قلعة الروبيكي للجلود.. إنجاز مصري يستعد لغزو العالم


60 كيلو متر، هي المسافة بين القاهرة ومدينة الروبيكي، قلعة صناعة الجلود في الفترة القادمة، والتي تقع على طريق القاهرة- السويس، وتبلغ مساحتها 1629 فدان.
"دوت بيزنس" انتقلت إلى الروبـيكي، لترصد آخر التحضيرات تمهيدًا لافتتاح المرحلة الأولى منها، والتي انتهت بنسبة 100%، وتنتظر انتقال أصحاب المدابغ من سور مجرى العيون إليها، ليتم افتتاحها في أغسطس القادم.
مدخل المدينة
بوابة ضخمة تحمل اسم المدينة، تقف للحظات لتتأمل حجمها وتصميمها الجميل، مباني زرقاء تمتد إلي نهاية البصر دون أن تدرك نهايتها، خلية نحل من العمال في كل مكان، أشجار على جانبي الطرق ومساحات خضراء.. هنا "مدينة الروبـيكي" قلعة صناعة الجلود العالمية بأيادي مصرية.
سبب التسمية
بحثنا وراء اسم القلعة، ولماذا أطلق هذا المسمى على مدينة الروبـيكي؟، فجاءنا الرد من أحد العمال ويدعى أحمد عبد الرازق، قائلاً "كل حاجة هنا كبيرة وضخمة، البوابة والسور والمصانع والمعدات".
وأضاف عبد الرازق أن عمال المنطقة أول من أطلق عليها هذا الاسم قبل أن تقوم الحكومة بإطلاقه على المدينة وتسميتها "قلعة صناعة الجلود المصرية".
يقول أحمد إنه بدأ العمل في المشروع منذ انطلاقته في عام 2016، منذ أن كانت المنطقة صحراء، ولكن الآن، بعد مرور عام، ترى المباني والمصانع والتشجير في كل مكان، إضافة إلى رصف الطرق، ووصول الخدمات.
مكونات المشروع
يتكون المشروع من 3 مراحل.
المرحلة الأولى من المشروع
بلغت تكلفة المرحلة مليار جنيه، وتبلع مساحتها 160 فدان، وتضم 84 وحدة صناعية، هنجر يستوعب أكثر من 320 مدبغة بمختلف المساحات تبدأ من 48 مترا وحتى 6500 متر، وهي مخصصة لنقل أصحاب مدابغ مجرى العيون.
وتم الانتهاء من عدد كبير من الهناجر، وانتقل عدد من أصحاب المدابغ بمجري العيون إليها.
رحلة داخل أحد الهناجر
بمجرد أن تطأ قدميك أحد الهناجر، تجد عدد من العمال يقومون بتجهيز الجلود استعدادًا لصباغتها، كما تجد عدد من الأعمدة الخرسانية مصممة لتحمل البراميل الخشبية التي تستخدم في الدباغة، إضافة إلى عدد من الماكينات التي تستخدم في الصناعة منها، مقشطة للجلد ومواتير، ومكابس.
المرحلة الثانية من المشروع
تقع على مساحة 116 فدانا، وهي مخصصة لإجراء توسعات للمرحلة الأولى، وجذب الاستثمارات في مجال الصناعات المغذية لصناعة الجلود، وعلي رأسها الكيماويات، وتتولى الآن عدد من شركات المقاولات عملية ترفيق المرحلة، بتكلفة تصل إلى 200 مليون جنيه.
المرحلة الثالثة من المشروع
تبلغ مساحة المرحلة 235 فدانًا، وتختص بالصناعات النهائية للجلود التي يتم صناعتها في المدابغ، مثل صناعة الأحذية والشنط والجواكيت، والتي يتوقع أن تكون هذه المرحلة "بوابة جديد لرفع قيمة الصادرات المصرية من المنتجات الجلدية"، خلال الفترة القادمة.
المصانع بدأت في العمل
لاحظت "دوت بيزنس" خلال جولتها بمدينة الروبيـكي، أن عددًا من المصانع يتم وضع العمدان الخرسانية بداخلها تمهيدًا لبدء العمل، وعددًا آخرًا بدأ العمل بالفعل وقام بنقل معداته.
عبد الرحمن الأسيوطي، صاحب مدبغة بمنطقة سور مجرى العيون، وأحد المنتقلين الجلود بالروبيـكى، وصف المشروع بـالأسطوري، الذي انتشلهم من مستنقع الفقر والجريمة والتحديات الصعبة للصناعة، ليضعهم علي طريق العالمية في صناعة الجلود.
