ذلك صاحب بنية قوية وقوام طويل. أضف إلى كل ذلك أنه لم يحصل في حياته سوى على إنذار واحد، ولم يطرد من أي مباراة.



كما كان الخطيب صولو رائع في الأداء كانت مباراة اعتزاله أيضا صولو. 120 ألف مشجع داخل استاد القاهرة، ومثلهم لم يستطع الدخول. الجميع في هتاف واحد " لا يا بيبو لا"، رافضين اعتزاله، وهو وسطهم يبكي، في وداع لم يسبق له مثيل على الأقل في مصر إن لم يكن في العالم.



(2)
أحيانا تجد فريقا موسيقيا يقوده عازف لآلة معينة، هذا العازف هو نفسه مؤلف المقاطع الموسيقية التي تعزفها الفرقة، وغالبا تجد التوزيع الموسيقي لسينفونياته مبني بشكل كبير على الآلة التي يعزفها. أي أنه مؤلف الموسيقى وعازفها شبه الوحيد، رغم وجود الأوركسترا... وفي كرة القدم هناك شبيها واحدا لهذه الحالة، إنه ديجو أرماندو مارادونا، المولود في مثل هذا اليوم من عام 1960.


هو لاعب بحجم فريق، لا يحتاج أحدا ليصنع له لعبة، ولا يحتاج مهاجما لإنهاء لعبته. وحده يستطيع بداية هجمة من ملعب فريقه وإنهائها في مرمى خصمه. وحده استطاع أن يجعل فريق نابولي الإيطالي له اسمه في الدوري الإيطالي ويفوز بعدة ألقاب، لدرجة أن إدارة النادي قررت إلغاء رقم "10" بعد تركه الفريق. وحده وبمعاونة فريق متوسط المستوى، استطاع أن يجلب للأرجنتين كأس العالم عام 1986.


كثيرون يعتبرونه أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم ويرونه أفضل من بيليه البرازيلي، ولولا إدمانه المخدرات، وانحرافه عن التركيز في كرة القدم لفعل أضعاف ما فعل.



أعتقد أن التاريخ في 30 أكتوبر يحتاج أن يمحو من دفاتره أحداثا كثيرة لينتبه العالم ويركز في استمتاعه بالخطيب ومارادونا. هناك أحداث كان من المفترض أن أتناولها في حلقة اليوم من "حدث في مثل هذا اليوم"، ولكني أردت أن تكون هذه السطور خالية من أي ملوثات.