التوقيت الثلاثاء، 06 مايو 2025
التوقيت 10:25 ص , بتوقيت القاهرة

مئوية "جناق قلعة".. تحكي آخر انتصارات تركيا

"من لم يع نصر جناق قلعة لا يمكنه فهم تركيا"، هذا ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل أيام من الذكرى المائة لمعركة "جناق قلعة"، التي تعرف بمعركة "جاليبولي"، وتوافق غدا الأربعاء.


وتسرد معركة "جناق قلعة" أخر انتصار عسكري للجيش التركي، في عام 1915 بمنطقة مضيق الدردنيل بمدينة اسطنبول، في معركة بحرية ضد قوات التحالف، التي ضمت كل من بريطانيا واستراليا ونيوزيلندا وفرنسا، وأسفرت عن مقتل 90 ألف جندي عثماني، و55 ألفا من قوات التحالف.



مشاهد المعركة


وضع وزير البحرية البريطاني آنذاك، وينستون تشرشل، خطة تقضي باختراق مضيق الدردنيل وصولا إلى مدينة اسطنبول للسيطرة عليها وفتح مضيق "البوسفور" أمام قوافل الإمداد لنجدة الروس.


وبدأ الهجوم البحري في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1914، لكنه انتهى بعد أشهر بهزيمة شنيعة، بسبب الألغام البحرية المزروعة في المضيق وسيطرة المدفعية العثمانية عليه.


وقد اشتركت فرنسا إلى جانب انجلترا في الهجوم بقوة بحرية قادها الجنرال غورو، الذي انسحب من المعركة بعد أن بترت يده اليمنى بشظية قذيفة عثمانية، وقرر الحلفاء بعد فشلهم في البحر اللجوء إلى الإنزال البري لاحتلال شبه جزيرة جاليبولي المتحكمة بالمضيق.



وبدأت العمليات البرية في الخامس والعشرين من أبريل/نيسان عام 1915، والتقى على أرض المعركة مئات الألوف من الجنود من الطرفين،‏ وجندت الدولة العثمانية للدفاع عن عاصمتها فرقا من جميع ولاياتها، وكان نصيب ولاية حلب منها فرقتين هما الفرقة الرابعة والعشرون والسادسة والعشرون.‏


وجرت أهم معارك شبه جزيرة جاليبولي في منطقة "أنافارتالار"، حين قرر قائد قوات الحلفاء، الجنرال إيان هاملتون، أن ينهي المعركة بهجوم كاسح في التاسع من أغسطس/آب 1915 بعد أن تمكن من السيطرة على قمة "شونك بير" الاستراتيجية التي تسيطر على أرض المعركة.



لكن القائد العثماني اتخذ قرارا جريئا بالمبادرة بالهجوم على قوات الحلفاء المتمركزة على تلك القمة، وقاد في فجر اليوم نفسه معركة أسطورية حولت النصر المرتقب للحلفاء إلى هزيمة.


ويصف المؤرخ العالمي، أرمسترونج، اندفاع المشاة العثمانيين خلف قائدهم في كلمات معبرة "واندفعوا موجة بعد موجة وكأنهم الوحوش المزمجرة وبأيديهم الحراب مشرعة ثم هجموا على الفرقتين الإنجليزيتين فأبادوهما وواصلوا التقدم نحو السفح المواجه للبحر".


وتابع "عندها أطلق الأسطول الإنجليزي نيرانه عليهم فأحدث في جموعهم ثغرات كبيرة، لكن النصر كان قد حدث". ففي ذلك اليوم اقتنع الحلفاء أن الانتصار في الدردنيل محال فانسحبوا تدريجيا حتى خلت شبه الجزيرة منهم بعد تلك المعركة بثلاثة أشهر.


المشاركة العربية


وأورد كتاب "حلب في مئة عام" للكاتب الشيخ طاهر النعساني، نشره عام 1936 أن "الشباب ذهبوا إبان الحرب العامة إلى ساحات القتال، وتفرقت الأيدي التي كانت تعمل في التجارة والصناعة والزراعة إلى مواطن المعركة حيث وجب درء خطر الأعداء".


فعلى حدود القنال (قناة السويس) وفي جبهة روسيا (القفقاس) وفي منطقة الدردنيل ( جناق قلعة) دافعت الأيدي العربية بحماسة وغيرة وشهامة عن تركيا لأن الفكرة الإسلامية كانت تحتل سويداء قلوب الأكثرية".



بينما أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال كلمته التي ألقاها في الرابع عشر من الشهر الجاري، على الدعم العربي لتركيا في معركة "جناق قلعة"، قائلا: " العدو حاول إدخال سفنه الــ231 وعليها 1155 مدفعية من مضيق جناق قلعة، كان الجيش التركي المتمركز على الخط الساحلي للمضيق، سعى لحماية هذه الأرض بـ60 مدفعية فقط، ورغم عدم التوازن بالأعداد، تمكن الجيش التركي في 18 مارس 1915 من دحر قوات التحالف وانتصر عليهم، وهذا النصر كان بدعم من الشعوب العربية كلها، وبدى رمزا للحمة الإسلامية والتضامن الأممي للشعوب في المنطقة".


احتفال تاريخي


منحت الجهات الرسمية التركية 455 صحفيا من 12 دولة تصاريح لتغطية الاحتفالات المرتقبة، التي ستنظم في 18 من شهر مارس/آذار الجاري في ولاية "جناق قلعة"، حسبما ذكر موقع "أخبار تركيا".


وأفاد بيان صادر عن رئيس مديرية الصحافة والنشر والإعلام بولاية جناق قلعة، مراد درالي، مطلع الشهر الجاري، أن "عدد الصحفيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على تصاريح لتغطية الاحتفالات، بلغ نحو 500 شخص من 12 دولة، ليسجل بذلك رقما قياسيا"، مضيفا "سيشارك صحفيون من تركيا، وأمريكا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، وفلسطين، والجزائر، وأذربيجان، وقطر، والعراق، وإيران، وأستراليا، وبريطانيا لتغطية الاحتفالات".



وستتوج احتفالات الغد بعرض عسكري يقام في ستاد بولاية جناق قلعة، شمال غرب البلاد، يشمل عرضا للجوقة الموسيقية العثمانية "ماهتران"، يليه عرض جوي لطائرات فرقة "النجوم" الاستعراضية التابعة للقوات الجوية التركية.


وتختتم الاحتفالات بزيارة قبور الشهداء الذين سقطوا في تلك المعركة وقراءة آيات من الذكر الحكيم على أرواحهم فضلا عن تلاوة الأدعية.


وسينظم في إطار الاحتفالات سباقا للدراجات الهوائية يومي 4 و5 أبريل/نيسان المقبل، هو الرابع من نوعه، كما ستقيم سلطات الولاية ووزارة الصحة احتفالا بعيد الطب والأطباء الشهداء، في الرابع عشر من الشهر مارس الجاري.


وقال ممثل هيئة الإغاثة الإنسانية بتركيا، عمر إدريس أكدين، مطلع الأسبوع الجاري، إن سفينة "مافي مرمرة" ستشارك في إحياء الذكري المئوية لنصر الأتراك في معركة "جناق قلعة"، وذلك بحملها 350 شخصا من مدينة صامسون شمالي تركيا إلى جناق قلعة شمال غربي تركيا.