التوقيت الخميس، 26 يونيو 2025
التوقيت 08:11 ص , بتوقيت القاهرة

العشوائية تهدد بضياع ملايين الوثائق بـ"دار محفوظات طنطا"

تقبع ملايين الوثائق التي أصيب معظمها بالتلف والضياع، نتيجة الإهمال في طريقة حفظها، داخل غرف متهالكة، حيث يتردد الآلاف من مواطني محافظات مصر يوميًا على "دار المحفوظات" القديمة، والكائنة بمبنى محكمة القضاء الإداري بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، والمسماة قديما باسم "دفتر خانة".


والمتعامل مع تلك الوثائق والملفات عليه أن يعلمه أنه سيتعرض لعاصفة ترابية بمجرد الاقتراب منها، وكلما امتدت يد لتفحص كومة من الأوراق المربوطة بحبل، حتى تنتشر سحابات الأتربة لتحجب الرؤية بالمكان لمدة دقائق فضلًا عن صعوبة التنفس، لتبدأ رحلة عذاب، بحثًا عن المجهول المتمثل في مستندات تخص عائلاتهم، التي لا يتم استخراجها إلا بقرار من المحاكم المختصة وبعض الجهات المعنية، أو بهدف تقديم تلك الأوراق للالتحاق ببعض الكليات، وأحيانًا لإثبات أحقية الباحث عن تلك المستندات في إثبات ملكيته لعقار أو قطعة أرض، باستخراج ما يفيد نسبه.


990


 


وثائق زواج منذ الثلاثينات


 تضم دار المحفوظات، عشرات الآلاف من وثائق الزواج و مثلها من وثائق  الطلاق تعود تواريخ  إصدار بعضها إلى منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، والتي يتم حفظها بطريقة بدائية في بدروم متهالك بمحكمة القضاء الإداري بمدينة طنطا تحاصره أكوام من القمامة بها العديد من المستندات التي تخص المواطنين، فضلا عن إصابة المبنى بطفح مزمن لمياه الصرف الصحي، واعتلت الجدران طبقات الرطوبة، التي من شأنها التأثير على الوثائق بالمبنى، إضافة إلى الحشرات والفئران التي وجدت مرتعًا لها في ظل حالة التردي وإهمال النظافة.


أخطاء في اسم الآباء والأجداد


ومعظم الوثائق المطلوب استخراجها يكون بغرض تغيير أو تصحيح أسماء الآباء والأجداد، أو التواريخ التي سجلت بطريق الخطأ في بطاقات الرقم القومي، وأحيانا لتصحيح خطأ ورد باسم الأم أو الجد، يسعى البعض لتصحيحها من أجل الحصول على وظيفة حكومية أو استخراج جواز سفر، والبعض الآخر يسعى لإثبات حقوقه في الميراث.


طريقة حفظ الوثائق شوائيا  دون تحديد تخواريها


وثائق 3 محافظات في بير سلم


وكانت أكثر الحالات إلحاحًا لاستخراج تلك الوثائق بغرض تصحيح اسم لإثبات أن حكم قضائي يخص شخص آخر؛ حيث   


تضم دار المحفوظات بطنطا، وثائق الزواج والطلاق لمواطني كل من محافظات الغربية والمنوفية وكفر الشيخ، حيث يحصل المواطن على قرار من المحكمة المختصة بتصحيح أو تغيير اسم، وبعد تحديد الرسوم المقررة وسدادها بمحكمة طنطا الكلية يتقدم إلى الموظف المختص بدار المحفوظات وتبدأ رحلة البحث عن المجهول.


يشارك أصحاب الطلبات المقدمة موظفي دار المحفوظات، في رحلة البحث عن المستندات المطلوبة؛ وذلك بالمخالفة للقانون، نظرًا لوجود آلاف الوثائق التي لا يحق لأحد الإطلاع عليها غير صاحب الشأن إضافة إلى أنه يمكن للبعض أن تسول لهم أنفسهم في الاستيلاء على مستندات تخص آخرين، الأمر الذي يؤدي إلى ضياع معها حقوق مادية وتعوق مستقبلهم لارتباط تلك الوثائق في إنهاء إجراءات مصيرية.


يقول عبد الرحمن ناجي، مهندس من مواطني الغربية، إنه حضر إلى دار المحفوظات للمرة الثالثة، بحثا عن وثيقة زواج والده، لتصحيح تاريخ زواج والديه، ومازالت رحلة البحث مستمرة.


وأضاف حسين النجار، موظف، من مواطني المنوفية، أنه لم يعثر على وثيقة طلاق والديه، لافتًا إلى أنه شارك الموظف المختص، في عملية البحث الشاقة في أكوام من المستندات دون جدوى، ولكنه يشعر بالاطمئنان، لأنه يمكن الحصول على إفادة بالبيانات المطلوبة من دار المحفوظات بناء على الصورة الضوئية المعتمدة من المحكمة.


أحد المواطنين يعثر على المستند المطلوب بعد رحلة بحث لأكثر من 20 يوما


معاناة الموظفين


موظفو دار المحفوظات أكدوا  أنهم طالبوا المسؤولين أكثر من مرة بضرورة إيجاد حل لإنقاذ تلك الوثائق من الضياع والتلف، ومحاولة حفظها الكترونيًا بشكل يسهل معه إنهاء طلبات الملايين من المواطنين، إلا أن استغاثاتهم باءت بالفشل في ظل العديد من الوعود الواهية التي حصلوا عليها أكثر من مرة.


ونفس الموقف حدث عندما طالبوا بزيادة عدد الموظفين، لمعاونتهم في إنهاء طلبات المواطنين، وعدم السماح لهم بالعبث بوثائق لا علاقة لهم بها، الآمر الذي أدى إلى عدم العثور على الآلاف من الوثائق في ظل البحث العشوائي وتمزيق معظمها، حيث اضطر موظفو دار المحفوظات إلى السماح للمواطنين بالبحث عن أوراقهم في أكوام من المستندات، بسبب العجز في عدد الموظفين، الذين أسند لمعظمهم العمل بهذا المكان كنوع من العقاب، أو لغضب بعض قيادات العمل عليهم.