وقال "كنا نعمل في ظروف غير آدمية علي الإطلاق، صعوبات وحروب في الحصول علي المادة الخام وإدخالها إلي المدابغ، نتيجة وجود عدد كبير من العربجية والبلطجية، وعربات الكارو، وكان تحديًا كبيرًا أن تقوم بإدخال موادك الخام أو إخراج منتجاتك دون وقوع أي اشتباكات مع البلطجية".
ويضيف الأسيوطي أن الدولة وفرت كل شيء في مدينة الروبيـكي، لتضع هذه الصناعة على طريق العالمية، وتفتح بابًا جديدًا لإحياء صناعة قاربت على الانقراض بسبب الإهمال، بجانب أنها وفرت الأمن الذي كنا نفتقده في منطقة مجرى العيون، إضافة إلي وجود الكهرباء 24 ساعة ولاتنقطع أبدًا، بجانب وجود وحدة إطفاء في المنطقة، وهذا لم يكن موجودًا في مجرى العيون، لأنه في حالة حدوث حريق كانت عربات الإطفاء تستغرق وقتًا كبيرًا للوصول نتيجة ضيق الشوارع.
من جانبه، أشار محمد الحداد، مدير أحد المصانع في الروبيـكي، إلى أن الدولة وفرت جميع المميزات لكي تجذب أصحاب المدابغ من مجرى العيون إلى هنا، فقامت بتسليم أرضيات المصانع بكامل التشطيبات وبقواعد الماكينات.
وأضاف أنه كان من معارضي فكرة الانتقال من مجرى العيون نتيجة ظنه بعدم وجود خدمات، وبعد المسافة، إلا أنه بعد أن رأى بعينه ما فعلته الحكومة في الروبيكي، أصبح يحكي لأصحاب المدابغ عن حجم الإنجاز ويحثهم على الانتقال.
أبو الوفا صاحب مدبغة انتقل إلى مدينة الجلود بالروبـيكى، يحكي عن تجربته في الانتقال، قائلاً "إن الحكومة تضع كل شيء بين أيدي أصحاب المدابغ لمساعدتهم على الانتقال، كما تقوم الشركة المسئولة عن المدينة بحل أي مشكلة تحدث للأصحاب المدابغ".
وأوضح أن انتقال عدد كبير من أصحاب المدابغ إلى المدينة الجديدة أتاح لهم التوسع في صناعتهم والحصول على مساحات إضافية توفرها الحومة لهم للتوسيع مصانعهم بأسعار مخفضة 2000 جنيه للمتر.
الرئيس والحكومة يتابعان بشكل دائم
يولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، اهتمامًا كبيرًا للمشروعات القومية، وعلي رأسها مدينة الروبيكي لما تمثله من أهمية في المحافظة على صناعة الجلود في مصر، والتي تعتبر نموذجًا للمناطق الصناعية المتخصصة عند الانتهاء منها بشكل متكامل، ومساهمتها بفعّالية في الارتقاء بهذه الصناعة المهمة.
ويظهر هذا في اجتماعات الرئيس مع طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، ففي آخر الاجتماعات، استعرض وزير التجارة والصناعة، الموقف التنفيذي لعملية نقل وتسكين المنشآت الصناعية الخاصة بالجلود إلى مدينة الروبـيكي، وأوضح أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى بالكامل، وجاري تخصيص أماكن بالروبيكي لمُصنعي الجلود الراغبين في الانتقال إليها من منطقة مجرى العيون.
وأضاف قابيل أنه جارى العمل على إنشاء القواعد الخرسانية للماكينات التي سيتم تركيبها بالمنشآت الصناعية بالروبيكي، وذلك تمهيداً لنقل وتركيب باقي المعدات الخاصة بتلك المنشآت، لافتاً إلى أنه من المنتظر أن يبدأ أكبر 12 مصنعًا للجلود في العمل بمدينة الروبـيكي بحلول شهر سبتمبر القادم، والذين يمثلون نحو 80% من طاقة دباغة الجلود في مجري العيون، إضافة إلى الانتهاء من إدخال المرافق الأساسية لنحو 40% من الأراضي المخصصة بالمرحلة الثانية بمدينة الروبيكي.
ووجه الرئيس بمواصلة العمل على نقل المنشآت الصناعية المتخصصة في الجلود من منطقة مجري العيون إلى مدينة الروبيـكي وتوفير التسهيلات اللازمة لذلك، مشددًا على ما سبق أن تم إعلانه بشأن التزام الدولة بتحمل تكلفة نقل وتركيب المنشآت الصناعية التي ستنتقل إلى مدينة الروبيكي قبل نهاية شهر أغسطس القادم.